بدء تصويت الأكراد في استفتاء الانفصال.. و«بارزاني» يدلي بصوته مبتسما
صورة أرشيفية
فتحت مراكز الاقتراع في إقليم كردستان العراق، اليوم، في استفتاء تاريخي يصوت فيه أكراد العراق على انفصال إقليمهم وإنشاء دولة كافحوا من أجلها منذ قرن تقريبا.
ويشارك أكثر من 5 ملايين مقترع في الاستفتاء الذي يجري في المحافظات الثلاث من إقليم كردستان العراق، وهي إربيل والسليمانية ودهوك، كما في مناطق متنازع عليها بين الأكراد والحكومة المركزية العراقية بينها خانقين في محافظة ديالي، شمال شرق بغداد.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة الثامنة صباحا على أن تستمر عمليات الاقتراع حتى السادسة مساء.
في مدينة أربيل، عاصمة الإقليم، توافد المصوتون منذ ساعات الصباح الأولى ووقفوا في طابور عند أحد مراكز الاقتراع.
وأدلى رئيس الإقليم مسعود بارزاني بصوته في ساعة مبكرة من الصباح في أربيل وكان يبتسم وهو يرتدي الزي الكردي، حسبما نقلت وكالة "راووداو" الكردية.
وقال ديار أبو بكر (33 عاما) وهو ينتظر منذ أكثر من نصف ساعة للإدلاء بصوته "جئت مبكرا كي أكون أول شخص يصوت بنعم للدولة الكردية"، مؤكدا أنه "يوم عيد لنا".
وذبح المقترعون عجلا أمام أحد مراكز الاستفتاء الرئيسية بوسط أربيل، تعبيرا عن فرحتهم بهذه المناسبة.
وقال دلكاش عبد الله (27 عاما) المحامي: "جلبت هذا العجل لأن اليوم هو ولادة الدولة، وطبقا للتقاليد نذبح عجلا عند الولادة".
وفي السليمانية، ثاني مدن الإقليم، توافد المصوتون إلى مركز كانيسكان في شرق المدينة وقال ديار عمر (40 عاما) العامل في القطاع الخاص، وهو أيضا يرتدي الزي الكردي وكان أول مصوت في المركز: "سننال استقلالنا عن طريق صناديق الاقتراع"، مضيفا "فرحان، هذه أول مرة في حياتي أرى استفتاء للاستقلال".
وفي مدينة كركوك، أبرز المناطق المتنازع عليها بين الأكراد وحكومة بغداد المركزية، علا التكبير في مساجد المدينة للدعوة إلى التصويت، وكأنه يوم عيد.
وقالت ابتسام محمد، عند أحد مراكز الاقتراع "أنا صوت بكل شرف".
والحال ذاته في خانقين إحدى المناطق المتنازع عليها في محافظة ديالى، شمال شرق بغداد، حيث توافد المصوتون إلى مركز الاقتراع داخل مدرسة.
كانت أم علي الثلاثينية أول من صوت وقالت "الاستفتاء سيحدد مصيري ومصير أطفالي، لا نريد الانفصال ولكننا نريد معرفة مصيرنا".
وأضافت "لا نريد عنفا ولا حروب نريد معرفة مصيرنا، نأمل أن تؤيدنا الدول التي عارضت الاسفتاء".
وأقيم 12 ألفا و 72 مركز اقتراع في عموم إقليم كردستان العراق إضافة إلى المناطق المتنازع عليها.
غير أن الاستفتاء الذي دعا إليه الزعيم الكردي مسعود بارزاني يشكل رهانا محفوفا بالمخاطر، وقد أعلن رئيس الوزراء العراقي بوضوح أنه سيتخذ "الخطوات الضرورية" للحفاظ على وحدة البلاد.
كما عبرت بلدان مجاورة مثل تركيا وإيران عن قلقها من أن تحذو الأقليات الكردية على أراضيها حذو أكراد العراق، ولوحتا أيضا باتخاذ إجراءات للرد على هذا الاستفتاء.
ويعيش الأكراد الذين يقدر عددهم بين 25 و35 مليون نسمة، موزعين بشكل أساسي في أربع دول هي تركيا وإيران والعراق وسوريا.
في مؤتمر صحفي عقده الأحد في أربيل، قال بارزاني بنبرة هادئة إنما حازمة، إن "الشراكة مع بغداد فشلت ولن نكررها. لقد توصلنا إلى اقتناع بأن الاستقلال سيتيح عدم تكرار مآسي الماضي".
وأضاف "توصلنا إلى قناعة بأن أيا كان ثمن الاستفتاء فهو أهون من انتظار مصير أسود".
لكن بارزاني أكد في الوقت ذاته أن انتصار الـ"نعم" لن يكون سوى بداية "عملية طويلة" نحو الاستقلال، مبديا استعداده للتفاوض مع بغداد حول الحدود ولايته.
في المقابل أكد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الأحد في بغداد أن حكومته لن تعترف بالاستفتاء حول استقلال كردستان.
وقال في خطاب موجه إلى الشعب العراقي إن "التفرد بقرارٍ يمس وحدةَ العراق وأمنه ويؤثر على كل مواطنيه وعلى أمن المنطقة (...) هو قرار مخالف للدستور وللتعايش السلمي بين المواطنين ولن يتم التعامل معه ولا مع نتائجه وستكون لنا خطوات لاحقة لحفظ وحدة البلاد ومصالح كل المواطنين".
وعشية الاستفتاء، اتخذت إيران أول إجراء انتقامي إذ أعلنت حظر جميع الرحلات الجوية مع كردستان العراق حتى إشعار آخر، استجابة لطلب حكومة بغداد.
وفي السياق، أعلن وزيرالجمارك التركي عن فرض تدابير مراقبة مشددة عند معبر خابور الحدودي مع شمال العراق.
وكانت أنقرة حذرت بأن الرد على الاستفتاء سيكون له جوانب "أمنية" و"اقتصادية" بينما يكثف جيشها مناوراته على الحدود.
وطلبت الحكومة العراقية الأحد من كل الدول أن تحصر التعامل معها في كل العمليات المرتبطة بالنفط بعدما قررت سلطات إقليم كردستان إجراء الاستفتاء.
ويبلغ متوسط إنتاج كردستان العراق من النفط 600 ألف برميل يوميا يتم تصدير 550 ألفا منها إلى تركيا عبر ميناء جيهان.
وهذه التهديدات التي يمكن أن تخنق اقليم كردستان اقتصاديا، تثير قلق الناخبين الأكراد رغم حماستهم التي ظهرت جليّةً في أربيل حيث رفرفت الأعلام الكردية في الشوارع وعلى السيارات والمنازل.