قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون «طبالاً أو راقصاً أو مطرباً»
معلمون يستخدمون حيلاً لشرح الدروس
بالطبل والغناء والرقص وعروض أقرب إلى ما يقدم فى «السيرك» تسعى بعض مراكز الدروس الخصوصية، و«أباطرتها» من المعلمين، إلى جذب أكبر عدد ممكن من الطلاب، حتى وصل الحال ببعضهم فى ظل الإقبال عليهم إلى تأجير قاعات المناسبات التى تسع مئات الأفراد، لتقديم الدروس الخصوصية. فيما يعلن بعضهم الآخر عن قدراته بنشر إعلانات فى كل مكان لجذب الطلاب وأولياء أمورهم، مستخدمين ألقاباً منها «الفيلسوف، والدكتور، والعبقرى، والإمبراطور».
«الوطن» رصدت فى منطقة شبرا الخيمة، المئات من مراكز الدروس الخصوصية بالمدينة وبها أعداد هائلة من الطلاب وتنوعت هذه المراكز ما بين تابعة لجمعيات خيرية وأخرى خاصة يدرس بها معلمون غير تابعين لوزارة التربية والتعليم.
قال محمد المجيد، صاحب أحد هذه المراكز، إن هناك مدرسين حاصلين على ليسانس آداب ودون مهنة أساسية له فى بطاقته الشخصية يستعين بهم مركزه نظراً لشعبيتهم، خاصة أولئك الذين يستخدمون طرق شرح مختلفة ويستطيعون جذب الطلاب، وأضاف: نحن فى خضم منافسة تجارية بحتة ونحتاج لكل ما يساعدنا على النجاح وكان لدى أساتذة يقومون بتشغيل أغانٍ شعبية على أنغام دى جى لجذب الطلاب.
وتابع «إحنا مابنروحش لحد، الطلاب هما اللى محتاجينى مش أنا اللى محتاج لهم، والغنا والطبل هو اللى بياكل مع الطلبة، وخريجى كليات التربية بييجوا يشتغلوا وبيغنوا والطلبة بتدفع».
مراكز تعتمد الطبلة والغناء أسلوباً للتعلم.. وتراها أدوات للمنافسة فى سوق الدروس الخصوصية
وأوضح حسين شوقى، مدرس حاصل على ليسانس آداب وتربية، أنه استقال من وزارة التربية والتعليم حتى يتفرغ للعمل بالمركز، وتابع: «الوزير عارف إن فيه سناتر دروس خصوصية كتير، قفل السنتر مش هيحل أى حاجة، الطلاب هما اللى محتاجين ليا مش أنا اللى محتاج ليهم، الملازم اللى بنقدمها والملخصات هى العامل الأول فى نجاح الطلبة، والطالب بيعدى الـ99% بفضل سناتر الدروس الخصوصية ومعظم خريجى السناتر أوائل بالثانوية العامة»، على حد قوله.
وأوضح عمر حامد، أستاذ الفلسفة بأحمد زويل التجريبية بالمعادى، أن أول مجموعة خاصة أسسها حضرها 100 طالب، ليتخطى عددهم الـ3 آلاف طالب يحضرون جميعاً فى وقت واحد ومكان واحد، وهو ما دفعه لحجز قاعات المناسبات لاحتواء تلك الأعداد وبعد استعانته بـ«راقصة وثعبان وتمساح» كوسائل تعليمية تجذب الطالب وتجعله يقظاً فى الحصة ازداد عدد الطلاب، لافتاً إلى أن هذه الطرق من أنجح طرق التعلم بالنسبة للجيل الحالى من الطلبة.
وتابع: «أحاول جذب الطلاب بشتى الطرق وباتت تحكمنا منافسة شرسة والجميع يريد لفت نظر الطلاب بطريقته فى تيسير المادة التعليمية»، وأضاف، لـ«الوطن»: «الطلاب الآن أصبحوا مختلفين عما قبل، وآخر ما يريدونه هو التعليم، لذا نحاول جذبهم بطرق حديثة ومختلفة».
قال الدكتور محمد زهران، الخبیر التربوی، إن ظاهرة الدروس الخصوصیة منذ بدایتها فساد اجتماعى، وما تتضمنه من طرق للتعليم تتنافى فى غالبيتها مع القيم التربوية، مضيفاً لـ«الوطن»: «نظام الامتحانات أحد المسببات الأساسية لانتشار ظاهرة الدروس الخصوصية، فالامتحانات فى السنوات الأخيرة أصبحت تعتمد بشكل أساسى على قياس قدرة الطالب على الحفظ والتذكر والاسترجاع، وليس مستوى الفهم والاستيعاب، لذلك يلجأ الطلاب إلى الدروس الخصوصية، لأنها تساعدهم على الحفظ والتذكر، عبر أساليب تختلف من مدرس للآخر، فضلاً عن أنها تمرنهم على نظام الامتحان، وإن كانت فى النهاية لا تخدم التعليم والبناء الفكرى والتربوى للطلاب».
وتابع «زهران»: «الحل من وجهة نظرى للقضاء على مراكز الدروس الخصوصية هو منح المدرس مكافأة تشجعه على إتقان عملية الشرح داخل المدارس بصورة كاملة، كما يجب العودة إلى فصول التقوية التى كانت تنظمها المدارس بمقابل بسيط، لكى تساعد الطلاب على الحفظ والتعامل مع نظام الامتحانات، فالمدرس إذا حصل على حقه بشكل كامل من وزارة التربية والتعليم سيؤدى عمله على أكمل وجه، وعلى أولياء الأمور التعاون مع المدرسة للارتقاء بمستوى الطالب.