عضو الشئون الخارجية بـ«النواب العراقى»: الانفصال يعيق خطط تطهير أرضنا من «داعش»
عباس البياتى
أكد عضو لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب العراقى عباس البياتى أن تداعيات استفتاء الكرد فى العراق ستكون «كارثية». وقال، فى حوار لـ«الوطن»، إن «انفصال الأكراد سيُدخل المنطقة فى نزاعات ومعارك لا أول لها ولا آخر»، مضيفاً أن «الأكراد يتمتعون بفيدرالية غير موجودة فى الكرة الأرضية، بل هم أشبه بدولة داخل الدولة»، على حد قوله. وشدد السياسى العراقى على أن الحل أو البديل هو الحوار الذى يقوم على أساس احترام وحدة العراق. وإلى نص الحوار:
عباس البياتى لـ«الوطن»: انفصال جزء من العراق سيتبعه انفصالات كبيرة
ما تداعيات توجه أكراد العراق للاستفتاء على الانفصال؟
- هناك عدة تداعيات داخلية وخارجية، على المستوى الداخلى فإن الاستفتاء سيؤدى إلى انفصال جزء من أراضى العراق، الاستفتاء يعنى إقامة دولة إما عاجلاً أو آجلاً، وإقامة هذه الدولة قد تشجع محافظات أو أطرافاً وجهات أخرى لأن يطلبوا كذلك الانفصال، وبالتالى تتعرض الوحدة العراقية وسلامة أرض وتراب العراق إلى تهديد جدى. وثانياً: نحن لدينا معركة لم تنته مع الإرهاب وتنظيم «داعش» الإرهابى، لذلك هناك مدن محتلة من «داعش» فى غرب نهر دجلة وشرق «كركوك»، وكذلك فى «الحويجة» وغرب الأنبار، هذه المعركة السياسية للاستفتاء ستؤثر على المجهود الحربى والدور الذى يمكن أن تقوم به الحكومة لتطهير الأرض من «داعش» ومخلفات هذا التنظيم. وستكون لهذه الخطوة تداعيات إنسانية واجتماعية، المجتمع العراقى بطبيعته مجتمع متشابك، هناك كرد يعيشون فى المناطق العربية فى «بغداد» وغيرها، وهناك عرب يعيشون فى كردستان وفى مدن قريبة من المناطق الكردية، وعندما تحصل عملية الاستفتاء على الانفصال أين سيذهب هؤلاء؟ هل سيكون هناك نزوح وتطهير وتهجير؟ أكيد سيتعرضون لهذا، وهذا الأمر سيخلف مآسى إنسانية واجتماعية، الانفصال كذلك ستكون له تداعيات اقتصادية وسياسية ستؤثر على بنية الدولة وهيبتها. وخارجياً: التراكيب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية متشابهة فى الشرق الأوسط، فمجرد انقسام جزء فى العراق سيتبعه انقسامات وانفصالات كثيرة فى المنطقة، والجميع يعلم أن دول المنطقة تتشابه فى تركيباتها الإثنية، الأمر مثل أحجار الدومينو، مجرد سقوط حجر، باقى الأحجار تسقط جميعاً، تداعيات الاستفتاء ستؤثر على وحدة دول الجوار والعلاقات بينها.
لماذا تعارض الحكومة العراقية بهذه الشدة انفصال الأكراد؟
- لأن الدستور العراقى لم ينص على الحق فى الاستفتاء، هو دستور يعزز الوحدة الوطنية ويعطى لجميع الشركاء أدواراً، والجميع يعرف أن الكرد لا يشكلون الآن نحو 14% أو أقل من هذه النسبة، وهم لديهم مواقعهم السياسية ومواقعهم فى الدولة، ومن ذلك رئاسة الجمهورية، فبالتالى بموجب الدستور العراقى الحالى حصلوا على حقوق عديدة، الإقليم الكردى الآن كونفيدرالى وليس فيدرالياً بما يتمتع به من امتيازات وصلاحيات وحقوق. والحكومة العراقية من واجباتها الحرص على وحدة وسيادة البلاد ومنع التدخل الخارجى، وبالتالى هذا الاستفتاء سيفتح الباب للتدخلات ويزيد منها، ونحن نعانى منها من الأساس. نعارض الاستفتاء بشدة لأنه يخالف الشراكة، الإعلان من طرف واحد عن الانفصال مخالف للتفاهم والعرف الديمقراطى، لا يمكن لأى حكومة أن تتساهل مع أى محاولة تجزئة أو انفصال، لأن الانفصال سيؤدى إلى كوارث.
