الكهرباء.. أخيراً.. مصر تهزم «الظلام»
محطات توليد عملاقة قضت على أزمة انقطاع الكهرباء
«مصر مضلمة» عنوان لمرحلة سوداء عاشها المصريون فى ظل انقطاع متكرر للتيار الكهربائى على مدار اليوم، يستيقظون فى ظلام وينامون فى ظلام، وامتدت الأزمة لتشمل جميع محافظات الجمهورية من الصعيد إلى الإسكندرية، ولم تكن العاصمة المأهولة بالسكان والمؤسسات والمصالح الحكومية فى منأى عن تلك الأزمة التى فجّرت غضب الجميع، لكن على مدار 3 سنوات منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مهامه رئيساً للجمهورية، بدأت الدولة مواجهة «شبح الظلام» وتمكنت تدريجياً من القضاء عليه، حتى اختفت مناشدات «تخفيف الأحمال»، وعاد «النور» إلى حياة المصريين، بل دخلت مصر مرحلة جديدة من تنويع مصادر الطاقة الكهربية والتخطيط إلى ما هو أكبر من الاستهلاك المحلى، وتوفير احتياطى من الكهرباء لمواجهة أى أزمات طارئة.
وقال المهندس أسامة عسران، نائب وزير الكهرباء، إن التحديات التى واجهت قطاع الطاقة المصرى خلال السنوات الماضية كانت كثيرة وبالغة الصعوبة، وأهمها نقص الوقود، وانخفاض إتاحية محطات التوليد وقدرة شبكات النقل، وارتفاع الدعم المقدم للطاقة، وضعف السياسات والتشريعات الداعمة لتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، وغياب الآليات التمويلية المناسبة، مؤكداً أن الدولة المصرية نجحت فى مهمتها بفضل المساندة والدعم الفعال من جانب القيادة السياسية فى التغلب على تلك التحديات وتحقيق الاستقرار للشبكة القومية وتغطية الفجوة بين الإنتاج والطلب على الكهرباء، حيث تم اتخاذ العديد من الإجراءات منذ 2014 للتغلب على أزمة انقطاع التيار الكهربائى، موضحاً: «قام قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة المصرى بتوظيف المنهج العلمى فى البحث والتحليل لدراسة مشكلة تكرار الانقطاعات والتعرف على أسبابها الجذرية ووضع الحلول الملائمة لها وفقاً لأهداف مرحلية قابلة للتنفيذ من خلال خطة طموحة وعاجلة، وتم حتى نهاية عام 2015 إضافة نحو 3632 ميجاوات كخطة عاجلة لإنقاذ الأوضاع، بالإضافة إلى استكمال تنفيذ مشروعات إنتاج الكهرباء بإجمالى 3250 ميجاوات من محطات الخطة الخمسية».
المصريون ودّعوا مناشدات «تخفيف الأحمال».. و«عسران»: نجحنا فى المهمة لتغطية الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك
وأضاف «عسران»، فى شرحه للخطوات التى بذلتها وزارة الكهرباء لإنهاء مرحلة «الظلام» التى كدّرت حياة المواطنين، فضلاً عن الآثار السلبية التى أحدثتها على الاقتصاد القومى، قائلاً: «تمت أيضاً مراجعة كفاءة محطات توليد الكهرباء التقليدية والانتهاء من إجراء أعمال الصيانة والعمرات لوحدات إنتاج الكهرباء بالشبكة بهدف التأكد من جاهزيتها واستعاضة القدرات المفقودة منها لتحقيق إدارة فعالة لهذه الأصول وتحقيق التميز فى الأداء، وكل ذلك حدث بالتنسيق المستمر مع وزارة البترول والثروة المعدنية ومختلف الهيئات المختصة بالأمر»، مشيراً إلى أن وزارة البترول بذلت مجهوداً عظيماً فى المساعدة على تنفيذ خطة وزارة الكهرباء بتوفير الوقود اللازم والمناسب لتشغيل وحدات إنتاج الطاقة الكهربائية على مستوى الجمهورية، مما ساهم فى القضاء على ظاهرة انقطاع التغذية الكهربائية بصورة كاملة.
