الرئيس السابق لـ«القومية للأسمنت»: «التعويم» وتكلفة المحروقات والعمالة الزائدة قصمت ظهر الشركة
عبدالمعطى
كشف المهندس سعيد عبدالمعطى، الرئيس السابق للشركة القومية للأسمنت، التابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، إحدى شركات قطاع الأعمال العام، أن قرار «التعويم»، وارتفاع أسعار المحروقات، والعمالة الزائدة، قصمت ظهر الشركة وهوت بها فى نفق الخسائر. وقال «عبدالمعطى»، فى حوار لـ«الوطن»، إنه طلب تنفيذ إعادة هيكلة العمالة التى تصل إلى 2500 عامل، عن طريق تطبيق برنامج المعاش المبكر دون تحمل الشركة أى أعباء، لكن «القابضة» تراجعت خوفاً من ثورة العمال. وإلى نص الحوار
«عبدالمعطى»: الشركة تضم 2500 عامل يحصلون على 30% من الإيرادات وربعهم فقط قادر على تشغيل المصانع
ما أسباب تدهور أوضاع الشركة القومية للأسمنت؟
- قبل قرار التعويم فى نوفمبر الماضى كانت طن الكلينكر تصل تكلفته إلى ٢٦٠ جنيهاً وحالياً تصل التكلفة إلى 550 جنيهاً نظراً لتضاعف سعر المليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعى والتى يتم دفعها بالدولار، بما يوازى 8 دولارات، ومع التعويم وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه من 8 إلى 18 جنيهاً، تضاعفت الأعباء على ميزانية الشركة.
هل التعويم هو السبب الوحيد؟
- هناك سببان رئيسيان؛ أولهما التعويم، بينما السبب الثانى هو تكلفة الأجور وتحمل ميزانية الشركة ما لا تستطيع تحمله لأن عدد عمال «القومية للأسمنت» نحو 2500 عامل يتقاضون أجوراً تصل إلى 355 مليون جنيه تمثل نحو 30% من الإيرادات، ما يقصم ظهر الشركة، على عكس حجم العمالة فى القطاع الخاص فمثلاً عدد العمال فى شركة النهضة للأسمنت 240 عاملاً يقومون بنفس عمل الـ2500 عامل، أى إن ربع هذا العدد كفيل بتشغيل الشركة بالكامل بل أكثر لأن غالبية عمال شركة القومية للأسمنت كبار فى السن ما يمثل عائقاً فى زيادة الإنتاج.
الدولة ثارت على العشوائيات فتراجع الأهالى عن البناء فأصبح الأسمنت «مرطرط فى السوق»
ألم تكن هناك خطة لإنقاذ الشركة؟
- عرضت على وزير قطاع الأعمال خطة لتنفيذ برنامج المعاش المبكر لإعادة هيكلة العمالة حتى تستطيع الخروج من كبوتها دون تحميل ميزانية الشركة جنيهاً واحداً واستعادة عافيتها.
كيف؟
- تفاوضت مع شركة مصر للتأمين التابعة للقابضة للتأمين، إحدى شركات قطاع الأعمال العام، ونجحت فى الحصول على موافقة مبدئية من الشركة على قيامها بتمويل برنامج المعاش المبكر بالشركة دون أى أعباء.
وما المقابل الذى قد تنتفع منه «مصر للتأمين» جراء تلك الصفقة؟
- ستحصل فى مقابل تمويلها لبرنامج المعاش المبكر، مهما كان قدره، على زيادة حصتها فى رأس مال الشركة فتستفيد من الأرباح الرأسمالية السنوية مثلها مثل باقى شركاء رأس المال.
ولماذا لم يتم تنفيذ الخطة؟
- عرضت الخطة بالكامل، بالإضافة إلى الموافقة المبدئية لشركة مصر للتأمين، على السفير ياسر النجار، رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، إحدى شركة قطاع الأعمال العام، فقال لى نصاً: «سندرس الخطة ونوافيك بالرد فى أقرب وقت ممكن»، ولا حياة لمن تنادى وأعتقد أن المسئولين تراجعوا خوفاً من ثورة العمال.
