اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.. جدوى مشاركة وانضمام مصر لمجموعة «بريكس»
الرئيس السيسي والرئيس الصيني
يشارك الرئيس عبدالفتاح السيسي في اجتماعات الدورة التاسعة لقمة دول "بريكس"، تلبية لدعوة من الرئيس الصيني "شي جين بينج"، للمشاركة في القمة المقامة في مدينة شيامين الصينية، والتي بدأت أعمالها، أمس، وتستمر لمدة يومين بهدف إصلاح الخلل في النظام الاقتصادي العالمي وتدعيم صوت دول الجنوب في المحافل الدولية.
وتضم مجموعة "بريكس"، الصين والهند والبرازيل وروسيا وجنوب إفريقيا، حيث تسعى القمة في عقدها الثاني الذي يحمل عنوان "بريكس: شراكة أقوى لمستقبل أفضل" إلى بناء منصة أوسع للتعاون المفتوح، وخلق وضع جديد للتنمية المشتركة بين أسواق الدول الناشئة والنامية.
وكان انضمام مصر لمجموعة "بريكس" حلمًا مصريًا منذ تكوين هذا الحلف الاقتصادي خلال اجتماعًا للتجارة العالمية في المكسيك، وأرجع خبراء في العلاقات الدلية، أن الوفد المصري المشارك في الاجتماع لديه الرغبة في الانضمام، إلى أن جاءت التعليمات من القيادة السياسية وقتها بعدم الانضمام للحلف، نزولًا على رغبة الولايات المتحدة، التي مارست ضغطًا سياسيًا على عدد من الدول بعد الانضمام للحلف، وبناءً على هذه الواقعة تأخرت مصر في الانضمام لهذا الحلف الذي أصبح أكبر تكتلا اقتصاديا، يضم دولًا أصبحت تنافس الولايات المتحدة اقتصاديًا كالصين.
وعن الجدوى الاقتصادية من انضمام مصر لـ"بريكس"، أوضح خبراء أن التوجه المصري الجديد يأتي بفتح مجالات التعاون مع البريكس بما يعود على مصر بمكاسب كبيرة، حيث إن أكبر الأسواق الواعدة في العالم سوف تفتح أبوابها أمام مصر للتصدير، كما أن استثمارات هذه الدول التي لديها فوائض ستزيد في مصر في حال الانضمام، ولكن انضمام مصر لهذا التحالف سيتطلب منها الدخول في مفاوضات مع دول المجموعة، ومناقشة وبحث الالتزامات التي تفرض على الدول المنضمة للحلف، حيث إن فرصة مصر للانضمام ليست ضئيلة ولكن هناك بعض المعوقات في المناخ الاستثماري في مصر والتي تدركها الحكومة جيدًا، وتعمل على حلها ومواجهة كل العقبات التي تواجه الاستثمار، بدليل تعديل قانون الاستثمار ولكن الأمر يتطلب تعديل وتغيير عدد آخر من القوانين.
ولعل أهم مزايا هذه المجموعة، أنه يمكن تسوية المدفوعات الناتجة عن التجارة البينية بين لدول الأعضاء فيما بينهم باستخدام عملات هذه الدول دون الحاجة لاستخدام الدولار أو اليورو أو الين أو الإسترليني عملات الاحتياطي الدولي.
وتتمتع مصر بعلاقات متميزة وغير مسبوقة مع الدول الثلاث الكبار في "بريكس" وهم الصين والهند وروسيا، ويمكن أن تستفيد من هذه العلاقات في دعم طلب الانضمام، فضلًا عن مكانتها الاستراتيجية المهمة في الشرق الأوسط والعالم العربي وشمال إفريقيا، وهي نقطة جذب لـ"بريكس" كتجمع سياسي، فمصر تملك أيضًا إمكانات اقتصادية هائلة، وانتزعت من جنوب إفريقا لقب ثاني أكبر اقتصاد في إفريقيا (بعد تيجيريا) في العام الماضي، وبالرغم من أن جنوب إفريقيا استعادت اللقب مرة أخرى، فإن دراسة حديثة لصندوق النقد الدولي صدرت الشهر الماضي.
وأشارت إلى أن المستقبل في مصلحة مصر مقارنة بجنوب إفريقيا التي تعاني العديد من الأزمات الاتقصادية والسياسية الممتدة، وأنه مع الارتفاع المطرد في معدلات النمو الاقتصادي بمصر عكس جنوب إفريقيا يضاف لذلك أن دولًا أخرى في "بريكس" مثل البرازيل وروسيا تعاني من نمو اقتصادي سلبي، فمن ثم قد تكون هناك رغبة في ضم اقتصاديات ناشئة جديدة لهذا التجمع.
لذا يمكننا القول إن انضمام مصر لدول "بريكس" قابل للتحقيق، بعد تحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي يضمن رفع معدلات النمو لمستويات تنافسية على الصعيد الدولي.
- الجدوى السياسية من انضمام مصر لدول "بريكس":
تماشيًا مع سياسة مصر الخارجية في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي التي تنتهج دبلوماسية منفتحة تجاه كل الدول، ساعية لتحقيق شراكات استراتيجية على جميع الأصعدة تصب بالأساس في خدمة المصالح القومية العليا لمصر، فإن الانضمام لـ"بريكس" له مكاسب سياسية عديدة، فهو تأكيد على أن مصر أصبحت ذات قرار سياسي مستقل تسعى لإقامة علاقات متزنة مع كل الأطراف، إضافة إلى أنها تعتبر رسالة ضمنية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وخصوصًا بعد قرار قطع المعونة الأمريكية عن مصر، أنه دائمًا ما يكون هناك بدائل متاحة أمام مصر وأنها لن تخضع لأوراق الضغط كما حدث في الماضي.
وعلى الصعيد العسكري، فإن الاتجاه نحو الشرق سيضمن لمصر تنوع مصادر السلاح، وهو الدرس الذي أدركته القيادة السياسية بأن احتكار دولة بعينها توريد السلاح لمصر يفضر عليها العديد من القيود السياسية لاسيما أن توازنات القوى الكبرى تتحكم في توريد السلاح، حيث اعتمدت مصر على الولايات المتحدة عقب اتفاقية السلام مع إسرائيل في التزود بالسلاح، في الوقت الذي تتعهد فيه الإدارات الأمريكية المتعاقبة على ضمان التفوق العسكري النوعي لإسرائيل على جيرانها.
يأتي ذلك إضافة إلى حصول مصر على حصص تسويقية أو تأييد تسويقي في المحاكم العالمية بالكامل، سواء باتخاذ قرار سياسي أو ترشيح مواطن مصري لمنصب في مجلس الأمن أو الأمم المتحدة أو غيرها، حيث إنه يمكن استغلال ترشيح السفيرة مشيرة خطاب لرئاسة نظمة "يونسكو" للترويج لمصر سياسيًا وللحصول على مزيد من الأصوات لدعمها في الانتخابات، فضلا عن البروتوكولات والاتفاقيات التي توقعها بين مصر والدول المختلفة، والتي يمكن استغلالها للتأثير على الاقتصاد العالمي.