وأكد نائب الوزير أنه بعد نجاح القطاع فى تخطى «المرحلة الحرجة» فقد انتقل إلى مرحلة التطوير والتنمية المستدامة بطموحات أكبر، وتهدف تلك المرحلة إلى ضمان تأمين التغذية الكهربائية مستقبلاً، وتحقيق الاستدامة، والتحسين المؤسسى لقطاع الكهرباء، وتنمية أسواق الكهرباء والغاز، بالإضافة إلى تطوير التشريعات، مشيراً إلى أنه فى سبيل تحقيق هذه الأهداف اعتمد المجلس الأعلى للطاقة فى أكتوبر 2016 استراتيجية تكامل واستدامة الكهرباء التى أعدها القطاع حتى عام 2035 بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى، وقام المجلس الأعلى للطاقة باعتماد الاستراتيجية واختيار السيناريو الأنسب لمصر. وتعتمد استراتيجية «2035» فى مجال الطاقة الكهربية على تحقيق توازن الطاقة من خلال زيادة نسبة مشاركة الطاقات المتجددة لتصل إلى نحو 37.2% بحلول عام 2035، فضلاً عن إضافة نسبة مشاركة نحو 33% باستخدام تكنولوجيا الفحم النظيف، و17% من الغاز الطبيعى 8% من الطاقة النووية، وتم تحديث الاستراتيجية طبقاً للمتغيرات الجديدة التى تتضمن أسعار الوقود وتغيير سعر الصرف وتكاليف التكنولوجيات الحديثة.
وأوضح نائب الوزير أن تحويل محطات توليد الكهرباء من الدورة البسيطة إلى العمل بنظام الدورة المركبة يلعب دوراً هاماً فى تقليل نسب الفقد فى أنظمة الكهرباء، مشيراً إلى أنه تم فى هذا الصدد التعاون المثمر بين قطاع الكهرباء وشركة «سيمنز» لإنشاء أكبر ثلاث محطات بكفاءة عالية تتخطى 60% بإجمالى قدرات يصل إلى 14 ألفاً و400 ميجاوات وتعمل بنظام الدورة المركبة باستخدام أحدث تكنولوجيات توليد الطاقة بشركة سيمنز العالمية فى مجال الطاقة، لافتاً إلى أنه يجرى تنفيذ المحطات الثلاث فى محافظات «بنى سويف، وكفر الشيخ، والعاصمة الإدارية الجديدة»، ومن المتوقع تشغيل تلك المحطات فى منتصف 2018، قائلاً: «سوف تساهم تلك المحطات فى توفير ما يزيد على مليار دولار سنوياً، فضلاً عن استدامة الإمداد بالطاقة لدعم خطط التنمية الاقتصادية طويلة الأجل فى مصر وعلى وجه الخصوص فى صعيد مصر لمواجهة زيادة الطلب على الطاقة الكهربائية، ويجرى حالياً اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء محطات إنتاج الكهرباء باستخدام تكنولوجيا الفحم النظيف بالتعاون مع القطاع الخاص بقدرات تصل إلى 6000 ميجاوات فى موقع الحمراوين على ساحل البحر الأحمر ومن المقرر الانتهاء منها خلال 6 سنوات».
وأضاف «عسران» أنه يتم حالياً اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء أول محطة على مستوى الشرق الأوسط لتوليد الكهرباء من المحطات المائية باستخدام تكنولوجيا الضخ والتخزين بقدرة 2400 ميجاوات بموقع جبل عتاقة للاستفادة من الطاقة المنتجة من المصادر الجديدة والمتجددة وتخزينها فى أوقات توافرها ثم الاستفادة منها فى أوقات الاحتياج إليها فى ساعات الذروة، مشيراً إلى أنه تم تبنى برنامج واسع النطاق يتضمن عدداً من الإجراءات لتشجيع مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات قطاع الطاقة من بينها قانون الطاقة المتجددة الذى يشجع على إنشاء مشروعات من مصادر الطاقة المتجددة من خلال أربع آليات تتضمن المشروعات الحكومية من خلال عقود EPC، والمناقصات التنافسية بنظام البناء والتملك والتشغيل BOO منتج الطاقة المستقل IPP، بالإضافة إلى تعريفة التغذية FIT، ودراسة التحول للعمل بنظام الـAuctions وهو نظام تنافسى للحصول على أقل الأسعار وأعلى كفاءة، وذلك لتحقيق أعلى استفادة ممكنة، وتابع: «كل هذه الخطوات ستساهم فى نقلة كبيرة بمجال الطاقة فى مصر، إضافة إلى أنه جار حالياً تنفيذ خطة لدعم شبكات النقل بهدف تدعيم الشبكة المصرية لتحسين كفاءة الشبكة وتقليل الفقد لتكون قادرة على استيعاب القدرات المضافة من التوليد وضمان الاستدامة». ومن جانبها، قالت الدكتورة إهداب المرشدى، أستاذ القوى الكهربية بكلية الهندسة جامعة القاهرة، إن الشبكة القومية للكهرباء لم تشهد منذ عدة أشهر انقطاعات للتيار الكهربى، ولم تخرج مناشدات تخفيف الأحمال إلى المواطنين كما كان يحدث، وذلك لوجود حالة توازن بين إنتاج محطات الكهرباء والاستهلاك، رغم وصول الأخير إلى ٢٩ ألف ميجاوات، بزيادة تقدر بـ٦ آلاف ميجاوات مقارنة بالعام الماضى. وحول بعض الانقطاعات للتيار الكهربى التى تقع فى مناطق متفرقة بين حين أو آخر.