جنوب سيناء.. منافسة غير شريفة بين الشركات.. والمواطنون يدفعون الثمن
مواطنون يعانون من شركات النقل وقطاع المواصلات بشكل خاص
تعانى محافظة جنوب سيناء منذ أعوام من شركات النقل الجماعى التى تنقل المواطنين والسياح من وإلى المحافظة، بعد أن تم رفع أسعار التذاكر أكثر من أربع مرات خلال ثلاثة أعوام فقط، ومع ذلك يتم تقديم خدمة سيئة للراكب فى ظل غياب الرقابة التامة من قبل وزارة النقل سواء من ناحية الأسعار أو الخدمات التى تقدم للركاب.
يقول الدكتور محمد حماد، مدير الطب الوقائى بجنوب سيناء، إن أسعار تذاكر أوتوبيسات النقل بالمحافظة شهدت ارتفاعاً شديداً خلال الفترة الأخيرة، لافتاً إلى أن شركات النقل «حورس وأبوروان وشرق الدلتا» كانت أسعارها تناسب المواطن، وفجأة تم رفع ثمن التذكرة من 50 إلى 90 جنيهاً بسبب غلاء البنزين، بالإضافة إلى جعل الأجرة موحدة فبعدما كانت من طنطا إلى الطور بـ50 وإلى شرم بـ60 أصبحت من بعد النفق 90 مع عدم توافر الخدمات بها، على الرغم من وجود مبلغ مضاف للتذكرة عن هذه الخدمات، وفى معظم الأوقات الأوتوبيسات تكون غير صالحة للسفر وكثيراً ما تتعطل ويقف الناس على الطريق لأخذ مواصلة أخرى، ويضيع ثمن التذكرة التى تم دفعها، ولا يوجد أى رقابة من أحد على هذه الشركات قائلاً «الدنيا ماشية بالبركة».
وقال شحتة حسين، عضو مجلس النواب السابق، إنه لا يوجد خدمات ولا احترام للمواعيد فى معظم شركات النقل التى تعمل بالمحافظة بجانب أن هذه الشركات تتعامل مع سائقين غير مسئولين ولا مؤهلين للقيادة مع عدم إجراء صيانة دورية لمعظم الأوتوبيسات نظراً لضغط الشغل ولا توجد رقابة على صلاحية وسيلة النقل على الرغم من قطعها مسافات طويلة، مما يؤدى إلى كثرة الحوادث، مضيفاً أن هذه الشركات لا تراعى المواطن ولكن هدفها تحقيق الربح دون النظر للخدمات المقدمة، ورفع الأسعار للضعف بحجة زيادة أسعار الوقود، والمسئولون غائبون.
وأوضح «شحتة» أن جميع الأوتوبيسات بلا استثناء تتجاوز السرعات المحددة وليست مزودة بأجهزة الـ«جى بى إس» G، P، S لمراقبة سرعتها، مشيراً إلى أن أجهزة الـ«جى بى إس» تساعد الشركات على مراقبة السرعة لهذه الأوتوبيسات وتحديد موقعها، وبالتالى تقوم بردع السائقين فى حالة زيادة السرعة.
«صقر»: 6 شركات تعمل على أرض المحافظة رسمياً والباقى بدون ترخيص.. والمواطنون: ارتفاع جنونى فى أسعار التذاكر.. والمسئولون «غائبون»
وقال رضا الطحاوى، أحد مواطنى جنوب سيناء، إن هناك حوادث شبه أسبوعية بين حادث باص وملاكى أو خلافه، ولكن الأكيد أن العامل المشترك فى الحوادث على طرق جنوب سيناء هو الأوتوبيسات بسبب تهور سائقى الأوتوبيس فى السرعة والاستحواذ على معظم الطريق، مما ينهى حياة الكثيرين.
وتابع: «أنا شخصياً تعرضت للموت أكثر من مرة وأنا أسير بسيارتى فى مسافة سنتيمترات بينى وبين الأوتوبيس على طرق جنوب سيناء»، مشيراً إلى أنه لا بد من فرض عقوبات صارمة وقاسية لإنهاء نزيف الدماء للأبرياء على طرق المحافظة.
وقال عبدالعزيز صقر، رئيس لجنة النقل والمواصلات السابق بالمجلس المحلى المنحل للمحافظة، لـ«الوطن»، إن وزارة النقل رأت أن هناك إخفاقاً من قبل شركة شرق الدلتا العاملة فى جنوب سيناء وهناك شكاوى من سوء الأوتوبيسات، لذا تم السماح بدخول ٦ شركات أخرى هى «جوباص وهاى جيت والسوبرجيت وبلوباص والعاصمة ويونايتد» للعمل بالمحافظة وبالتحديد خط (القاهرة - شرم الشيخ) لأنه الخط الأكثر حظاً بالنسبة لعدد الركاب.
