«السيسى»: التنوع والاختلاف سُنَّة كونية ولا تستخدموا الدين بفهم خاطئ لتدمير الأمم
الرئيس السيسى خلال كلمته فى الجلسة الثانية لمنتدى شباب العالم
قال الرئيس عبدالفتاح السيسى إن التنوع والاختلاف هو سُنَّة كونية، حيث خلق الله الوجود بهذا التنوع، موضحاً أن صدام الحضارات أو الثقافات يحدث عندما يكون هناك شكل من أشكال الاستعلاء بالديانة أو الجنسية أو المذهبية وغيرها، ومع الحراك فى العالم سيحدث نضج وسيكون له تأثير إيجابى على تراجع الصدام وزيادة التفاعل.
جاء ذلك خلال مداخلة الرئيس السيسى فى الجلسة الثانية بالقاعة الرئيسيّة لمنتدى شباب العالم، والتى جاءت استكمالاً للنقاش حول سبل مواجهة صدام الحضارات، والتى استهلها قائلاً «كلامى سيكون متواضعاً أمام القامات التى على المنصة بتناولها لهذا الموضوع».
وأضاف الرئيس، «أرى أن الصدام دائماً يكون لدول تحقق مصالحها من خلال الصدام السياسى والعسكرى»، مجدداً التأكيد على أن التنوع من سُنَن الكون، والاستعلاء هو ما أخرج الشيطان من مكانة كبيرة كان بها، ومن يدعو للصدام سيفقد مكانته، فالصدام أمر محتمل ولكن التفاعل أمر حتمى، وأقول للشباب: تفاهم، تفاعل، تسامح مع الآخر، اعتز بدينك وقوميتك، ولا تتصادم مع الآخر، ولكن اعتز فقط، ولا تتكبر بدينك وجنسيتك وعرقك وعندما نقبل بعضنا البعض، لا يعنى التنازل، والمشكلة الكبيرة للتطرف أنه استعلى بفكره ودينه، رغم أنه غير مسئول عن الآخرين فهو مسئول عن نفسه فقط، ونحن نحتاج جميعاً أن نعمل كثيراً من أجل ذلك، وأن نحترم الآخرين حتى من لا يؤمنون، فأنا مسئول عن اختيارى فقط وأحاسب أمام الله عنه، ولا تجعلوا الدين يستخدم كوسيلة لتدمير الأمم من خلال الفهم الخاطئ».
الرئيس: تفاعل الحضارات أمر حتمى.. والصدام بين الدول يرجع لرغبتها فى تحقيق أهدافها ومصالحها.. وشاب نيجيرى يطالب «السيسى» بعقد منتدى الشباب 3 مرات كل عام.. والرئيس ضاحكاً: «دعنا نحاول أن نحافظ على استدامته السنوية»
وتلقى الرئيس مداخلة من أحمد شحاتة، شاب كفيف، وصف نفسه بأنه من ذوى القدرات البصرية الخاصة، وهو طالب بالأكاديمية البحرية، وجه خلالها تساؤلاً للرئيس حول آليات توعية الشعب بكيفية التعامل مع ذوى القدرات الخاصة وعدم نقل إحساس لهم بالعجز رغم أن هناك نماذج عظيمة مثل الدكتور طه حسين وعمار الشريعى، ونظم أبياتاً شعرية عن رفضه لمفهوم العجز فى المجتمع.
وعقب الرئيس معتذراً لذوى القدرات الخاصة، مؤكداً أنه سيتم عقد مؤتمر لتوعية المجتمع بدورهم وكيفية مساعدتهم دون إيذاء مشاعرهم.
أعقبتها مداخلة من عبدالله كاجاما، شاب من نيجيريا، قال فيها: أتحدث بالعربية احتراماً لمصر التى تعد أفريقية قبل أن تكون مصرية، موجهاً الشكر للرئيس السيسى على فكرة المنتدى التى أتاحت الفرصة أمام شباب العالم للتحاور، وطلب منه أن يكون المنتدى سنوياً أو حتى مرتين أو ثلاثاً فى العام، وعقب الرئيس ضاحكاً: دعنا نحاول أن نحافظ على استدامته السنوية، واستطرد الشاب مجدداً شكره للرئيس على اهتمامه بأفريقيا، وشكر جامعة الأزهر التى يدرس بها.
وعقب الرئيس عليه أن أفريقيا إذا نجحت فى إقامة شبكة طرق وسكة حديد ستتغير لشكل آخر خلال 10 سنوات فقط.