اتفقنا مع الأكراد على تسليم 550 ألف برميل نفط يومياً مقابل 17٪ من الموازنة فلم يلتزموا
الأكراد يُحملون الحكومة مسئولية خطوتهم ويقولون إن ميزانيتهم تقطع والحكومة المركزية انتهكت الدستور بحقهم، ما ردك على تلك الاتهامات؟
- فى هذه الحالة حل المشاكل يكون من خلال الحوار وليس بالذهاب إلى الخيار البعيد، الاستفتاء والانفصال خيار بعيد، يترتب عليه كثير من الأمور. ثم إن الحكومة العراقية كذلك لديها أسئلة ومطالب واستحقاقات على الإقليم، القضية ليست من طرف واحد، إقليم كردستان له 10 سنوات يصدّر النفط، أين أموال هذا النفط؟ لم تدخل فى أموال الموازنة العامة الاتحادية، هم يتسلمون من الموازنة العامة استحقاقاتهم، وبالتالى ليس من الإنصاف أن نستمع من طرف واحد دون الآخر. أين واردات الحدود التى ينبغى أن تصب فى صالح الواردات العامة والموازنة العامة. أنا أعتقد أن هناك اتهمات وإشكالات متبادلة من طرف لآخر، نحن اتفقنا معهم أن يسلموا العراق 550 ألف برميل يومياً مقابل أن يستلموا 17% الموازنة المخصصة لهم، وعندما يسلموا نصفها يستلموا نصف الموازنة المخصصة لهم، وهم رضوا بذلك ولم يلتزموا بهذا الأمر، الحكومة العراقية كذلك لديها ملفات تريد مناقشتها مع الإقليم بصراحة ووضوح.
هل الاستفتاء ربما يفتح الباب لانقسامات أخرى داخل العراق؟
- ربما غير بعيد، عندما تتسامح فى انفصال جزء، وعندما تجد باقى المحافظات أن الانفصال لا يحتاج سوى الإعلان وتحديد موعد، فأكيد هذا سيشجع، العراق مجتمع تعددى بالإثنيات والعرقيات ولكل منهم جغرافيته، فإذا أصبحت كل المشاكل القومية تُحل بالانفصال سنتحول إلى كانتونات صغيرة، وهذا ربما المخطط الأجنبى للشرق الأوسط، تحويله إلى كانتونات، حتى يتحقق حلم إسرائيل بإقامة دولة من النيل إلى الفرات.
أيضاً الأكراد يتهمونكم بأنكم أقمتم دولة دينية وليس دولة فيدرالية، وفق ما ورد على لسان مسعود بارزانى، ما ردك؟
- هذا أمر يثير العجب والاستغراب فى نفس الوقت، تصريح رئيس الإقليم ردنا عليه: أنت كنت شريكاً لنا منذ 14 عاماً، هل الآن اكتشفت أن العراق دولة دينية وطائفية؟ لماذا اشتركت فى هذه الدولة الدينية لمدة 14 سنة، وكنت فى وقت رئيساً لجمهورية هذه الدولة، هل ممثلك لرئاسة الجمهورية كان يقود دولة دينية؟ لماذا وافقت ورشحت ممثلين ووزراء فى هذه الدولة الدينية؟ هذا أمر يضحك ويبكى فى نفس الوقت، واضح أن التصريح فى وقت الاستفتاء لإثارة المشاعر، ودغدعة مشاعر دول جوار للحصول على دعمها أو تحييد مواقفها، هى رسالة لدولة مثل السعودية وأمريكا ودول أوروبية أخرى لإثنائها عن مواقفها الرافضة للاستفتاء، كردستان يتمتع بفيدرالية غير موجودة فى الكرة الأرضية، هم شبه دولة داخل الدولة.
لو كنا «دولة دينية» كما يتهمنا «بارزانى».. فلماذا شاركنا فى الفترة الماضية؟
ما البدائل التى تقترحها على الأكراد عوضاً عن الاستفتاء؟
- البديل هو الحوار، الحوار المتكامل المتكافئ المتوازن، القائم أولاً على احترام الدستور، وثانياً احترام وحماية وحدة العراق، وثالثاً الحقوق متكافئة ومتعادلة وليس هناك لجهة حق أكثر من جهة أخرى، لـ«بغداد» حقوق واستحقاقات، مثل ما لـ«أربيل» حقوق واستحقاقات. كذلك هناك الآن مبادرة على الطاولة لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم قابلة للتعديل والتغيير، ونأمل فى نهاية الأمر تغليب العقل والمنطق، ولا نمانع فى الجلوس على الطاولة والحوار، ولو كان الجانب الكردى يرغب فى حضور دول أخرى فلا مانع، البديل هو ما ينتجه الحوار بموجب الدستور وأن نناقش ملفاً ملفاً للتوصل إلى حل لهذه الملفات.