معرض تحف نادرة فى قلب مقابر «الدراسة».. وحدوووه
يستقيظ كل صباح مبكرا ينظف بهمة حوش المقبرة التى يسكن فيها هو وأهله. يتناول طعامه بسرعة ثم يلتفت إلى هوايته التى أصبحت مصدر رزقه الوحيد الذى ينفق منه على أسرته، وهى مهنة بيع الأنتيكات بالمقابر.
لم يقبل طارق نجم، الذى يسكن فى مقابر الدراسة فى الحسين، أن يعيش ويموت وهو يعمل «حانوتى» مثل جميع أقاربه، ينتظر صعود الأرواح إلى بارئها لكى يحظى بـ«اللى فيه النصيب»، بل قرر أن تكون الأنتيكات التى هى مهنة والده مهنته هو أيضا.
مئات التحف عرضها «نجم» أمام أبواب المقابر على منضدة خشبية لا تليق بقيمتها؛ فأقل تحفة يعود عمرها إلى مائة عام أو يزيد، مما يجذب اليها أنظار زوار المقابر. فازات سينيه بعضها أصله إيطالى والأغلب أصله تركى.. قنصل مدهب يعود تاريخه إلى عهد الملكية.. عشرات التابلوهات الأصلية التى تعكس مدى التأثر بالعصر الفيكتورى.. أنتيكات كانت تمتلكها الأسرة المالكة.. هى بعض معروضات «نجم».
«كلها أصلى.. أنا ماليش فى الصينى ولا التقليد».. أولى كلمات «نجم» التى قالها وهو ينظر بفخر إلى بضاعته؛ فحضور المزادات بالقاهرة والإسكندرية هى الزيارات الوحيدة التى تدفعه إلى ترك المقبرة لشراء هذه التحف، خصوصا من الإسكندرية التى وصفها بأنها الأكثر شهرة والأفضل أمام أى بائع تحف بسبب وجود اليونانيين فيها لفترات طويلة.
ولا يقتصر شراء «نجم» للتحف على المزادات فقط، بل يذهب للبيوت لشراء الأنتيكات، وبسبب خبرته الطويلة صار يعرف ما هو قديم بالفعل وما هو مقلد، مما جعل معظم زبائنه من الطبقة الراقية.
وبسبب عدم وجود أى إضاءة بالمقابر، يفرش «نجم» معروضاته من العاشرة صباحا حتى الخامسة مساء، كما يستخدم حوش المقابر فى تخزين بضاعته ويخرجها للعرض بالنهار حتى يخلى المكان لزيارة أقارب الموتى: «عارف ان المكان مش قد مقام التحف اللى بعرضها، لكن أى محل هأجره سعره هيبقى حراق، ومش هقدر عليه، فنصيبى بقى ولازم أرضى بيه».