خبراء: كثافة العمالة أبرز أسباب الخسارة.. والحل فى «الهيكلة الإدارية»
خسائر كبيرة تكبدتها شركة القومية للأسمنت
أكد خبراء قطاع الأعمال العام أنه ليست هناك حلول لإنقاذ الشركات الخاسرة وفى مقدمتها الشركة القومية للأسمنت التابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، إلا بإعادة الهيكلة الإدارية كمحاولة أخيرة لعودتها للمسار الطبيعى.
وقال المهندس زكى بسيونى، الرئيس السابق للشركة القابضة للصناعات المعدنية، إحدى شركات قطاع الأعمال العام، إن توقف برنامج الخصخصة بعد بدء تطبيقه فى التسعينات كان له آثار سلبية كبيرة على شركات الدولة، وعلى رأسها شركات قطاع الأعمال، مضيفاً لـ«الوطن» أن «الناس بتزعل من كلمة المعاش المبكر» والمسمى الأقرب إلى الواقع هو إعادة الهيكلة الإدارية والعمالية فى دولاب الدولة، فبجانب إعادة الهيكلة الاقتصادية والفنية هناك أيضاً إعادة هيكلة إدارية.
وحول خسائر شركة «القومية للأسمنت» أكد بسيونى أن العمالة الكثيفة فى أى شركة تسمى طاقة عاطلة، والطاقة المعطلة تحصل على أجور من ميزانية الشركة دون أن يكون لتلك الأجور مردود فى جانب الإيرادات، ولفت إلى أننا أمام نموذجين من الشركات، إحداهما تمت خصخصتها وإعادة هيكلتها إدارياً بتطبيق نظام المعاش المبكر، وهى شركة «أسمنت السويس» وأخرى لا تزال مملوكة للدولة ولا تزال تدور فى فلك الخسائر المدوية، ويزيد عدد عمالها على ألفى عامل، فى حين أن القوة اللازمة لتشغيلها أقل من هذا العدد بكثير وهى «الشركة القومية للأسمنت»، وأوضح لـ«الوطن» أن شركة «أسمنت السويس» هى واحدة من الشركات الناجحة بمقاييس دولية وحققت نجاحاً باهراً وزادت الإنتاجية أربعة أضعاف، وكذلك الأجور تضاعفت أكثر من ثلاثة أضعاف، كما أن البيئة الداخلية والصناعية مصنفة عالمياً، لافتاً إلى أن الشركة لم تتحول من الخسارة إلى الأرباح ومضاعفة الأجور وتحسين البيئة الداخلية دون إعادة الهيكلة الإدارية إلا بعد خصخصتها، وتابع «بسيونى»: «أما الشركة القومية للأسمنت، التى تعمل فى نفس قطاع الأسمنت ومملوكة للدولة تحت مظلة قطاع الأعمال العام سقطت فى دوامة الخسائر، وتعانى من تكبد خسائر فادحة منذ سنوات، وقد استفحلت معدلات الخسائر فى العامين الماضيين بشكل مخيف».
وأكد الكيميائى عادل الموزى، الوزير المفوض السابق عن وزارة قطاع الأعمال العام حتى عام 2012، إن العبرة لمقاييس النجاح هو مؤشرات وأرقام الميزانية والأرباح والخسائر. مشيراً إلى أن الأجور فى أى شركة يجب أن تتناسب مع الإيرادات فلا يجوز أن تتخطى حداً معيناً، قائلاً «فى حالة القومية للأسمنت نجد أن الأجور بند كبير يحصل على ثلث الإيرادات تقريباً، ولذلك لا بد من إعادة التقييم من جديد»، وحول تطبيق برنامج المعاش المبكر كإحدى الأدوات المتاحة لإصلاح الهيكل المالى للشركة أوضح «الموزى» أن هذا النظام بدأ فى عهد الدكتور عاطف عبيد، عندما كان يتولى حقيبة وزارة قطاع الأعمال العام خلال الفترة من عام 1999 وحتى عام 2004، وكانت نتائج تطبيق هذا النظام فى تلك الفترة إيجابية للغاية، وتجلت هذه الآثار الإيجابية فى شركات الأسمنت الحكومية التى تمت خصخصتها مثل شركتى «أسمنت أسيوط» و«أسمنت السويس»، خاصة فى الشركات التى تتميز بكثافة كبيرة فى عدد العمالة بها، على سبيل المثال، هناك شركة «أسمنت أسيوط» التى تم بيع 90% من أسهمها لمستثمر مكسيكى وخرج نحو 3500 عامل بنظام المعاش المبكر طواعية ودون إجبار، علماً بأن نظام المعاش المبكر لا بد أن يأتى بالتراضى بين الطرفين، ولا يمكن إجبار عامل على ذلك تحت أى ظرف وفقاً للقانون.
وأضاف «الموزى» أن شركة أسمنت أسيوط استطاعت التخلص من الخسائر التى كانت تتكبدها فى السابق، وتضاعف الإنتاج، حيث كانت الطاقة الإنتاجية لمصانعها قبل خصخصة وبيع الشركة تقدر بنحو 3.8 مليون طن مترى سنوياً، بينما الطاقة الإنتاجية الحالية للشركة بلغت 5.7 مليون طن مترى سنوياً، محققة زيادة إنتاجية بنسبة 50٪ تقريباً، وأعتقد من وجهة نظرى الشخصية أن الشركة لم تكن تستطيع تحقيق تلك الطفرة وهى محملة بكثافة عمالية زائدة عن الحاجة، وهذا سبب رئيسى فى نجاح الشركة المشهود حالياً، وهو أمر يعلمه الجميع.