وقال العالم الأثرى الدكتور زاهى حواس إن الحضارة الفرعونية كانت تتسم بالتسامح، وإذا تحدثنا عن الحضارات يجب أن نتحدث عن عظمة الحضارة المصرية، وكيف أن كل الحضارات المجاورة انبثقت منها، والحفائر الجديدة أكدت أن الحضارة المصرية تعود إلى خمسة آلاف سنة، كما أنها لم تكن دموية، وبناء الهرم يشير إلى أن الحضارة الفرعونية كانت سلمية، وعلى مدار الخمسة آلاف عام الأخيرة كان الصراع الحضارى حافزاً للتقدم.
وأضاف «أما عن مصر فإن الوضع فيها كان مختلفاً عن الصراع الحضارى، حيث لم تنظر إلى أحد من جيرانها كمنافس ولذلك تركزت عقيدة الجيش من القدم حتى الآن فى الحفاظ على حدود الدولة، وهوية شعبها، وتشير المخطوطات القديمة إلى أن الجيش المصرى قديماً قضى على بؤرة إرهابية مع عدم التعرض للمدنيين، ولم تقف الصحارى عائقاً فى تفاعل الحضارة الفرعونية مع حضارات جيرانها، وكانت مصر وقتها صِمَام أمن لجيرانها، بينما اشتد الصراع بين حضارات الشرق القديم».
«حواس»: المخطوطات كشفت أن الجيش المصرى قديماً قضى على بؤرة إرهابية مع عدم التعرض للمدنيين
وأشار فانيا أودوم فيشى، وزير الشباب والرياضة الصربى، إلى اهتمام بلاده بدعم الشباب وتوفير الرعاية له، وتبنى مواهب الشباب وإتاحة الفرص لها للتفتح والنمو، كما أنها تعمل على حمايته من التطرف والإرهاب، وهى تعارض العنصرية وكراهية الآخر، وبذلك يمكن التفاهم بين الحضارات.
وتحدث عن تجربته الشخصية حيث تولى الوزارة رغم صغر سنه بالعمل الدائم، ونصح الشباب بالتمسك دائماً بالحلم والأمل حتى يحقق أهدافه فى الحياة.
فى الجلسة ذاتها، تحدث الدكتور مصطفى الفقى، المفكر السياسى، حول ما إذا كان هناك كود أخلاقى تقوم عليه الحضارات وقال إنها تقوم على القيم الأخلاقية، وتعريفها بأنها مرتبطة بسلوك الإنسان العادى حيث تنعكس على حياته الشخصية، وقال إن الغرب صدّر إلينا فكرتين متناقضتين تماماً هى العولمة وصراع الحضارات، وأشار إلى أن نظرية الصراع أسهمت بشكل ما فى تغذية الإرهاب، وقدم التحية للرئيس السيسى الذى دعا فى الاحتفالية بافتتاح المنتدى مساء أمس إلى إرساء قاعدة قانونية عالمية تؤكد أن مكافحة الإرهاب هو حق من حقوق الإنسان.
وأضاف «الفقى» أن الامتزاج والتداخل والتفاعل سمة حضارية، وحدث ذلك فى الصين والهند بل فى منطقة الخليج، حيث تكون هناك تأثيرات ثقافية متبادلة مع دول الجوار، وقال إن الأمير تشارلز تحدث عن الحضارة الإسلامية بعد إعجابه بالعمارة الإسلامية، ومع انتخاب بطرس غالى قال مذيع بقناة تليفزيونية غربية إنه تم انتخاب «عربى» وليس «مصرى»، و«مصرى» وليس «مسلم»، و«أفريقى» وليس «أسود»، بما يعنى أن الغرب يسعى إلى وضع حواجز دينية وقومية بين الشعوب، وأشار إلى أنه يوجد فى مصر تسعة معابد يهودية ولم يقذفها أحد بحجر فى حرب ٥٦ أو ٧٣ لأننا شعب متحضر.
وبدأت الجلسة بفيلم تسجيلى عن اختلاف الحضارات والثقافات، وكيف تحولت الحضارات القديمة إلى ثروة لا تزال باقية حتى الآن، والحضارة يمكن أن تجمع بين الناس أكثر مما تجمعهم العوامل الأخرى، وأن حوار الحضارات هو القدرة على التواصل والتفاعل الحضارى بين الشعوب.