شبكة مصالح القطاع الخاص لا ترحب بعودة الشركة الوطنية للطريق الصحيح.. وكل شركات الأسمنت خاسرة هذا العام
وهل رد رئيس القابضة؟
- لم يحدث حتى اللحظة التى نتحدث فيها الآن لسبب لا أعلمه.
وماذا عن ارتفاع تكلفة المحروقات؟
- بعد قرار التعويم، وعدد العمالة الكثيف، يأتى السبب الثالث وهو ارتفاع تكلفة استخدام المحروقات، فالشركة القومية للأسمنت تحصل على الغاز الطبيعى بأكبر تكلفة فى السوق المحلية، مقارنة بنظرائها من الشركات، هذا ناهيك عن تعديل أسعار ورسوم استغلال المحاجر الذى عصف أيضاً بالشركة.
كيف هذا؟
- الشركة تحصل على المليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعى بسعر 8 دولارات وهى الشريحة الأعلى فى السوق نظراً لأن الأسمنت من الصناعات كثيفة استخدام الطاقة.
وماذا فعلت؟
- تفاوضت مع الشركة القابضة للغازات التابعة لوزارة البترول لتخفيض تكلفة الحصول على المليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعى بسعر 3 دولارات بدلاً من 8 وأن نعامل بمثل معاملة مصانع الطوب باعتبار الشركة القومية للأسمنت أحد المعاقل الوطنية للدولة فى إنتاج وصناعة الأسمنت.
وماذا حدث؟
- تفهم المسئولون بالشركة القابضة للغازات الموقف ووافقوا بشكل مبدئى، ولكنهم أكدوا لى أن الأمر يتطلب تدخلاً من الدكتور أشرف الشرقاوى، وزير قطاع الأعمال العام، ليتواصل مع المهندس طارق الملا، وزير البترول، لإنهاء الأمر بشكل سريع.
وهل طلبت من الوزير «الشرقاوى» التدخل؟
- طلبت من الشركة القابضة الكيماوية عرض الأمر على الوزير وأعتقد أن الأمر لم يصل للدكتور أشرف الشرقاوى حتى الآن ولم يعلم به من الأساس وهناك أمور أخرى يبذلون جهداً لكى لا تصل إلى الوزير، بل إن البعض كان يتعمد حجب المعلومات عنه.
ماذا عن رسوم المحاجر؟
- تضاعفت أكثر من أربع مرات خلال عامين، والدليل أن الشركة دفعت العام الماضى فقط 30 مليون جنيه لمحافظة القاهرة مقابل رسوم المحاجر.
متى توليت مسئولية الشركة؟
- تسلمت مجلس إدارة الشركة فى 4 يناير 2015 بخسائر بلغت 282 مليون جنيه، ونجحت فى العام التالى 2016 فى تقليل تلك الخسائر إلى 119 مليوناً، وتراجع الخسائر يعنى تحقيق أرباح.
ولكن الخسائر ارتفعت بنسبة 386% العام المالى الماضى.
- فعلاً، فقد أظهرت المؤشرات المالية للشركة، خلال العام المالى 2016-2017، ارتفاع خسائرها بنسبة 386% وحققت خسائر بلغت 582.4 مليون جنيه خلال العام المالى المنتهى فى يونيو الماضى، نتيجة زيادة أسعار الغاز والكهرباء، وأقسم بالله لولا قرار التعويم لحققت الشركة أرباحاً هذا العام.
هل شعرت بعدم تعاون المسئولين معك فى تلك الأزمة؟
- بالتأكيد، وهذا ليس مجرد شعور أو إحساس فقط، فلم يكلف مسئول خاطره لدراسة أسباب خسائر الشركة، وهذا ما قلته فى آخر يوم عمل لى عند كتابة استقالتى أن أزمة الشركة القومية للأسمنت تكمن فى الشركة القابضة ومسئوليها، وتعرضت لظلم كبير فى الفترة الماضية ولم أجد مساعدة من أى منهم.
هل تعتقد أن الإهمال مقصود؟
- أعتقد أن شبكة المصالح فى القطاع الخاص لا ترحب باستعادة شركة وطنية بحجم «القومية للأسمنت» عافيتها فى السوق ويعاونهم المسئولون فى ذلك.