«مستشفى الجامعة».. حلم أهالى كفر الشيخ يتحقق
مستشفى جامعة كفر الشيخ
سنوات طويلة راود خلالها الحلم أبناء محافظة كفر الشيخ بأن تضم المحافظة مستشفى جامعياً يساعد فى علاجهم بدلاً من الانتقال لمحافظات الغربية والدقهلية والإسكندرية والبحيرة، بحثاً عن علاج وتخصصات نادرة غير موجودة بالمستشفيات العامة أو المركزية، وبعد تلك السنوات تحقق حلم إنشاء مستشفى جامعى على أرض المحافظة، خاصة بعد انفصال الجامعة واستقلالها عن جامعة طنطا.
الرئيس فى المحافظة اليوم.. والزيارة تتضمن افتتاح عدد كبير من المشروعات
وفى عام 2012 عكفت قيادات المحافظة على دراسة إنشاء مستشفى يضم كل التخصصات ويضاهى المستشفيات العالمية من حيث الإنشاءات والتجهيزات، وبالفعل تم البدء فى المرحلة الأولى للبناء رغم عدم وجود تمويل كافٍ من قبَل الحكومة، لكن تبرعات الأهالى الراغبين فى تحقيق الحلم كانت أسرع من التمويل الحكومى. 4 أعوام ونصف العام، هى الفترة الزمنية التى تم فيها تشييد أكبر مستشفى فى الدلتا والأفضل من حيث التجهيزات الطبية والأجهزة الحديثة والبحث العلمى، وينتظر الحلم الذى بات حقيقة افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى له خلال زيارته للمحافظة اليوم مع عدد كبير من المشروعات، ويضم المشروع مهبطاً للطائرات على مساحة 50 ألف متر مربع قادراً على استقبال 5 طائرات فى وقت واحد، قامت القوات المسلحة بتشييده داخل الجامعة.
المستشفى لم يكن حلماً فقط لأهالى المحافظة، وإنما للأطباء الراغبين فى استكمال أبحاثهم العلمية، كما يفتتح الرئيس 4 كليات جديدة هى الصيدلة وطب الأسنان والتمريض وعلوم الثروة السمكية والمصايد.
على مساحة كبيرة داخل الحرم يقع المستشفى الجامعى بمحافظة كفر الشيخ، الذى أُنشئ بتكلفة 370 مليون جنيه منها 160 مليوناً تكلفة الإنشاءات والمبانى، و210 ملايين تكلفة التجهيزات الطبية التى احتوت على أحدث أجهزة فى العالم، والتمويل عبارة عن 300 مليون جنيه من تبرعات الأهالى و23 مليون جنيه من التمويل الذاتى للجامعة، فيما قدمت الحكومة دعماً للمستشفى بـ 47 مليون جنيه.
ويحتوى المستشفى على المبنى الرئيسى وثلاثة مبانٍ ملحقة، ويتكون المبنى الرئيسى من سبعة طوابق بنظام الجناحين ويشمل الخدمات التشخيصية والعلاجية والجراحية والرعاية المركزة والخدمات المساعدة «المغسلة - المطبخ - التعقيم - التغذية - الثلاجة - الشئون الوقائية - مكافحة العدوى - الصيدلية»، وتضم المبانى الملحقة مبنى الغلايات والخدمات الإدارية بما فيها شئون المرضى والسجلات الطبية والمحولات والمولدات وسكن الأطباء ومحطة معالجة النفايات ومكاتب أعضاء هيئة التدريس، والمستشفى يضم تكييفاً مركزياً ومجهز بنظام الغازات الطبية ونظام إنذار وإطفاء الحريق الآلى، كما يتوافر بالمستشفى نظام العرض المرئى من خلال شاشات عرض لكافة أقسام المستشفى والإذاعة الداخلية.
وقال الدكتور محمد عبدالعال، مدير عام المستشفى، إن المستشفى يضم 433 سريراً، كما يضم أحدث أجهزة الأشعة التشخيصية والتداخلية مثل الأشعة المقطعية بقدرة تصوير 640 مقطعاً، والرنين المغناطيسى، والأشعة السينية، وجهاز الكشف المبكر عن سرطان الثدى، وهشاشة العظام، والأجهزة التشخيصية كتخطيط ومراقبة القلب وأجهزة الإنعاش القلبى والرئوى والتنفس الصناعى، إضافة إلى جناح للمناظير يحتوى على أحدث أجهزة المناظير الطبية الضوئية التشخيصية والعلاجية ومزودة بكاميرات تليفزيونية للمتابعة، وجناح لمعامل التحاليل الطبية ويحتوى على أحدث أجهزة التحاليل وبنك الدم.
