«الوطن» ترصد التحالفات الجديدة للتنظيمات الإرهابية و«داعش والقاعدة» يواجهان حصار الأمن بالفرار إلى الصحراء
القوات الجوية المصرية نجحت فى القضاء على العناصر الإرهابية التى نفذت عملية الواحات
يشهد العام الجارى، تحولات واندماجات بين التنظيمات الإرهابية، على مستوى العالم، بفعل الضربات القاصمة من الحكومات والدول لها، بعدما عاشت هذه التنظيمات، خلال الثلاث سنوات الماضية، حالة من الانتعاش، بفعل حالة الفوضى والفراغ التى حدثت فى بعض البلدان العربية، نتيجة للفراغ الذى صاحب ثورات «الربيع العربى».
وشرحت مصادر لـ«الوطن» طبيعة التحولات الجارية فى الوقت الراهن، وقالت: «يفقد داعش الأراضى، ويتحول من التمكين فى الأرض إلى الانتشار، ومن حروب المواجهة الصريحة، إلى الخلايا والمعارك الخاطفة، وهذا ما أعلنه فى العدد السابع من مجلة دابق تحت عنوان (الإرهاب العادل)».
وأضافت المصادر: «كان داعش هو المغناطيس الجاذب للمجندين، وكان مشروع الخلافة هو النهاية للعملية التى يطلقون عليها (جهادية)، وحين فشل المشروع، فقد التنظيم البوصلة، وأصبح طارداً، وكان أكثر عناصره الشاردة محبطة، وفى عزلة شعورية تامة، ما أدى إلى أن نشهد أنواعاً من الذئاب المنفردة، التى مثّل لها الإحباط سبباً رئيسياً فى عملياتها الإرهابية. وتنظيم القاعدة لم يكن جاذباً بل كان طيلة السنوات الثلاث الماضية كامناً إلى حد كبير، يحرص على دمج عناصره، وتشكيل خطوط واحدة بين كل الجماعات المنضوية تحت رايته، والوصول إلى أماكن تطل على البحار أو الصحارى، وهذا ما حدث بالضبط، فرأينا القاعدة تسيطر على درنة، وأجزاء من محيط طرابلس، ووصلت إلى ساحل الصومال، وسيطرت على إمارة الصحراء الشاسعة بوسط أفريقيا».
الإرهابيون حاولوا إنشاء محطة قرب «سيوة» لنقل خطوط إمداد جديدة للعناصر الإرهابية.. واستغلال «جبل العوينات» للهرب إلى ليبيا والعودة لمصر
وتابعت المصادر قائلة: «كانت القاعدة قد فقدت فى مصر أهم محطاتها، وهو تنظيم (أنصار بيت المقدس)، الذى بايع (داعش)، وبفعل الضربات الأمنية، انهار تنظيم (أنصار الإسلام)، وتم القبض على التكفيرى ثروت صلاح شحاتة، وهو فى طريقه من الواحات إلى مدينة 6 أكتوبر، وهو أحد مؤسسى تنظيم الجهاد بمصر، وفر هشام عشماوى، ورفض بيعة (داعش)، وقرر إنشاء فرع للقاعدة، لكنه تعرض لضربة أمنية موجعة عقب حادث الفرافرة، الذى أصيب فيه، ففر إلى درنة، وتولى لجنة التدريب لمجلس شورى ثوار درنة، وبعدها بعام قام بالتنسيق مع الجزائرى مختار بلمختار، زعيم جماعة المرابطين، لينضوى خلالها، وينشئ فرعاً لها بمصر».
وأكملت المصادر: «أصدر عشماوى إصدارين صوتيين، تحدث فيهما عن إنشائه (جيش الصحراء)، وتبين ساعتها أنه انضوى فيما يسمى جماعة (المرابطين) التى يقودها الجزائرى مختار بلمختار. ومنذ 6 شهور انصهرت كبريات الجماعات المسلحة النشطة فى الصحراء الكبرى، ودول الساحل الأفريقى فى حركة جديدة حملت اسم «جماعة أنصار الإسلام والمسلمين»، وضم التنظيم الجديد جماعة أنصار الدين، وإمارة الصحراء الكبرى (ست كتائب تابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامى)، وكتيبة المرابطون (جناح الجزائرى مختار بلمختار)، وكتائب ماسنا، وبايع قادتها أمير جماعة أنصار الدين إياد أغ غالى أميراً للتنظيم الجديد، وأعلن التنظيم الجديد مبايعته لأمير تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى، وأبومصعب عبدالودود، أمير تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلام وتم الإعلان عن الخطوة الجديدة فى اجتماع حضره إياد أغ غالى (أمير جماعة أنصار الدين)، ويحيى أبوالهمام (أمير منطقة الصحراء)، ومحمدو كوفا (أمير كتائب ماسينا)، والحسن الأنصارى (نائب أمير «المرابطون»)، وأبوعبدالرحمن الصنهاجى (قاضى منطقة الصحراء)».
