أمنيون عن مراكز التأهيل للكليات العسكرية : وضعها غير قانونى.. وأصحابها يهدفون للربح
يوسف وأمين
قال عدد من الخبراء الأمنيين إن ما تقوم به «أكاديميات» التأهيل للكليات والمعاهد العسكرية والشرطية، ما هو إلا نوع من أنواع «البيزنس»، والهدف الأول والأخير لتلك المراكز هو جنى أكبر كم ممكن من الأموال فى «موسم» التقديم لهذه الكليات، فضلاً عن عدم قانونية أوضاعها، وهو ما جعل بعض الخبراء ينادون بضرورة وضع مثل هذه المراكز التأهيلية فى إطار قانونى يحكمها منعاً لحدوث أزمات.
يقول اللواء محمد نجيب، الخبير الأمنى، إن مصطلح «أكاديمية» لا يصح أن يتم إطلاقه على هذه المراكز كما يسمون أنفسهم، نظراً لأنها مراكز غير معترف بها قانونياً، وتظهر خلال موسم معين فى العام، وهو الأمر الذى جعلها تنتشر وبكثرة خلال الآونة الأخيرة، على الرغم من كونها غير متخصصة، حسب ما يرى «نجيب»، الذى عبر قائلاً: «دى مسألة بيزنس أكتر منها تأهيل حقيقى للطالب المتقدم للكليات العسكرية». اكتساب جسم رياضى لا يمكن أن يتم من خلال شهر أو شهرين، حسب ما قال «نجيب»، وهو الأمر الذى يتنافى مع ما تقدمه مراكز التأهيل تلك، ومن ثم فهى أصبحت، وفق رؤية الخبير الأمنى، شبيهة بما يقدمه معلم الدروس الخصوصية للطالب فى ليلة الامتحان، الذى قد يخطئ وقد يصيب، لتتحول المسألة إلى حسبة تجارية: «الكليات الحربية أو الشرطة بتكون عايزة ولد جسمه سليم ورياضى من الأساس مش راح شهر اتدرب فى مكان غير متخصص، دربوه على 5 أو 6 تمارين عشان يدخل يمتحن فيهم وخلاص، وماينفعش يكون الهدف إنى أدى للطالب برشامة يدخل بيها الامتحان». حلول بديلة لا بد أن يتم توفيرها حتى تتمكن الدولة من مواجهة انتشار مراكز غير متخصصة قد تضر بالشباب، حسب ما قال «نجيب»، كان من بينها ضرورة عودة الرياضة مرة أخرى إلى المدارس والجامعات، حيث يكون ذلك بمثابة إعداد حقيقى للشباب بصفة عامة وليس للكليات العسكرية فحسب، ليعبر الخبير الأمنى عن ذلك بقوله: «الموضوع أوسع من كده بكتير، ومحتاج تخطيط دولة وخطة قومية لإعداد الشباب لمواجهة صعاب الحياة، خاصة إن اللى مابيدخلش الكليات العسكرية بيدخل الجيش عسكرى والدولة بتحتاج ليه برضه»، مشيراً إلى أن الرياضة لا بد أن تكون ثقافة عامة فى المجتمع ككل، لأن ذلك حرى بأن يخلق شعباً رياضياً.
