مثقفون: المؤسسات الثقافية والدينية مُقصرة في مواجهة الإرهاب
صورة أرشيفية
وحقوقيون: الطوارئ وحدها لا تكفي للقضاء عليه
«عصفور»: لم أعد أصدق أن الأزهر سيجدد الخطاب الديني.. و«ناعوت»: المكافحة الأمنية وحدها لا تكفي
طالب مثقفون بتفعيل دور مؤسسات التنشئة الثقافية، والتعليمية، والإعلامية، والمؤسسات الدينية، لمواجهة ودحر الفكر المتطرف الذي يتحول إلى جرائم إرهابية عنيفة، مُناشدين الأزهر بوقف فوضى الفتاوى وفتح باب التجديد والتطوير.
وقال حقوقيون إنه لا مشكلة من فرض حالة الطوارئ طالما أنها في إطار مواجهة الإرهاب، لافتين إلى ضرورة البحث عن بدائل لقانون الطوارئ؛ لأنه لا يكفي وحده، حسب وصفهم، لمواجهة خطر الإرهاب.
وشددوا على أهمية نشر الفكر والثقافة والتنوير، مؤكدين أن هذا هو السبيل الوحيد لتكامل الجهود التربوية والثقافية مع الجهود الأمنية لمنع تنامي خطر الفكر المتطرف على المجتمع، وصد دخوله للبلاد عبر حدودها الغربية.
وقال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إننا لن نستأصل جذور الإرهاب إلا بنشر الثقافة والفنون، مُضيفًا لـ«الوطن»، ستظل الدماء تنزف إلى أن تفهم الدولة أن المشكلة ثقافية بالدرجة الأولى، وتعليمية بالأساس: «بدون الوزارات المعنية؛ التعليم، والثقافة، والرياضة، مفيش فايدة».
وتابع «عصفور»: «الجميع يعلم أن هناك أصابع خارجية تُغذي وتُحرك هذا الإرهاب، على رأسها قطر التي تربي الإرهابيين في ليبيا وبعد ذلك يتسللوا إلى مصر عبر الصحراء الواسعة، لذا ينبغي أن نقوي المناعة العقلية من الداخل».
وعن دور مؤسسة الأزهر في مواجهة الأفكار المتطرفة والهدامة، قال وزير الثقافة الأسبق، إنه لم يعد يصدق أن الأزهر سوف يجدد الخطاب الديني، لافتًا إلى أن هناك حالة من الإصرار الغريب على أن يبقى الأزهر على ما هو عليه دون تطوير أو تجديد: «إذا انتقدنا يقولك بيهاجمو الأزهر»، متسائلًا: هل نسكت على فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، فضحتنا في العالم كله؟.
وقالت الكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت، إننا بحاجة لتفعيل دور التعليم والثقافة لمواجهة هذا الفكر المتطرف، مُضيفة لـ«الوطن»: «نحن غير جادين في مواجهة الإرهاب بالشكل الصحيح، والمكافحة الأمنية وحدها لا تكفي».
وأكدت أنه «لا بد من غلق الصنبور المفتوح للإرهاب»، لافتة إلى أن ذلك لن يتحقق إلا بتضافر الجهود بين مؤسسات التعليم، والأزهر، والإعلام، قائلة: «عندها فقط يمكننا نزع جرثومة الفكر المتطرف من الناس».
«أبوسعده»: يجب الاستفادة من تجارب الدول التي تعاملت مع الإرهاب ونجحت في القضاء عليه.. و«فهمي»: إهمال الثقافة والاستنارة يضيع جهود الأمن في مكافحة الإرهاب
من جانبه، قال الدكتور حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن مواجهة الإرهاب لا يجب أن تقترن بفرض حالة الطوارئ فقط، فعملية الواحات الأخيرة وقعت في وقت نحن نطبق فيه الطوارئ بالفعل، مُضيفًا لـ«الوطن»، نحن على استعداد للجلوس مع قيادات وزارة الداخلية لمناقشة سبل مواجهة الإرهاب كافة.
وتابع «أبوسعدة»: «يجب البحث عن وسائل أخرى لحالة الطوارئ، فقد طُبق القانون لنحو 30 عامًا فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكانت موجات الإرهاب ترتفع وتنخفض كل فترة، حتى أن (عملية الأقصر) عام 1997، وقعت تفعيل قانون الطوارئ، وكذلك اغتيال رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب الأسبق، في نفس الفترة».
وأكد رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أنه لن يُعارض أحد تطبيق قانون الطوارئ طالما أنه من أساليب مواجهة الإرهاب، وأهلا وسهلا به، متسائلًا: «ماذا بعد انقضاء الـ3 شهور التي حددها الدستور لفرض حالة الطوارئ؟».
وأشار إلى ضرورة البحث عن أساليب جديدة ومبتكرة لتمكين الشرطة من الانتصار على الإرهاب، دون الاقتراب من الحريات الأساسية للمواطن في أن يحيا حياة طبيعية، ودون أن تتأثر طريقة معيشة الناس.
وشدد على ضرورة أن يبذل مجلس مكافحة الإرهاب جهودًا أكبر، عن طريق عمل دراسات ومناقشات، ومحاولة الاستفادة من تجارب الدول التي تعاملت مع الإرهاب ونجحت في القضاء عليه، مطالبًا بضرورة وجود حلول جذرية لمواجهة هذه الظاهرة التي باتت تؤرق العالم دون استثناء.
ولفت إلى ضرورة وضع قوائم بالتنظيمات، ورصد اتصالاتها، وتجفيف منابع تمويلها، والتعاون الدولي والاستخباراتي وتبادل المعلومات من أجل القضاء على الإرهاب ومنع تسربه داخل الحدود من الأساس.
وقال الدكتور جمال فهمي، رئيس اللجنة الثقافية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، إن الإرهاب قبل أن يكون قنابل ورصاص وتخريب، ينطلق من خراب عقلي وروحي واجتماعي، واصفًا مسببات الإرهاب بـ«البؤس الشامل» لمجتمعاتنا العربية عموما، حسب وصفه.
وأضاف «فهمي»، لـ«الوطن»، المواجهة بالنار مع هذه العصابات لا يمكن رفضها لأنهم مجموعة من الوحوش والقتله، فالمجرمين العاديين أذاهم محدود، أو لمجموعه محدودة، وأقل همجية من الإرهابيين، مشيرًا إلى أنه في الوقت ذاته، لا بد من مواجهة ثقافية وفكرية وتربوية وتعليمية بالتوازي مع المواجهات الأمنية.
وأكد رئيس اللجنة الثقافية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، أن الثقافة والفكر والاستنارة ومكافحة الفقر، هي الجبهة التي لا يحارب عليها أحد، منوهة إلى أن هذا الأمر يؤدي لتضييع الجهود الأمنية المبذولة على جبهة النار في مواجهة الإرهاب، محملًا كل الجهات المعنية بنشر الثقافة والنور والتعليم مسئولية ضياع الجهود الأمنية.
وأعرب «فهمي» عن أسفه لما وصلت إليه الحركة التنويرية في مصر قائلًا: «للأسف هذه الأمور تأتي في آخر أولوياتنا، فنتج عنها التشوهات العقلية التي نراها، ويجب محاصرتها، وتجفيف منابعها، بإعادة الاعتبار لبناء الإنسان، وبناء العقول، والتخلص من البؤس الاجتماعي، والسياسي، والاقتصادي».