واستطردت: «فجأة وبغير إعلان اتجه تنظيم المرابطون (المبايع لإياد أغ غالى)، تحت راية أنصار الدين إلى الحدود الغربية المصرية، وكلف هشام عشماوى، زميله السابق عماد الدين أحمد، ونائبه فى قيادة الجماعة، بالاتجاه إلى مصر، من طريق الواحات. كانت الجماعة تخطط للانتقال بهدوء وبطريقة مثالية إلى المحافظات المصرية، والتوزع إلى مجموعات وخلايا، ثم الكمون، حتى تأتيهم الأوامر ببدء عمليات لقاعدة أيمن الظواهرى موسعة».
وتقول المصادر إن «الدواعش ممثلون فى تنظيم أطلقوا عليه تنظيم (جند الخلافة)، وهو نفس التنظيم الذى استهدف كنائس الأقباط، ولا يزال عناصره الكبار هاربين، وعلى رأسهم عمرو سعد عباس، ومهاب السيد، وهم من طاردتهم القوات الأمنية حتى فروا أيضاً إلى ليبيا».
«أنصار الإسلام» تلقى ضربة قاصمة بعد حادث الواحات.. والجيش والشرطة قضيا على أخطر خلاياه.. والتطهير يستهدف 60 ميليشيا مدعومة من قطر وتركيا
وتوضح المصادر: «الدولة المصرية نجحت فى اصطياد هذه التنظيمات، وبنظرة سريعة لها سنرى أنها قضت بالفعل منذ 2013 وحتى الآن على أكثر من 20 تنظيماً، على سبيل المثال: طلاب الشريعة، أجناد مصر، جند الله، جند الإسلام، أنصار الدين، أنصار الإسلام. ولم يتبق من لاعبى العنف سوى مجموعة حسم الإخوانية، ولواء الثورة التابع للإخوان أيضاً، وكلاهما يشرف عليه الهارب لتركيا يحيى موسى، ويقودهما علاء على السماحى، من محافظة الغربية، كما يتبقى الفرع الداعشى بسيناء، وحليفه جند الخلافة، كما يتبقى المرابطون لهشام عشماوى، أو ما يطلق عليه بصورة أعم (أنصار الإسلام)».
وتؤكد المصادر أن «الإشكالية الأساسية فى هذه التنظيمات هى أن عملية التجنيد والاستقطاب لا تزال مستمرة، بسبب عدم وجود سد فكرى يمنع هذا الاختراق حتى الآن، أو منظومة متكاملة للمواجهة، كما أن السبب الأخطر هو أن ليبيا لا تزال دون حكومة مركزية قادرة على ضبط حدودها، ما سهل للإرهابيين خلق محطة قرب واحة سيوة، فى الطريق من واحة جغبوب لنقل خطوط إمداد جديدة للعناصر الإرهابية، كما أن هناك من يستقبل المقاتلين الأجانب من منطقة المثلث الحدودى مع دولة السودان من نقطة جبل العوينات، حيث إن سياراتهم تمر بهذه المنطقة، ومن واحة الكفرة وجبل عبدالمالك. ويستغل الإرهابيون جبل العوينات، وهو منطقة وعرة ليهربوا منه إلى ليبيا أو يعودوا منه للداخل المصرى، ويكثر فى محيطه نشاط للمهربين وتجار الأسلحة والمخدرات، وهو بمثابة نقطة حدودية هشة بسبب طبيعتها الجغرافية المعقدة، بينما يقع جبل عبدالمالك داخل الأراضى الليبية وقرب شريط الحدود المصرى، وعلى بعد نحو 160 كيلومتراً من منطقة العوينات».
واختتمت قائلة: «ويعتبر التأمين الكامل للمنطقة الحدودية الغربية صعباً نسبياً، بسبب صعوبة التضاريس فى بعض المناطق، ما جعلها بيئة مثالية للجماعات الإرهابية، التى تريد خلق بؤرة نزاع مسلحة داخل مصر، ووضعها فى ضغط دائم.
وأضافت المصادر أن تنظيم القاعدة (أنصار الإسلام)، الذى غير اسمه إلى مجموعة من الأسماء البديلة (أنصار الإسلام)، (أنصار الجهاد)، (أنصار الدين)، حتى يجد القبول شعبوياً، قرر الكمون فى مصر حتى لحظة بدء الحرب الفعلية فى المناطق الشرقية بليبيا، ومصر اختارت دعم حفتر إلى ما لا نهاية، والحرب مقبلة لا محالة على أكثر من 60 ميليشيا، مدعومة قطرياً وتركياً، وهم يعرفون ذلك جيداً، لذا فقد كلفوا العناصر الموالية لهم لتجهيز العدة والعدد لاختراق الحدود، من أجل القيام بعمليات إرهابية، لحظة اشتداد المعارك المقبلة، وكان حادث الواحات، وكانت مجموعة عماد عبدالحميد، الذى اعترف أنصار الإسلام بمقتله، وكل هذا لم يأت من فراغ. التنظيم تلقى ضربة قاصمة، ومات نائب رئيس التنظيم، وقضى الجيش والشرطة على أخطر خلاياه، فالدولة المصرية تبتلع دائماً التنظيمات».