«سفاجا».. غرفة عمليات معطلة وغياب طبيب التخدير.. والإسعاف بـ«أكسجين السمكرة»
عجز فى عدد الأطباء داخل مستشفى سفاجا
أنابيب الأكسجين مركونة على الجدران تحت حرارة الشمس، وجراكن الغسيل الكلوى على الأرض بين البنايات وأسقف خشبية مكسورة ملقاة بإهمال على الأرضية، وأَسرّة مدمرة فى الطرقات، كابلات الكهرباء تمتد بين البنايات مكشوفة، هذا هو ملخص المشهد العبثى الموجود فى مستشفى سفاجا الذى يفتقد كل مقومات رعاية المرضى سواء من المواطنين أو العابرين؛ نظراً لأن سفاجا هى أكبر موانى مصر على البحر الأحمر وتعج بحركة السفر ذهاباً وعودة بشكل يومى ورغم كل ذلك فالمستشفى يعانى من نقص المستلزمات وغياب الأطباء الأكفاء والأجهزة الطبية معطلة.
جراكن مياه الغسيل الكلوى على الأرض وتحويل حالات الحوادث إلى مستشفيات الغردقة والمدن المجاورة لعدم وجود أطباء.. والمشرحة لا تستوعب أكثر من 10 جثث
المستشفى ليس اسماً على مسمى لكنه يعانى من نقص أطباء الرعاية المركزة، والتخدير، والعظام، والجراحة، ولا يوجد به سوى أطباء باطنة ونساء، والقوة الأساسية لا تتعدى 12 طبيباً فقط ومعظم الأطباء نواب وليسوا إخصائيين.
توجه محمد عاشور برفقة صديقه «أحمد» نحو المستشفى بعدما سقط والده مغشياً عليه بسبب السكر وبعد حجزه بالمستشفى كان يحتاج إلى جلسة أكسجين، ولم يجدوا أسطوانة أكسجين فى المستشفى لاستخدامها، ولإنقاذ الموقف لم يجد الشاب وصديقه حلاً سوى الذهاب إلى ورشة «سمكرة ودوكو» ليحصلا منها على «أنبوبة» لحام أكسجين، لاستخدامها فى إسعاف الوالد، ولكن المحاولة لم تفلح واضطرا لنقله إلى مستشفى الغردقة.
وقال «عاشور»، لـ «الوطن»، إن هناك نقصاً كبيراً فى القوى البشرية بالمستشفى، فلا يوجد سوى طبيب أمراض نساء، ولا يوجد طبيب تخدير، ورغم وجود غرفة عمليات مجهزة بالمستشفى فإنها لا تجرى بها أى جراحة بسبب عدم وجود أطباء، ولا يوجد أطباء رمد ولا أنف وأذن وحنجرة، مضيفاً أن هناك الكثير من المعدات، موجود بالمستشفى ولكن لا يوجد أطباء للعمل عليها «وأى واحد بييجى من حادث بيتم تحويله للغردقة»، ودائماً الرد يكون: «الدكتور مش موجود.. طب المستشفى كده تحول لمركز تحويل إلى المستشفيات الأخرى».
ويحكى «محمود مختار»، شاب فى العقد الرابعة من عمره، ويمتلك مطعماً متاخماً لسور المستشفى، أنه مر بالكثير من المواقف والمشاهدات داخل المستشفى، ولكن أصعبها على الإطلاق، كان حين توفى 11 فرداً فى حادث تصادم على طريق «سفاجا- قنا»، لكنهم لم يجدوا فى المشرحة مكاناً لوضع الجثة رقم 11، بسبب عدم وجود أماكن فى الثلاجات سوى لـ10 جثث فقط، وظل الجثمان فى ساحة المستشفى، رغم وجود جميع قيادات المحافظة بسبب بشاعة الحادث، وتابع: «إحنا طول الوقت معرضين للحوادث.. تخيل لو حصل حادث فى الميناء غرق سفينة -لا قدر الله- هنودى جثامين الناس فين!!».
الدكتور محمد الشيخ، مدير مستشفى سفاجا، لم ينكر الوضع المتردى الذى يعانى منه المستشفى، مؤكداً أنه أرسل العديد من التقارير للإدارة الصحية، لحل أزمات المستشفى المتكررة، فى ظل موقعه المحورى بالقرب من ميناء سفاجا، ومع ذلك فهو يعانى من تعطل الأجهزة الطبية كجهاز الأشعة المقطعية ونقص الإمكانيات والخامات فى معمل الكيماويات، بجانب النقص الكبير فى الكوادر البشرية والطبية الذى يعانى منه المستشفى.
«الشيخ»: نعانى من تعطل الأجهزة الطبية ونقص الإمكانيات والخامات فى معمل الكيماويات وضعف الكوادر البشرية.. و«جابر»: القوة الأساسية بالمستشفى لا تتعدى 12 طبيباً ومعظمهم نواب وليسوا إخصائيين
وأضاف مدير المستشفى أن أكثر المواقف التى يعانى منها هى حوادث التصادم الكبرى، ويتذكر أنه حينما سقط 17 مصاباً فى حادث تصادم أوتوبيس، لم يستطِع استيعاب المصابين فى المستشفى مما اضطره لتحويل عدد كبير منهم إلى مستشفيات فى المدن المجاورة، وعندما تسمم 32 شخصاً فى عبارة بالميناء، لم يستطِع التعامل معهم وحولهم إلى مستشفى الغردقة.
والتقط خيط الحديث منه عبدالحميد جابر، مدير قسم التمريض بالمستشفى، قائلاً إن المستشفى ينقصه جهاز غازات بالدم، وجهاز رنين مغناطيسى، ويضطر فى معظم الأحيان إلى تحويل الحالات التى تحتاج هذه الأجهزة للمستشفيات الأخرى، مشيراً إلى أن تأخير التحويل عادة يكون بسبب التنسيق، لأن قانون الإسعاف يرفض التحرك دون تنسيق مضيفاً: «آجى أكلم الغردقة يقول لك مفيش مكان، أنسق مع القصير مفيش مكان، فى الآخر ممكن أنسق مع قنا أو أسيوط».
وأشار «جابر» إلى أن المستشفى ينقصه أطباء رعاية مركزة، وتخدير، وعظام، وجراحة، ولا يوجد بالمستشفى سوى أطباء باطنة ونساء، والقوة الأساسية لا تتعدى 12 طبيباً فقط أساسيين، ومعظم الأطباء نواب وليسوا إخصائيين.
أنابيب الأكسجين ملقاة فى جنبات المستشفى