«الشهيد» و«السادات الابتدائية».. مياه جوفية تهدد المدرستين بالانهيار
جدار متهالك بمدرسة «الشهيد عويضة»
أزمة لم تولد بين يوم وليلة، وإنما كانت قائمة منذ أعوام، تعانى منها «مدرسة الشهيد فتحى حكيم عويضة الابتدائية المشتركة»، بسبب أساسات المدرسة التى لم يتم بناؤها بالشكل المناسب فى أواخر الثمانينات من القرن الماضى، حيث أظهرت طبيعة التربة الطينية التى بنيت عليها المدرسة وكثرة المياه الجوفية، المشكلات تباعاً بعد أعوام قليلة من إتمام عملية البناء.
«على عبدالله»، المعلم بالمدرسة، يسرد القصة من بدايتها، مشيراً إلى أنه تم اكتشاف الأمر عندما أرادت هيئة الأبنية التعليمية أن تبنى سوراً حول المدرسة، بعد أن وقع السور الذى بناه الأهالى بالجهود الذاتية، وبمجرد البدء فى عمليات الحفر حول المدرسة، اكتشفوا أن الأساسات قد أصبحت والطين سواء: «السور الجديد كان لازم يتحفر له 3 متر تحت الأرض، ولما جينا نحفر لقينا قواعد المبنى بايشة نهائى كأنها طين، فبعدنا عنها شوية وعملنا السور، ومن يومها وهى مسجلة إنها آيلة للسقوط».
مدرس بمدرسة «الشهيد»: الجهود الذاتية لا تنقطع عن المدرسة والمديرة: «مش لاقيين فى السقف سيخ حديد نركب فيه جنش البروجيكتور»
لم يتوقف الأمر عند الأساسات فحسب، وإنما امتد إلى حوائط المبانى والأسقف مع مرور الوقت، وهو الأمر الذى باتت معه عملية الترميم لا تجدى نفعاً، حسب ما قال «عبدالله»: «حيطان المدرسة نفسها بقت بايشة والعمدان المسلحة الحديد باين منها من كل ناحية، ولما جم عملوا صيانة داروا الكلام ده وخلاص على كده، ودورة المياه هى كمان متهالكة على الآخر، وعشان خايفين إنها تقع فى أى وقت بنينا تحت السقف بتاعها حيطان عشان تشيله مع العمدان».
شكاوى متعددة تم تقديمها، حسب ما قال «سيد النجار»، معلم خبير بالمدرسة، إلا أن أحداً لم يسمع لتلك الشكاوى، ونظراً لما تعانى منه مبانى المدرسة رفضت إدارتها ما عرضته عليها هيئة الأبنية التعليمية أول هذا العام الدراسى دخولها فى خطة الصيانة، نظراً لعدم جدواها: «حرام جنيه واحد يتصرف على المبنى ده، لأنه مسوس كله ومبقاش ينفع تانى».
الجهود الذاتية لا تنقطع عن المدرسة، على حد قول «سيد»، إلا أنها تقف عاجزة أمام الوضع العام الذى تعانى منه المبانى، فأبواب الفصول لم تعد تثبت فى مكانها، وعمليات «الترقيع» أصبحت عبئاً عليها، وأصبح لا بديل عن الإحلال والتجديد لمبانى المدرسة بالكامل: «مبنى المدرسة بيقول أنا هقع غيتونى، ولما ده يحصل هتبقى مصيبة، بس للأسف يوم ما بتنادى على حد محدش بيسمعلك».
ومن جانبها تقول «رجاء عبدالنعيم»، مديرة المدرسة، إن أزمات المدرسة متعددة، تبدأ من مساحتها التى لا تكفى عدد التلاميذ بها، حيث يبلغ إجمالى قوة المدرسة 6 فصول، بينما يحتاج عدد الطلاب الموجودين إلى 12 فصلاً، وهو ما اضطرهم إلى تقسيم المدرسة على فترتين، وهو الأمر الذى يغيب معه عن المدرسة أى حجرات للأنشطة المختلفة الأخرى، فضلاً عن أزمة المبنى نفسه التى وصلت إلى أقصى درجات الخطر، حسب «رجاء»: «لما جبنا معمل الحاسب الآلى حاولنا نخرم فى السقف عشان نثبت البروجيكتور معرفناش وكل ما نيجى نخرم السقف ينزل علينا رملة، وحتى ماكناش لاقيين فى السقف سيخ حديد عشان نركب فيه الجنش».
معلم التربية الفنية بـ «السادات» يبعد التلاميذ عن الأماكن المرشحة للسقوط على رؤوسهم.. والمدير: ناس البلد هتعدمنا لو حصلت حاجة
لم يقف الأمر عند هذا الحد، وإنما امتد إلى مواسير صرف المدرسة، التى اكتُشفت أيضاً عن طريق الصدفة فى مارس الماضى، عندما طلب «رجاء» من الإدارة «سباك» يلقى نظرة حول سبب تعطل مواسير الصرف: «اكتشفنا إن المواسير كلها بايشة وبتصرف تحت المبنى نفسه، وآدينا على الكلام ده من ساعتها، ودخلنا الدراسة فى السنة الجديدة أهو ومحدش عمل حاجة، وكل شوية يقولوا لنا هتدخل صيانة شاملة أو هتدخل ترميمات، وفى الآخر كله كلام مرسل ومفيش أى حاجة رسمى بتحصل».
