صراع "كتالونيا".. يفتح باب "أقاليم الانفصال" في أوروبا
صورة أرشيفية
صوّت البرلمان المحلي في إقليم كتالونيا لصالح إعلان الانفصال عن إسبانيا، في الوقت الذي أقر البرلمان في مدريد فرض الحكم المباشر على الإقليم.
وفي الاقتراع السري الذي قاطعه معارضو الانفصال، أيّد 70 نائبًا في برلمان كتالونيا إعلان الانفصال، فيما عارضه عشرة، مع امتناع اثنين عن التصويت.
وبمجرد إعلان الخبر، تعالت صيحات مؤيدين للانفصال احتشدوا خارج مقر البرلمان في برشلونة.
وبالتزامن مع هذا، صوّت مجلس الشيوخ الإسباني على تفعيل المادة 155 من الدستور التي تسمح للحكومة المركزية بتعليق الحكم الذاتي في كتالونيا وإقالة قادة الإقليم والدعوة لانتخابات مبكرة.
وقال رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، لأعضاء المجلس إن هناك حاجة إلى حكم مباشر لإعادة "القانون والديمقراطية والاستقرار" إلى كتالونيا.
من جانبه قال معتز أبو رحاب، الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، إن إقليم كتالونيا الإسباني ليس الوحيد الذي يسعى للانفصال عن دولته في قارة أوروبا، التي بها العديد من الحركات والأحزاب التي تتبنى سياسة الانفصال عن الدول التابعة لها، والاتحاد الأوروبي يمارس ضغوطا حتى الآن للتوصل لحل هذه الأزمة، حيث يعتبر أنه حال انفصال كتالونيا ستكون بداية لمحاولات انفصال عديدة في القارة العجوز.
وأضاف أبو رحاب في تصريحات خاصة لـ"الوطن"، أنه على الرغم من إعلان حركة "هيري باتاسونا" الانفصالية في إقليم الباسك شمال إسبانيا منذ أربعة أعوام، إلا أن النزعة الانفصالية مازالت مستمرة حتى الآن، حيث تدير مقاطعة الباسك الإيرادات الضريبية من تلقاء نفسها وتدفع مبلغا صغيرا فقط إلى الحكومة في مدريد، لكن الواقع المؤكد أنه الإقليم أضعف اقتصاديا من كاتالونيا، وعلى الرغم من أن القومية الباسكية ولغة الباسك قد قمعت أيضًا تحت حكم ديكتاتورية فرانكو، إلا أن أقلية صغيرة من القوميين الباسكيين تنشط في أنحاء الإقليم، وقد قتلت منظمة "إيتا" ما يقرب من 800 شخص على مدار نصف قرن لبلوغ هدف انفصالها عن مدريد.
وأشار إلى أن بعض البافاريين يسعون للانفصال عن ألمانيا وإقامة ولاية "بافاريا الحرة"، وحال قررت الولاية الانفصال عن برلين فإنها تستطيع الاعتماد على نفسها، حيث إنها تملك اقتصاد قوي، كما أنها الولاية الأكبر مساحة ضمن الولايات الألمانية، وبعدد سكان يفوق 13 مليونا، أي أكثر من عدد سكان دول أوروبية عديدة لافتًا إلى أنه ظهرت بعض البوادر الانفصالية السياسية مثل ما نادى به السياسي من "الحزب المسيحي الاجتماعي"، إلا أنه حتى اليوم لم تظهر حركات سياسية كبيرة تتبنى هذا النهج.
وأوضح الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، أنه خلال الانتخابات البرلمانية البلجيكية الأخيرة لعام 2014، أصبح التحالف الفلمنكي الجديد برئاسة بارت دي فيفر في مقاطعة فلانديرز، وقد وجدت بلجيكا نفسها منذ استقلالها عن هولندا سنة 1830 مقسمة اجتماعيا وسياسيا، بين القومية الفلامنكية "القريبة إلى الهولندية" واللاتينية، التي تتحدث باللغة الفرنسية، ويعتقد السياسي البلجيكي بارت دي فيفر أن بلجيكا بشكلها الحالي مآلها إلى الزوال، وهو يريد الانفصال، وتكوين مقاطعة مستقلة، مشيرًا إلى أنه إذا تم الانفصال فإن بلجيكا ستفقد أكثر من نصف سكانها، وستكون القضية الرئيسية ماهية وضع العاصمة بروكسل، والتي هي مقر الاتحاد الأوروبي، ومقر الناتو.
وأضاف "أبو رحاب" أن جزيرة كورسيكا الفرنسية، التي تقع في البحر المتوسط، شهدت عمليات مسلحة شنتها "جبهة التحرير الوطني" في الجزيرة، لكنها تخلت عن العمل المسلح عام 2014 واتجهت لتعزيز العمل السياسي، غير أن باريس ترفض استقلال الجزيرة.
وقال: "جزر فارو التي تقع شمالي المحيط الأطلسي وتتبع للدنمارك وتتمتع بحكم ذاتي، ومن المتوقع أن تنظم استفتاء لاقرار دستور جديد خلال عام 2018، من شأنه منحها حق تقرير المصير، مثلما سعى الاسكتلنديون في استفتاء 2014 للانفصال عن المملكة المتحدة وعلى الرغم من رفض الأغلبية الاستقلال إلا أن الحركة الانفصالية ما زالت قوية، لاسيما عقب تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروربي، ومن المتوقع إجراء استفتاء آخر.