«إمبابة».. ممرضات وعمال و«غرف كشف» مغلقة والمرضى يلجأون لاستشارة صاحب «صيدلية مجاورة»
الممرضات ينصحن الأهالى بالذهاب إلى المستشفيات العامة
داخل شارع جانبى متفرع من الشارع الرئيسى بحى إمبابة، بين عمارات سكنية تتلاحم جدرانها، تحتفظ الوحدة الصحية بمساحة كبيرة، يُميزها السور الكبير المحيط بها من ناحية المدخل الرئيسى، بالإضافة للافتة كبيرة ترتفع على الجزء العلوى منها.
أجهزة قياس الضغط والسكر غير متوافرة.. وممرضة: «روحوا المستشفى المركزى عشان تتعالجوا»
داخل الوحدة يتزايد عدد العاملين بها عن غيرها من الوحدات التى قمنا بزيارتها، فأمام بوابتها الرئيسية يجلس فرد أمن، يسأل الداخلين إليها عما يريدونه، وعلى بعد خطوات يتسع مدخل الوحدة لعدد من «الدكك» الخشبية، إحداها يجلس عليها مجموعة من العاملات، وأخرى تتسع لخمس ممرضات يجلسن أمام غرفة الكشف الرئيسية، أما غرفة الأطباء فبابها مغلق، سألنا «عاملة» بالوحدة تتوسط زميلتيها عن إمكانية قياس الضغط والسكر لأحدنا تعرض لتعب مفاجئ، فأدارت وجهها إلى الناحية الأخرى، وقامت بالنداء فى اتجاه الممرضات، «فيه حد عاوز يعمل تحليل سكر يا مدام زينب، ينفع ولا مفيش»، همت الممرضة المنتقبة من وسط زميلاتها الخمس، وطلبت منا الدخول إلى غرفة الكشف، تبادلنا الأسئلة عن الشعور بالتعب، ثم طلبت من ممرضة أخرى كانت تقف معها جلب سرنجة لها، فردت عليها بأنه لا يوجد سرنجات بالوحدة الصحية، فعاودتها الحديث: «يا بنتى فيه سرنجات كتير فى الشنطة الكبيرة اللى فى الدولاب، قلبى كويس وانت هتلاقيها، لو ملقتيش اتصرفى فى أى سرنجة عشان نلحق الراجل»، سألناها عن سبب طلبها للسرنجة، فأخبرتنا بأنه لا يوجد لديها فى الوحدة جهاز إلكترونى لقياس السكر، وأنها تعتمد فى التحليل على أخذ عينة دم من الوريد وتحليلها، رفضنا ذلك، بحجة أننا نرغب فى جهاز إلكترونى «علشان الراجل تعبان ومش حمل يتاخد منه دم كمان»، فردت علينا الممرضة بصوت هادئ: «الصيدلية اللى فى وش الوحدة عندهم جهاز إلكترونى، روح هناك هيعملولك اللازم، وبعدها كل كويس واشرب كوباية عصير، وانت هتبقى زى الفل، استمعنا إلى نصيحة السيدة الأربعينية بترك الوحدة والذهاب إلى الصيدلية، وطلبنا منها قياس ضغط الدم، فقالت «معلش والله معندناش جهاز، اللى كان هنا عطل ومن ساعتها ماجاش واحد تانى»، ثم نصحتنا بالذهاب إلى مستشفى إمبابة المركزى، لأن لديهم إمكانية تركيب محاليل، ولكن شريطة «إنك تستموت لهم وانت داخل المستشفى عشان يهتموا بيك، لأنهم لو شافوك كده هيكتبولك أى علاج وهيمشوك من غير ما يعملولك اللازم»، انتهى حديثنا مع الممرضة، التى بدت منذ الوهلة الأولى متعاطفة معنا، ولكن ليس بيدها شىء لتقديمه لنا أو مساعدتنا به، وذهبنا إلى ناحية أخرى من الوحدة الصحية التى تتشابه إلى حد كبير من داخلها بالمستشفيات، حيث يكثر بها عدد الممرضات والعاملات، وأيضاً تتنوع فيها غرف الكشف.
إحدى العاملات: «الطبيب المقيم موجود جوه بس قافل الباب وناكر نفسه عشان محدش يزعجه»
جلسنا على بعد خطوات من جلسة مجموعة من الممرضات والعمال، دار حديثهم عن «الزجاج المكسور» الذى لا يجدون مكاناً فى الوحدة لوضعه فيه، فاضطروا لوضعه فى أحد أركان المدخل، ما يمثل خطورة على المارين بجواره -على حد قول العامل- ثم حدقت إحدى العاملات النظر تجاهنا، وسألتنا عن حالتنا، فأخبرناها بما حدث فى غرفة الكشف، وعدم مقدرتنا على قياس الضغط أو السكر أو الحصول على أى خدمة طبية، «مصمصت» شفتيها، ثم توجهت إلينا بنصيحتها بالدخول إلى غرفة الطبيب المقيم «هو موجود جوه بس قافل على نفسه»، ولكن شريطة «الاستموات داخل غرفته» لإجباره على توقيع الكشف الطبى وعمل اللازم، خاصة أن الوحدة الصحية تضم تخصصات عديدة وعلى رأسها الطوارئ، ولكن أطباء الوحدة «بيحبوا يريحوا نفسهم»، مؤكدة علينا عدم الزج باسمها لدى الطبيب أو الممرضات «انتوا لا شوفتونى ولا قابلتونى، عشان متعملوليش مشاكل مع الدكتور، هو ناكر نفسه وقافل الباب عشان محدش يزعجه»، ذهبنا إلى غرفة الطبيب المقيم، وطلبنا الدخول وتوقيع الكشف الطبى، وبعدها انصرفنا إلى خارج الوحدة الصحية، بعدما أخبرتنا ممرضة ثالثة بأن الطبيب غير موجود فى غرفته، وأنه انصرف فى الصباح الباكر «حصلت له ظروف طارئة واستأذن ومشى».