بعد بدء التصويت.. القصة الكاملة لاستفتاء انفصال كتالونيا عن إسبانيا
صورة أرشيفية
في الساعات الأولى من صباح اليوم، احتشد الكتالونيون في طوابير أمام مراكز الاقتراع للتصويت في استفتاء حول الاستقلال في تحدٍ لمحاولات الحكومة الإسبانية لمنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم مما يثير المخاوف من اندلاع اضطرابات في المنطقة الغنية الواقعة بشمال شرق البلاد.
وراقبت الشرطة الإسبانية المدارس التي خصصت كمراكز اقتراع وسيطرت على مركز الاتصالات التابع لحكومة كتالونيا في محاولة لمنع إجراء الاستفتاء، وقالت وزارة الداخلية الإسبانية إنه تم إغلاق معظم الأبنية العامة التي كانت معدة للاستخدام كمراكز للاقتراع في الاستفتاء.
كما أرسلت آلافا إلى الإقليم الواقع في شمال شرق البلاد، لمنع إجراء الاستفتاء تنفيذا لأمر المحكمة الذي حظره، ويقبع كثيرا منهم في سفينتين في الميناء، بحسب وكالة "رويترز".
ثم وقعت اشتباكات، منذ قليل، بين الشرطة الإسبانية وأنصار انفصال إقليم كتالونيا، وحاولت الشرطة منع المصوتين في الاستفتاء.
وصادرت الشرطة حسبما قالت قناة "سكاي نيوز عربية" صناديق اقتراع الانفصال وفرّقت مئات المشاركين، وهددت بمزيد من القوة لوقف الاستفتاء.
وتعد منطقة كتالونيا أحد أكثر الأقاليم الاسبانية ثراء، وهي منطقة صناعية، ذات نزعة استقلالية، وتعتز بهويتها ولغتها الخاصة، وتعود أسباب ذلك الاستفتاء إلى أعوام قليلة سابقة، حيث بدأت في 2015، بوصول الأحزاب المؤيدة للانفصال إلى عدد ضخم من المقاعد البرلمانية في الانتخابات المحلية الكتالونية، لتعلو الأصوات المنادية بذلك الإجراء، ودعمتها الحكومة فيما بعد، لتسارع إسبانيا بالتدخل السريع في محاولة منها لإنهائه، لتقضي المحكمة الدستورية بعدم دستورية كل المبادرات السياسية والقانونية التي تدعم هذا المشروع، إلا أن كاتالونيا لم تأبه بذلك ومضت في دعم الإنفصال.
وفي الأربعاء الماضي، أقر برلمان إقليم كتالونيا قانونا ينص على تنظيم استفتاء على الانفصال عن إسبانيا يوم 1 أكتوبر المقبل، بموافقة 72 عضوا، ليرد المتحدث باسم الحكومة الإسبانية، يوم الجمعة، بقوله إنه لن يتم إجراء استفتاء بشأن استقلال كتالونيا، وأقامت سلطات الإقليم 2300 مركز اقتراع ليتاح لنحو 5.3 ملايين كتالوني للتصويت.
واتهم وزير الثقافة، إينيجو منديز دي فيجو، الائتلاف الانفصالي الذي يحكم المنطقة الشمالية الشرقية بانتهاك القوانين للمضي قدما في التصويت، بصرف النظر عن التحذيرات من المحاكم وتعليق المحكمة الدستورية في البلاد للاستفتاء في وقت سابق هذا الشهر، مضيفا: "الحكومة لديها تفويض دستوري لتطبيق القوانين التي تحافظ على النظام المدني، ولا أحد فوق القوانين وكل من ينتهكها سيواجه العواقب"، بحسب "سكاي نيوز".
وينص دستور إسبانيا لعام 1978 على أن حكومة البلاد وحدها هي التي تملك الحق في الدعوة إلى إجراء استفتاء حول السيادة، لذلك تلقت قوات الشرطة التي تتصرف بناء على أوامر القضاة أوامر بمصادرة بطاقات الاقتراع، وألقت القبض على المسؤولين الإقليميين في حملة قمع غير مسبوقة.
فيما قال موقع "العربية.نت"، إن الاستفتاء الذي أعلنت مدريد عدم شرعيته أدى إلى سقوط البلاد في واحدة من أسوأ أزماتها الدستورية منذ عشرات السنين، وأثار المخاوف من اندلاع أعمال عنف في الشوارع وسط اختبار للإرادة بين مدريد وبرشلونة، حيث تجمع متظاهرون مؤيدون للوحدة في المدن الإسبانية الكبيرة، ومنها برشلونة للتعبير عن معارضتهم القوية لمسعى كتالونيا للانفصال.
وتظاهر الآلاف مساء السبت في برشلونة ملوحين بالأعلام الإسبانية والكتالونية احتجاجا على الاستفتاء.
وفي برشلونة، قضى مئات المؤيدين للاستفتاء الليل في مدارس مع أطفالهم، وتجمعوا أمام المدارس التي أعدت كمراكز اقتراع وبقوا بها حتى صباح اليوم، لضمان إبقائها مفتوحة للناخبين.
ومن ناحيته، قال أوريول جونكيراس، نائب رئيس إقليم كتالونيا، الجمعة، إن المواطنين الكتالونيين سيتمكنون من التصويت الأحد "حتى إن استولى شخص ما على مراكز الاقتراع بالقوة وحاول منع وضع بطاقات التصويت في صناديق الاقتراع"، بحسب موقع "فرانس 24".
واستعان سكان في إقليم كتالونيا بجرار زراعي لسد مدخل محطة اقتراع في الاستفتاء على انفصال الإقليم، الذي بدأ صباح اليوم، في محاولة لتحدي معارضة الحكومة الإسبانية الشديدة التي اعتبرت الاستفتاء "محظورا".
فيما صرح كارلس بيجديمونت، رئيس إقليم كتالونيا، لوكالة "فرانس برس"، بأن "نعود إلى منازلنا ونتنازل عن حقوقنا هو أمر لن يحصل، لقد اتخذت الحكومة الكتالونية كل التدابير ليتم كل شيء بشكل طبيعي"، داعيا الكاتالونيين إلى تجنب أي أعمال عنف.
ودعا في الوقت نفسه إلى وساطة في الأزمة مع مدريد، مبديا استعداده التخلي عن الاستفتاء الراهن، إذا وافقت حكومة المحافظ ماريانو راخوي على بدء مفاوضات تتيح في النهاية إجراء استفتاء قانوني، قائلا: "إذا قالت الدولة الإسبانية 'فلنتفق على استفتاء' سنوقف هذا التصويت، إنه المسار الذي يتطلع إليه جميع الكاتالونيين"، مؤكدا إنجاز كل التحضيرات للاستفتاء الذي تسعى مدريد إلى منعه بأي ثمن.