مدير المستشفى: لدينا أحدث أجهزة للمناظير الضوئية والكشف المبكر عن سرطان الثدى والإنعاش القلبى والرئوى
وأضاف أن المستشفى يحتوى على 13 غرفة عمليات مجهزة بأحدث التقنيات العالمية وتم تصميمها بنظام الكبسولة المتكاملة المزدوجة والمعزولة لضمان أعلى معايير مكافحة العدوى وتسمح بإجراء الكثير من العمليات فى آن واحد. فضلاً عن تزويد كافة ممرات العمليات بنظام PVC وهو نظام عزل ضد البكتيريا، إضافة إلى تجهيز قسم العمليات بأحدث أجهزة المناظير الجراحية والميكروسكوبية فى كافة التخصصات الطبية مثل الجراحة العامة وجراحة المخ والأعصاب وجراحات الأوعية الدموية والعيون والعظام.
كما يوجد بالمستشفى ثلاث غرف عمليات للنساء والولادة و14 حضانة أطفال لتوفير رعاية متميزة لحديثى الولادة ووحدة العناية المركزة للأطفال، ويضم 16 عيادة خارجية مجهزة بأحدث أجهزة التشخيص والعلاج منها أجهزة ليزر بقسم الجلدية للعلاج والتجميل، إضافة إلى العديد من أجهزة الليزر بقسم الرمد، كما توجد أجهزة طبية حسب التخصص فى تخصصات العظام والمسالك البولية والأنف والأذن والحنجرة، ويوفر المستشفى قسماً جديداً وهو قياس السمع والباطنة العامة والنفسية، ويوجد العديد من غرف الإفاقة ملحقة بأقسام النساء والولادة والمناظير وغرف العمليات الجراحية، إضافة إلى 63 غرفة عناية مركزة بنظام العزل الكامل، أى إن كل سرير عناية مركزة فى غرفة منفصلة يحتوى على عديد من التجهيزات.
وأوضح مدير المستشفى: «يضم المستشفى قسماً للغسيل الكلوى بـ15 وحدة غسيل مزودة بأحدث التقنيات لعمل الغسيل الدموى والفصل البلازمى لجميع الأمراض المناعية، كذلك الغسيل الدموى لمرض الالتهاب الكبدى ووحدة معالجة المياه وكافة ما يلزم لتقديم أفضل خدمة لمرضى الفشل الكلوى، كما يضم المستشفى وحدة الفيروسات».
يضم 433 سريراً و63 غرفة رعاية مركزة.. و370 مليون جنيه تكلفة البناء منها 300 مليون تبرعات من الأهالى.. والمرضى: «بيحسسونا إننا بنى آدمين».. و16 عيادة خارجية مجهزة بأحدث أجهزة التشخيص وأحد المرضى: أجريت أشعة غالية الثمن بالمجان
ويقوم قسم التموين الطبى والصيدلية والخدمات بتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية للمرضى من خلال الصيدليات الإكلينيكية، كما تم تزويد المستشفى بوحدة لمعالجة النفايات، وقد روعى فى التصميمات الهندسية للمبانى أن تكون مطابقة لمعايير الجودة العالمية ومواكبة للتوجهات العالمية فى القطاع الصحى وملائمة لتقديم خدمة طبية مميزة.
وفى صالة الانتظار بالدور الأرضى أمام العيادات الخارجية، جلس محمد عبدالقوى، الرجل الستينى، تبدو على ملامحه الكبر، تحمل عبء السفر من إحدى قرى مركز الحامول إلى المستشفى فى انتظار دوره للدخول إلى طبيب المخ والأعصاب، حيث يعانى من بعض آلام الذراع، وعقب دخوله لتوقيع الكشف الطبى عليه، طلب منه الطبيب أشعة رنين مغناطيسى بتكلفة 500 جنيه وعندما علم أن الرجل لا يملك ثمن الأشعة قام بختم إذن الأشعة وحصل على توقيع مدير المستشفى لإجراء الأشعة بالمجان، لم يصدق الرجل: «أنا مش مصدق وماكنتش عارف إن مستشفى الجامعة به كل هذا الاهتمام، أنا لفيت عند الدكاترة برة وصرفت مئات الجنيهات لكن دون جدوى، كل طبيب بيكتب لى روشتة شكل».
وأضاف «عبدالقوى»، قائلاً: «حددولى ميعاد الأشعة والطبيبة كتبت لى على علاج، بالإضافة إلى أيام للمتابعة، وأنا وجدت معاملة طيبة من الأطباء وطاقم التمريض، لما كنا بنتعب كنا بنسافر للمنصورة ونتحمل أعباء مادية كبيرة، لكن وجود مستشفى فى كفر الشيخ بهذا الحجم سيخفف من معاناة المرضى، خاصة مع انتشار الأمراض بالمحافظة نتيجة تلوث مياه الشرب».
