السماح للمرأة بقيادة السيارة «اختبار جدي» لمسار الإصلاح في السعودية
صورة أرشيفية
يمثل قرار السماح للمرأة السعودية بالقيادة، اختبارا رئيسيا لمسار الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي، الذي يتبعه ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان، ولو أن حملة التوقيفات الأخيرة، توحي بأن الخطوة التاريخية قد لا تلقى معارضة كبيرة.
وستتمكن المرأة السعودية أخيرا، من قيادة السيارة في المملكة بدءا من يونيو المقبل، بحسب أمر ملكي مفاجئ صدر قبيل منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، في أكبر خطوة إصلاحية من نوعها تشهدها المملكة المحافظة منذ عقود.
ويرى جيمس دورسي من مدرسة راجارتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، أن رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات «اختبار أساسي لولي العهد الأمير محمد، ولمدى قدرته على إدخال إصلاحات اقتصادية واجتماعية، رغم معارضة المتشددين».
ويضيف دورسي: «إذا كان المثال هو الاحتفالات بالعيد الوطني الأسبوع الماضي، حين سمح للنساء بدخول ملعب لكرة القدم، فإن المعارضة (لقرار السماح بالقيادة) قد تنحصر بوسائل التواصل الاجتماعي».
والسبت الماضي، شهدت الرياض احتفالا مختلطا غير مسبوق لمناسبة الذكرى الـ87 لتأسيس المملكة، دخلت مئات من النساء إلى ملعب رياضي للمرة الأولى لحضور عروض تضمنت حفلات موسيقية مع رقصات شعبية وألعاب نارية.
وشكّل وجود المرأة في ملعب الملك فهد في مناطق منفصلة مفارقة مع الاحتفالات السابقة في المملكة الخليجية، التي تمنع النساء عادة من دخول الملاعب الرياضية، من خلال قواعد صارمة بشأن عدم الاختلاط في الأماكن العامة. ودخلت النساء الملعب مع أزواجهن وأولادهن وجلسن بشكل منفصل عن الشبان.
- أكثر وطنية -
وقبل نحو أسبوع من الاحتفال الاستثنائي، شهدت المملكة حملة توقيفات طالت أكثر من 20 شخصا، بينهم رجال دين بارزون وشخصيات معروفة، في خطوة وصفتها منظمات حقوقية بأنها تشكل اعتداء على حرية التعبير.
ويرى محللون، أن حملة التوقيفات هذه غير مرتبطة بالمسار الإصلاحي للأمير محمد (32 عاما)، بل بالأزمة الدبلوماسية مع قطر وموقف المعتقلين منها. لكنها توجه أيضا رسالة صارمة حيال استراتيجية ولي العهد.
وتقول جين كينيمونت الباحثة في معهد تشاتم هاوس البريطاني، إن حملة التوقيفات تعكس محاولة لتعزيز النفوذ في مواجهة رجال الدين المستقلين والنافذين سياسيا، لإيصال رسالة مفادها بأن الأمير لا يرى دورا لهم في الحكم.
وترى كينيمونت، أن توقيف هؤلاء من دون أن يؤدي إلى أي احتجاجات، «قد يكون ساعد القيادة السعودية على التحلي بالثقة للقيام بإصلاحات اجتماعية».
وعلى النقيض من قيادات سابقة، أظهرت القيادة السعودية متمثلة بالملك سلمان بن عبدالعزيز، وبنجله الأمير محمد، استعدادا لتجاوز المحرمات السعودية، وللتقرب أكثر من أي وقت مضى من الجيل الشاب وطموحاته.
وقالت كريستين ديوان الباحثة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن: «أعتقد أن الأمير محمد ملتزم بوضع السعودية على سكة جديدة، أقل تزمتا، وأكثر وطنية».