وأضاف «صقر» أن محافظة جنوب سيناء وافقت على عمل هذه الشركات، وتم إنشاء موقف فى شرم الشيخ خاص بهذه الأوتوبيسات فى مقابل أن تقوم هذه الشركات بدفع مبلغ نحو ٥٠ ألف جنيه سنوياً لمحافظة جنوب سيناء مقابل الخدمات المقدمة لهم، مثل توفير موقف شرعى مزوّد بخدمات ومظلات، إلى جانب تحصيل رسوم «كارتة» بمبلغ ١٥٠ جنيهاً عن كل رحلة، مشيراً إلى وجود شركات نقل أخرى تعمل بطرق غير رسمية على أرض جنوب سيناء والمحافظة لا تستفيد منها، وهى وفقاً لتصريحاته شركات «حورس وأبوروان وأكوا شرم» وغيرها، حيث تتحايل على القانون عن طريق جمع الركاب من خلال مكاتب خاصة بعيدة عن إدارة المواقف بالمحافظة للتهرب من الرسوم والكارتة ووقعت كوارث على الطريق من مثل هذه الشركات التى تمتلك أوتوبيسات لا تصلح للعمل وسائقين غير مؤهلين لقيادة هذه الحافلات السياحية.
من ناحية الأسعار قال عبدالعزيز صقر إن الشركات حصلت على ترخيص بالعمل فى جنوب سيناء منذ عام 2008 وكان سعر التذكرة ٥٥ جنيهاً للفرد من القاهرة إلى شرم الشيخ، ومع الزيادة فى أسعار الوقود وتحرير سعر صرف الدولار ارتفعت الأسعار بشكل مريب، وتفاوت سعر التذكرة بين الشركات بشكل كبير حيث يتراوح سعر تذكرة شرم الشيخ القاهرة بين ١١٠ إلى 280 جنيهاً للفرد.
وطالب بضرورة تدخل وزارة النقل ومحافظة جنوب سيناء لوقف هذه المهازل الخاصة بزيادة سعر التذكرة بصورة غير مبررة، موضحاً أنه يتم احتساب قيمة التذكرة طبقاً لعدد الكيلومترات التى تقطعها الحافلة، وكان سعر الكيلو فى السابق يصل إلى 10 قروش ويضرب فى المسافة وتكون النتيجة قيمة التذكرة، وكان المجلس المحلى للمحافظة يتدخل فى السعر والآن تجاوز بكثير ٣٠ قرشاً وسط غياب تام من المسئولين.
وقال اللواء محمود عيسى، سكرتير عام محافظة جنوب سيناء ورئيس مجلس إدارة لجنة الإشراف على المواقف، إن بعض شركات النقل تقدم خدمات سيئة للمواطن بتشغيل أوتوبيسات متهالكة تؤدى إلى وقوع حوادث على الطرق، بالإضافة إلى أن هناك ارتفاعاً غير مبرر فى أسعار التذاكر، مضيفاً أن دور المحافظة يقتصر على تحصيل رسوم «الكارتة» مقابل خدمات تقدم لهم فى الموقف الرسمى، مشيراً إلى أن هناك منافسة قوية بين هذه الشركات وهذا يصب فى مصلحة المواطنين.
واعترف السكرتير العام بارتفاع أسعار التذاكر بشكل كبير مع العلم أن معظم الركاب موظفون وطلاب جامعة وليسوا سياحاً، لافتاً إلى أنه سيتم اتخاذ بعض الإجراءات لتخفيض الأسعار وتشغيل خطوط داخلية لربط مدن المحافظة، وإقامة محطات وقوف فى مدن راس سدر وأبوزنيمة والطور وأبورديس، خاصة أن هناك شركات مثل «جوباص» تطلق الرحلات من شرم إلى القاهرة ولا يقف فى أى محطات سواء فى رحلات الذهاب أو العودة.
ويؤكد العميد مصطفى عابدين، مدير مرور جنوب سيناء، أن دور المرور بالنسبة لهذه الشركات يقتصر على مراقبة السرعة والصلاحية الفنية وتحرير مخالفات ضدها فى حالة ارتكاب مخالفات، موضحاً أن معظم المخالفات تكون إما رادار بسبب السرعة الزائدة أو عدم وجود سائق بديل.
وأضاف «عابدين» أن المسافات التى تتعدى ٤٠٠ كيلومتر يشترط أن يكون هناك سائقان على الأوتوبيس لتحقيق أكبر قدر من الأمان، منوهاً بأن معظم الحوادث تتكرر بسبب السرعة الزائدة من قبل سائقين لا يعرفون طرق جنوب سيناء، أو أن حالة الأوتوبيس الفنية غير صالحة للسفر.
أما المهندس حجازى، المدير التنفيذى الأسبق بلجنة الإشراف على المواقف، فقال إن المحافظة تلقت فى عام ٢٠٠٨ خطاباً من مجلس الوزراء مفاده أنه تمت الموافقة على تشغيل شركات للنقل البرى بين جنوب سيناء والقاهرة، وهما شركتا «جوباص، وهاى جيت» وفقاً لضوابط محددة، وبالفعل تم تشغيل الشركتين ووصل عدد الشركات العاملة رسمياً فى جنوب سيناء إلى ٦ شركات ولكن هذه الشركات خالفت ما كان متفقاً عليه وقت تشغيلها خاصة بشأن سعر التذكرة.
مواطنون يعانون من شركات النقل وقطاع المواصلات بشكل خاص