التعليم.. «التطوير».. فشلت الأجيال فى تحقيقه
خطة حكومية لتطوير التعليم فى مصر
مطالبات عديدة بتطوير التعليم، ووعود كثيرة بتحسين مستوى الجودة، لكن برغم المطالبات والوعود لم يتغير حال المنظومة التعليمية التى يشكو منها الجميع، طلبة وأولياء أمور ومعلمون بل مسئولون أيضاً، ومع قدوم الدكتور طارق شوقى وزيراً للتعليم فبراير 2017، تفاءل كثيرون بالمضى خطوات على طريق تحقيق الحلم فى الحصول على تعليم أفضل، إلا أن الشكاوى لا تزال مستمرة والحلم لا يزال بعيد المنال، فيما قال خبراء ومتخصصون إن هناك ثلاث مشكلات رئيسية يجب التغلب عليها، وهى: ضعف المخصصات المالية للتعليم، وأزمات المناهج التى لا تنتهى، وتدهور أوضاع كثير من الأبنية التعليمية القائمة.
وحدد جمال العربى، وزير التربية والتعليم الأسبق، حلم تطوير المنظومة التعليمية فى نقاط محددة، قائلاً: «أن يكون لدينا مدرسة ترسم صورة للمواطن الصالح ومقوماته، ثم تخطط وتجهز وتدرب المنفذين من المعلمين وقياداتهم لإنجاز هذه المهمة، ويتم ذلك فى إطار مناهج تعليمية يستمتع فيها الطالب بما يتعلمه تطبيقاً وبحثاً وتحثه على حب التعلم مدى الحياة لمزيد من المتعة، فيسعى إلى العلم سعى المشتاق إليه ليسعد نفسه ووطنه، ولا يكون الأمر مجرد أداء روتينى من أجل اجتياز امتحان والحصول على درجة فى شهادة آخر العام»، لكن «العربى» أكد وجود مشكلات عديدة تعرقل تحقيق هذا الحلم، مضيفاً: «أكبر مشكلتين تواجهان مصر فى قضية التعليم هما ضعف التمويل ويندرج تحته الإتاحة والبيئة التعليمية والتكنولوجية والإعداد الجيد للمعلم وتدريبه والاهتمام الاجتماعى بالمعلم وإعداد المناهج، والمشكله الثانية سوء الإدارة وتتمثل فى ضعف الإدارة القائمة على العملية التعليمية وعدم وضوح وفهم الأهداف والمعايير التربوية التى على أساسها وضعت المناهج، وأيضاً افتقاد الإدارة رؤية واضحة يتم التخطيط من أجل تنفيذها، وكل ذلك أدى إلى قولبة الوظائف الإدارية وعدم استعداد المدرسة كبيئة تعليمية لاستقبال وتنفيذ عملية تعليمية صحيحة»، مشيراً إلى أنه يجب إعادة النظر فى إعداد المناهج وفق معايير وأطر تربوية صحيحة وواضحة، ووضع معايير لقياس التقدم فى تنفيذ البرامج المخططة مسبقاً، وإعداد المعلم القادر على تنفيذ هذه الخطط، وإعداد الإدارة التى تستطيع الإشراف على هذه المنظومة.
خبراء يرصدون 3 مشكلات: «الميزانية والمناهج والإدارة الفاشلة».. و«العربى»: نفتقد رؤية واضحة لتحقيق هذا الحلم
وقال الدكتور رضا مسعد، الخبير التربوى ورئيس قطاع التعليم العام الأسبق، إننا نحلم بأن يكون لدينا مشروع قومى للتعليم تتبناه القيادة السياسية، ومدعوم من أعلى قيادة، حتى تكون الأولوية الأولى للتعليم للخروج من الحالة السيئة المستمرة على مدار سنوات طويلة، قائلاً: «أى حلم الدولة بتحلمه، أو المواطن العادى، لن يتحقق ويكتمل ويستمر بدون بتطوير التعليم تطويراً جذرياً»، وأضاف أن من أهم مشاكل التعليم مشكلة التمويل، خاصة أن الدستور خصص نسبة لا بأس بها لكن الوضع الاقتصادى لا يسمح بها حالياً، مقترحاً أن تخرج ميزانية التعليم من الموازنة العامة للدولة وتأتى من القطاع الخاص وقروض طويلة الأجل من دول كبرى مثل اليابان، فالتعليم يحتاج إلى ميزانية كبيرة لحل جميع مشاكله، لاسيما فى ظل نقص عدد المدارس وكثافة الطلاب وضعف أداء بعض المعلمين وضعف مرتباتهم أيضاً، قائلاً: «لو عالجنا المشكلة الاقتصادية وجعلنا التعليم أول أولوياتنا ففى غضون أعوام قليلة سيكون لدينا نظام تعليمى مختلف، ونحن قادرون على ذلك».
