بالفيديو أسرة سورية لاجئة: عانينا في حكم الأب وابنه ونحاول أن ننجو بمن تبقوا من العائلة
من الأسد الأب إلى الأسد الابن، لم يتغير الوضع كثيرا في حياة هذه الأسرة السورية، فمن اعتقالات وتنكيل بأفرادها في فترة حكم حافظ الأسد وقت أحداث الثمانينات ومحاولة السيطرة على ثورة الإسلاميين التي قامت ضد العلويين والنظام الأسدي، إلى اعتقالات واغتيالات ومجازر هي الأشد في مدينتي حمص وحماة منذ اندلاع الثورة في سوريا قبل أكثر من عام وحتى اليوم، وما زاد عليهم هو اضطرارهم لحياة اللجوء بعيدا عن قبضة جيش بشار الأسد.
في شقتهم الصغيرة بمدينة نصر، التقت "الوطن" بأفراد الأسرة التي اختارت أن تترك بلدتها قبل أشهر قليلة، خوفا على حياة من تبقى من عائلتهم بعد أن فقدوا الكثير، فمنهم من استشهد ومنهم من اعتقل ومنهم من اختفى تماما ولم يستطيعوا التوصل لأي معلومة إذا كان حيا أو ميتا، رافضين أن يظهروا في وسائل الإعلام بأسمائهم خوفا على بقية أسرهم في الداخل، "فالجيش الإلكتروني التابع لبشار يتابع كل ما يصرح به السوريون في أنحاء العالم فنكون قد حكمنا على أهلنا بالإعدام".
من قلب الأحداث في مدينة حمص، بالتحديد حمص باب عمرو، عبروا الحواجز التي أقامها جيش الأسد وأعطوا ما لديهم من أموال في المطار حتى يستطيعوا الخروج من هذا "الاحتلال" الذي وضعوا فيه بحصار الجيش لجميع حواري حمص، وصلوا إلى القاهرة وتواصلوا مع معارفهم وأهاليهم الذين سبقوهم معتمدين على مكاتب الإغاثة السورية التي تجمع تبرعات لصالح اللاجئين.
لم يكن اختيارهم بأيديهم، فكل يوم يشتد الوضع سوءا ولم يكن البقاء سوف يسبب لهم سوى إبادة بقية العائلة، "فلو خيار المقاومة الشعبية متاح لكنا بقينا ولكن الشعب مسالم جدا والمقاومة في ملعب الجيش الحر والثوار المنضمين لهم"، حاول رب الأسرة، الذي ما زال يبحث عن عمل أن يجمع الكثير من الروايات والمآسي التي يتعرض لها الأهالي، ولكن "مهما روينا من قصص وحكايات، فالواقع أسوأ بكثير، وما يظهر في الاعلام ما هو إلا القليل جدا من الحقيقة، نظرا للتعتيم الإعلامي الذي فرضه بشار الأسد"، فقط يذكر تاريخه مع الحكم "الأسدي"، والقبض عليه أكثر من 30 مرة خلال سنوات 1981 و 1982 "بتهمة إني إخوان.. وأنا ولا إخوان ولا سلفيين، أنا مسلم سني، ولكن نظام الأسد العلوي كان يعتقل ويقمع كل من هو ضده"، وتستمر المعاناة في 2011 ومحاولات الاغتيال التي تعرض لها أكثر من مرة عند خروجه من منزله أو مساندته لأى مصاب أو شهيد".
تابع قائلا "لم تمر أي دولة عربية بما مرت به سوريا، ولم ير أي شعب ما رآه الشعب السوري الذى أثبت أنه أشجع شعب مر عليه الربيع العربي"، لو في الإمكان أن أبعث برسالة للدول العربية لمساندة سوريا لن أطلب منهم أكثر من "التضامن ومنطقة عازلة للجيش الحر.. وسوف ينقلب الموقف لصالح الثورة".
"عانينا كثيرا من الفلول في مصر".. كان أول ما ذكره عندما تطرق الحديث إلى الوضع في مصر بالتحديد، "نستبشر خيرا بالدكتور محمد مرسى ونتوقع دعمه للثورة السورية بخاصة بعد ما تذكرنا في خطابه، بعكس الحال إذا كان الفرق شفيق هو من تولى الرئاسة، فالأنظمة السابقة تؤيد بعضها".
وتروى الأم، التي فقدت زوجها في عهد حافظ الأسد، تفاصيل اختفاء ابنها الأكبر في عهد بشار، فلا تعرف إن كان حيا أو ميتا فلم يجدوا جثمانه مع من قتلوا ولم يعرفوا له طريق، تعيش بين صوره تطلعها على كل من يأتي لزيارتها، وتحكى لهم والدموع في عينها عن مواقفه في الدفاع عن أهله وشجاعته أمام جيش بشار، "أحاول أن أتواصل مع أي من المسئولين الموالين لبشار لأعرف مصير ابنى، ولا أحد يخبرني، أخذوا منى ما يقرب من نصف مليون جنيه دون جدوى، أشعر أنه لازال على قيد الحياة، وندرت أن أسجد لله إذا علمت أن حيا قبل حتى أن أراه".
"كان أقرب أبنائي إلى قلبي، ولم يهنأ بخطيبته التي اضطرتها الظروف هي الأخرى أن تخرج من البلاد دون أن تعرف مصيره"، تكرر هذه الكلمات كثيرا أمام جميع الحاضرين من أقاربهم ومعارفهم في حمص ولا يجدوا من الكلمات ما يردوا بها عليها.. تستطرد في الحديث، تارة تبكى وتدعو الله أن يعيد لها ابنها وتارة تدعى أن يحدث لأنيسة مخلوف والدة بشار وأسماء الأسد زوجته، ما يشعرهم بوجع كل أم فقدت أبنها.
من حمص الخالدية، وحمص باب تدمر.. يتوافد الزوار والمعارف، يواسونهم أحيانا وأحيان أخرى يحتجن من يواسيهن، وتعقيبهم "لن تجد اليوم في حمص بيت إلا وفيه جريح، مصاب أو شهيد".
بزي أسود وقهوة سادة وقنوات الأخبار السورية يقضون يومهم ويتابعون الأحداث منتظرين يوم العودة إلى بلادهم "ولو عشنا في الخيام بكرامة سنعود إلى أرضنا، نشعر بالنهاية قريبة، أملنا في الله وحده فلو كان العرب قد تضامنوا معنا من البداية لكان الأسد قد انتهى منذ زمن".
اليوم وفى ذكرى مرور اثني عشر عاما على تولى بشار الأسد حكم البلاد، ليصبح أول وريث في الجمهوريات العربية يخلف والده ليستمر حكم الأقلية على الأغلبية وتتوتر الأوضاع الطائفية، تعيش الأسر السورية اللاجئة على أمل العودة يوما ما.