وفى قرية العديسات قبلى، توجد أزمة شبيهة تعانى منها مدرسة السادات الابتدائية، فذلك المبنى المكون من طابقين، لم يسلم من التصدعات، فضلاً عن ضيقه، ما جعل معلمى المدرسة يتخذون من المقاعد المتهالكة وسط الفناء مقراً لهم.
تم بناء مدرسة «السادات» فى سبعينات القرن الماضى عن طريق التبرعات، حسب ما قال «حسن خليل»، مدير المدرسة، وبالتالى تم تشييد المبنى على 3 عمدان مسلحة فقط، فضلاً عن عيوب أخرى كثيرة بدأت فى الظهور شيئاً فشيئاً: «جدران المدرسة معظمها منهارة، ده غير إن سور طُرقة الدور الثانى فيه تشققات كبيرة وواضحة، وفى وقت الفسحة الطلاب بتكون كتير فى الطرقة دى ولو حد سند عليه بس ممكن يقع ويودينا كلنا فى داهية، ولو متعدمناش ساعتها من الحكومة، ناس البلد نفسها هى اللى هتعدمنا».
كثافة عالية فى الفصول تتخطى 50 طالباً موزعين على 12 مقعداً كحد أقصى لعدد المقاعد فى الفصل الواحد، ما يجعل 4 طلاب أو أكثر يجلسون على مقعد واحد، فضلاً عن عدم كفاية حجرات المدرسة لعدد الفصول المطلوبة، الأمر الذى أجبر «حسن» على التنازل عن غرفته لتحويلها فصلاً تعليمياً ليصبح هو بلا مكان بالمدرسة: «لو جالى المحافظ نفسه هستقبله فى الحوش».
طلبات عدة تقدم بها حسن من أجل تطوير المدرسة مخاطباً بها كافة الجهات، والعديد من لجان هيئة الأبنية زارت المدرسة فى أوقات مختلفة، إلا أن شيئاً لم يتغير، حسب قوله، ولم يقف الأمر عند هذا الحد: «المدرسة ملهاش سور والشبابيك على الشارع وبينها وبين الأرض أقل من متر، وده مسبب لنا مشاكل كتير جداً، وتلاقى العيال بتقطع سلك الشبابيك وترمى جوه حيوانات ميتة وزبالة».
أزمات متعددة أخرى تعانى منها مدرسة السادات الابتدائية بالإضافة إلى مبانيها «الآيلة للسقوط»، تمثلت فى الجدار الخلفى للمدرسة المبنى من الطوب الطينى مثله مثل حائط الجار الملاصق له، ما قد يعرض المدرسة فى أى لحظة لحريق يصعب السيطرة عليه نظراً لعدم توافر شروط الحماية المدنية بالمدرسة، حسب «حسن»، فضلاً عن غياب سبل الأمان بالنسبة للمدرسة، ما قد يعرضها أو يعرض البيوت بجوارها إلى السرقة فى أى وقت، وهذه كلها أمور جعلت «حسن» يرى أن الحل الوحيد لمدرسته يكمن فى إزالتها وبنائها من جديد: «إحنا هنا فى الحضيض ومشكلتنا إننا مبنبصش للمشكلة إلا بعد ما تخرب ويموت ناس».ويواجه العديد من المعلمين بالمدرسة صعوبة فى التدريس داخل الفصول نظراً لضيقها، وهو ما تحدث عنه «خيرى عبدالكريم»، معلم الرياضيات، باعتباره «أزمة وليدة للأزمة الأم» التى تعانى منها المدرسة بصفة عامة، قائلاً: «المدرس لما يكون قدامه فى الفصل خمسين طالب مش عارفين يقعدوا وكل شوية واحد يقع من التختة اللى قاعد عليها أكيد مش هيعرف يشرح، ده غير إننا أثناء الشرح فى الفصول بنشوف مواقف غريبة لأن الشبابيك قريبة من الأرض، واللى يرمى علينا زبالة، واللى يقعد يتريق.
مهمة شاقة تقع على عاتق معلم التربية الفنية بالمدرسة «عبدالصبور زكى»، تتمثل فى منع الطلاب من الاقتراب من الأماكن «الخطرة» فى المدرسة، حتى لا يتعرضوا للخطر: «فى الفسحة ربنا يعلم بكون عامل إزاى، ومبعرفش أريح دقيقة فى النهار كله، بخلى واحد واقف فوق مخصوص، وأنا بقف تحت، عشان نحاول نمنع العيال إنها تقرب للأماكن اللى ممكن تقع عليهم»، ويتعجب «زكى» من تجاهل الجهات المعنية للوضع الذى تعيشه المدرسة، منهياً حديثه بنبرة تعجب، قائلاً: «اللى إحنا فيه ده حرام، المطر بينزل علينا فى الفصول من الشقوق اللى فيها، ده غير إن المدرسين ملهمش مكان، وبيحضروا للحصص بتاعتهم فى الحوش».