وتابع «مسعد»: «نظام التعليم الحالى تقادم وأثبت أنه غير صالح، ولا بد أن نتخلص منه تدريجياً ليكون لدينا نظام بجودة عالية تبدأ من الصفوف الأولى فى رياض الأطفال، ولا بد أن نستفيد من كل الأنظمة فى جميع الدول المتقدمة، ونحدد نظاماً تعليمياً خاصاً بنا فيه توجهات دولية ولكن بنكهة مصرية يناسب مجتمعنا، ولا بد من تشكيل مفوضية للتعليم تكون مهمتها وضع المشروع القومى للتعليم وتتبع رئيس الجمهورية ويتم الاستعانة بخبراء التعليم وأساتذة كليات التربية وتفرضه على الوزارة وتكون الوزارة المنفذة ولا تشارك فى وضعه»، مضيفاً: «مش معقول كل وزير جديد يمسك يلغى خطة اللى قبله، ده اللى معطلنا».
«نورالدين»: نجرى فى الثبات ونضيع الوقت.. و«إسماعيل»: نحتاج إلى تعليم يواكب الخطط التنموية التى ينفذها الرئيس
وأكد طارق نورالدين، معاون وزير التعليم السابق، ضرورة ربط التعليم والمناهج الدراسية بسوق العمل، مشيراً إلى أن المشكلات التى تواجه تطوير التعليم فى مصر ليناسب المعايير الدولية كثيرة ومعقدة، بداية من «الإتاحة» بتوفير مكان لكل طالب فى مراحل التعليم المختلفة، ثم تأهيل المعلم الذى يعتبر المحور الأساسى لكل جوانب العملية التعليمية، ثم تطوير المنهج الدراسى وكل ما يرتبط به من أهداف ومحتوى وطرق تدريس وأساليب تقويم، فضلاً عن مشكلات عدم توافر التكنولوجيا فى المدارس والقصور الواضح للبنية التحتية، وتابع: «انتشار ظواهر جديدة على مجتمعنا المصرى مثل تسريب الامتحانات والتسرب ونسبة الأمية هى إفرازات نظام تعليمى سيئ ومتدهور تسبب فى كل هذه المشكلات على مدار العقود الماضية»، وقال إن دستور 2014 حدد حلم المصريين فى هذا القطاع بـ«تقديم تعليم عالى الجودة»، لكن مشكلات الماضى تؤثر على تحقيقه وتجعل منه مهمة صعبة، لاسيما فى ظل ميزانية التعليم الضعيفة التى تخصصها الحكومة للإنفاق على التعليم بوجه عام وتستأثر الأجور بأكثر من 85% منها، والتى تجعلنا فى مأزق يحتاج لمسئولين ذوى قدرات غير عادية فى التفكير خارج الصندوق.
وأضاف «نورالدين»: «لكى ننطلق إلى الأمام فى البداية لا بد من الابتعاد عن أهل الثقة والاعتماد على أهل الكفاءة عند اختيار مسئولى التنفيذ بداية من الوزير إلى أقل درجة فى السلم الوظيفى، والوزير وحده لا يستطيع تغيير المنظومة إذا كان مسئولو التنفيذ والإشراف والرقابة فى المحافظات والقطاعات دون الكفاءة، وعلينا أن نبدأ بخطة محكمة لعلاج كل ما سبق وتوقيت زمنى يحدد الموارد ومسئولى التنفيذ والنتائج والبدائل وغيرها من عناصر أى خطة علمية، ولا يمكن أبداً الاعتماد على الارتجال والتصريحات البراقة فى الإعلام ونظام العمل يوم بيوم، لأن كل ذلك يجعلنا نجرى فى الثبات ونهدر الوقت الذى أرى أنه أغلى من الذهب».
وقال عبدالناصر إسماعيل، رئيس اتحاد المعلمين المصريين، إن حلمنا هو منظومة واحدة للتعليم فى مصر يتساوى فيها جميع المواطنين دون تمييز على أساس دينى أو اجتماعى، ويعزز المشتركات بين المصريين عقلاً وروحاً، ويستلهم كل القيم المصرية فى العدل والتسامح، ويساعد على دفع مصر للأمام علمياً واقتصادياً وثقافياً: «نحلم بتعليم ينطلق من العقول المصرية وليس من عقول الآخرين، ويتماشى مع خطط التنمية التى ينفذها الرئيس»، ومن أجل تحقيق هذا الحلم، حدد «إسماعيل» عدة إجراءات، منها: «الالتزام بالدستور وتوفير النسبة المنصوص عليها فى الدستور لميزانية التعليم والبحث العلمى، ورفعها سنوياً حتى تصل إلى المعدلات العالمية، وإقامة شراكة حقيقية مع المجتمع فى رسم سياسات التعليم، وإنهاء مركزية التعليم إدارياً وتعليمياً لتصبح المدرسة هى المربع رقم واحد».