بروفايل| «السادات» بطل الحرب
صورة تعبيرية
معجون بطين الأرض، لونه من لونها، ورائحته من رائحتها، وعرقه من الكدح فيها بطولها وعرضها، هو فلاح ابن فلاح انتقل من ميت أبوالكوم بالمنوفية، ليرتدى البدلة الميرى بين صفوف الجيش المصرى بالقاهرة، وبعد مشوار طويل جمع بين الجندية بضبطها وربطها والسياسة بمعاركها ومغامراتها، أصبح الفلاح ضابطاً، والضابط رئيساً، والرئيس منتصراً وشهيداً.
رجل الحرب والسلام، لكنه أيضاً رجل الشهادة التى نالها بعد طريق طويل واجه فيه ألف مطب، ومر خلاله على ألف اختبار، حتى جاءته درجة الشهداء والصديقين فى اليوم نفسه، الذى انتصر فيه، كأنها نوع من التكريم الإلهى، الذى جرى ترتيبه خارج إرادة البشر، «بل أحياء عند ربهم يرزقون».. هكذا اختار القدر أن يظل الرئيس المنتصر حياً، حتى بعد موته لا يموت، وفى ذكرى الحرب يتذكره شعبه مرتين، الأولى بالنصر المجيد، والثانية بالترحم على روحه الكريمة.
كان ماكراً، لم يختلف أحد على ذلك من مؤيديه أو معارضيه، وكان مؤمناً، لم يختلف أحد أيضاً على ذلك، مارس مكرَه ومارس إيمانه فى كل خطوة كان يخطوها، ربما أصاب وربما أخطأ، لكنه فى الحالتين كان صاحب رؤية، لم يأت ويذهب، كأنه لم يكن، مثل آخرين، بل كان شديد الحضور دائماً.. فى مجيئه وفى رحيله، فى حديثه وفى صمته، فى حربه وفى سلامه، وجوده طاغٍ على الدوام وصورته لم تغب وصوته فى كل خطاب لا يفارق آذان الناس.
«فى ست ساعات»، عبارته الشهيرة التى قالها فى خطابه الأول فور نجاح القوات المصرية فى العبور وتدمير خطوط العدو، قالها وهو فى موقف القوة منتصراً شامخاً مرفوعة هامته، مثل أبطال المعارك الكبرى المسجلة فى التاريخ، هو واحد من هؤلاء الأبطال امتطى بقدمه جواد التاريخ بعد أن قاد بلاده للانتصار على عدوها والثأر منه، ثم امتطى نفس الجواد لمرة ثانية بعد أن عاهد هذا العدو على السلام، «مفيش حرب بتستمر للأبد، أنا حاربت علشان السلام»، عبارة أخرى قالها بـ«الفُم المليان» فى أحد حواراته المسجلة بعد إعلانه بلكنته الشهيرة عن أنه «قادر على الذهاب إلى آخر العالم، بل إلى تل أبيب نفسها»، أيّده من أيد، وعارضه من عارض، لكن التاريخ لم يدع لأحد أن يختلف على بطولته أو شهادته، فعاش بطلاً ومات شهيداً.