«نجيب»: بيزنس أكثر منها تأهيلاً.. وماينفعش يكون هدفها أدِّى الطالب برشامة يدخل بيها الامتحان.. و«أمين»: «عشوائية وبقت عاملة زى اللى بيسيب العلاج الحقيقى ويروح للأعشاب»
اجتهادات بعض الأشخاص ممن يحاولون إيجاد وسيلة لتحسين دخولهم كانت هى الدافع الرئيسى وراء ظهور «مراكز التأهيل للكليات العسكرية» ليس لها علاقة بالمعاهد الشرطية أو العسكرية إطلاقاً، حسب ما قال اللواء أشرف أمين، الخبير الأمنى، وعلى الجانب الآخر كان هناك أهالى وشباب لديهم رغبة فى الالتحاق بركب الكليات العسكرية، وهو ما يجعلهم على استعداد للتعلق «بقشاية» فى سبيل وصولهم إلى مبتغاهم، ما جعلهم، وفق «أشرف»، فريسة لأشخاص قل فيهم من يراعى ضميره: «العملية عشوائية وبقت عاملة زى اللى بيسيب العلاج الحقيقى ويروح يدوّر على دوا بالأعشاب». نتائج عكسية، حسب «أشرف»، قد تأتى بها مثل هذه المراكز، وبدلاً من أن تكون عوناً له فى طريقه إلى إحدى الكليات العسكرية، تقف أمامه حجر عثرة، تعيقه عن هدفه المنشود، ونظراً للأعداد المتزايدة باستمرار عاماً بعد عام، من المتقدمين إلى الكليات والمعاهد العسكرية، أصبح هناك «انتهاز فرص» أشار إليه «أشرف» فى حديثه، من قبل معظم الصالات الرياضية فى مختلف المحافظات، والتى تتحول فى «مواسم التقديم» إلى معاهد تأهيل، من خلال فكرة عامة عن متطلبات التقديم، الأمر الذى يحصرهم فى نهاية المطاف فى إطار ضيق وجزء ضعيف لا يفى بالمطلوب.
بعض رياضيين أو بعض ضباط سابقين، يكونون هم القائمين على مثل هذه المراكز فى أغلب الأحيان، حسب ما قال «أشرف»، معتمدين فى ذلك على خبرتهم فى هذا الشأن، وهى الطريقة التى لا ترتقى من وجهة نظر الخبير الأمنى إلى المشروعية، ويجب أن تكون مثل هذه الأمور مقننة، أو أن تقوم الكليات العسكرية نفسها بعمل أفرع تأهيل للطلاب، حتى لا يقع الشباب تحت طائلة النصب، وينهى حديثه بنبرة مغايرة لما بدأ بها قائلاً: «إحنا حتى مش عارفين المراكز دى بتخضع لمين ولا حتى مين اللى مفروض يراقب عليها». اعتقاد المواطنين بأن مثل هذه المراكز لها علاقة مباشرة بالأجهزة الأمنية أو الكليات العسكرية نظراً لالتحاق عدد من طلابها بهذه الكليات، كان أكثر ما يخيف الدكتور إيهاب يوسف، الخبير فى إدارة المخاطر الأمنية، لأن هذا يظهر نوعاً جديداً من النصب أو الاحتيال على المواطن، ومن ثم يجب أن يعرف المواطن أن هذه المراكز ليس لها أى علاقة بالسلطة، معبراً بقوله: «طبيعى أن طلاباً من عندهم يدخلون كليات عسكرية، بس هما بيستغلوا الصدفة دى فى الترويج ليهم، وبالتالى هما كده بيعملوا بيزنس مرتبط بالسلطة».
مجهودات فردية كانت خلف إنشاء تلك المراكز، حسب ما قال «إيهاب»، ومن ثم كثرت الأخطاء التى حدثت خلال الآونة الأخيرة، وكان آخرها غرق شاب فى حمام سباحة إثر تدريب خاطئ على قفزة ثقة من أحد مراكز التأهيل، وذلك لكونهم غير متخصصين، يتعلمون من الأخطاء التى يرتكبونها فى الطلاب المتقدمين إليهم، ما قد ينتج عنه إصابة أحد الطلاب بعاهة أو ربما يفارق الحياة، لينهى الخبير الأمنى حديثه قائلاً: «إحنا دايماً بنحب نحط نفسنا فى المنطقة الرمادية ونحاسب الناس بعد وقوع الأزمة، يجب تقنين وضع المراكز دى، وإنه يكون فيه معاهد معتمدة من الكليات العسكرية».