لم يكن عم محمد هو الوحيد الموجود فى صالة الانتظار، حيث كان من بين المرضى سيدة تُدعى «ميرفت. م»، تبلغ من العمر 23 عاماً، جاءت للمستشفى أملاً فى إيجاد وسيلة لاستئصال حاجز داخل الرحم تسبب فى تأخر الإنجاب، قالت: «تجولت على المستشفيات وعيادات الأطباء وأحدهم طلب إجراء العملية مقابل 7 آلاف جنيه، ولأننى لا أملك المبلغ لجأت للمستشفى بعد نصيحة إحدى السيدات، وفوجئت بأن المستشفى يُجرى العملية الجراحية بالمجان».
وأضافت «ميرفت»: «لم أصدق أننى سأجرى الجراحة بشكل مجانى وكنت أتوقع طلب المستشفى أموالاً وأخبرنى أطباء النساء والتوليد أنها مجانية، وتلقيت العلاج أيضاً بشكل مجانى على عكس المستشفيات وأتم الله علىّ الشفاء، وأشكر أطباء قسم النساء والممرضات وإدارة المستشفى على الاهتمام».
وقالت «فاطمة» إنها تقوم بإجراء عملية تفتيت حصوة بالمنظار، وفضلت مستشفى جامعة كفر الشيخ بعد ما سمعت أن العلاج به بالمجان، مشيرة إلى أنها جاءت للمستشفى وقطعت تذكرة بـ10 جنيهات فقط وتم إجراء الكشف الطبى عليها وعرض ما بحوزتها من أشعة وتقارير على الأطباء فقرروا إجراء عملية منظار مجانى. وأضافت: «لما كان ولد من الولاد بيتعب كنا بنجرى على جامعة الإسكندرية لعدم ثقتنا فى مستشفيات الحكومة، لكن هنيجى مستشفى الجامعة لأن بها أطباء على أعلى مستوى وكل حاجة فيها ببلاش، ونضيفة، ومعاملة الناس محترمة بيحسسونا إننا بنى آدمين ولينا حقوق فى العلاج والخدمة الطبية».
وعلى بعد خطوات من صالة الانتظار وبمبنى ملحق بالمستشفى، يوجد مبنى خاص بأمراض الجهاز الهضمى، وداخل إحدى الحجرات التقينا الدكتور محمد حسين، أستاذ مساعد مناظير جهاز هضمى بالجامعة، والذى يُقيم بمحافظة أسيوط، حيث أكد أنه فى عام 2015 قرأ إعلاناً بإحدى الصحف يطلب مدرسين مساعدين فى التخصصات الإكلينيكية ومنها قسم مناظير الجهاز الهضمى والكبد فتقدم بأوراقه وكل ما يحتاجه الإعلان غير واثق أنه سيتم قبوله لكنه أصر على خوض المغامرة، فاجتاز كافة الاختبارات والمقابلات الشخصية التى أجراها عدد من أعضاء هيئة التدريس لفحص رسائل الماجستير للمتقدمين ومدى قدرة وكفاءة هؤلاء. وقال: «8 أشخاص من نفس التخصص تقدموا بأوراقهم، وفوجئت بعدالة وشفافية فى الاختيارات بعيداً عن صلات قرابة أو محاباة لدى أعضاء التدريس، بالإضافة إلى التدقيق، وتم اختيارى بعد إعلان النتيجة، ورغم أننى كنت أعمل بجامعة أسيوط، كان لدى أمل أن أجد جدية فى العمل، بالإضافة إلى البنية التحتية وخطة العمل الجيدة، وبالفعل وجدت ذلك بالجامعة ما دفعنى لترك موطنى والانتقال لكفر الشيخ».
وأوضح «حسين» أنه وجد أكثر مما توقع سواء من أطباء مدربين أو معاملة التمريض للمرضى أو علاج الأهالى مجاناً، والأبحاث العلمية والقيادة التى تقود الجامعة وتحث على بذل مزيد من الجهد، مشيراً إلى أن المستشفى مركز مهم ورئيسى للأهالى، ونحلم أن يكون عالمياً وأن يكون الأول على مصر فى كل شىء بفضل الرؤية، موضحاً أن هدفه هو خدمة المرضى وجاء مغترباً لخدمة هؤلاء، بالإضافة إلى تحقيق قيمة علمية متقدمة بعد بذل مجهود كافٍ، وأن الجامعة على المستوى العلمى تضيف للمنتمين لها، وأن الأبحاث العلمية تُجرى به على أعلى مستوى. من جانبها، أكدت هدى إبراهيم، ممرضة بالعناية المركزة بقسم أمراض القلب، أنها كانت تعمل بمستشفى الغردقة بمحافظة البحر الأحمر، وبعد افتتاح المستشفى فضلت الالتحاق بطاقمها لخدمة الأهالى ولاكتساب الخبرات التى لم تكتسبها فى المستشفيات العامة، خاصة فن الاتصال والدورات التدريبية التى تحصل عليها، مشيرة إلى أن العمل بروح الفريق الواحد من أهم ما يميز المستشفى، وأن الممرضة تختار القسم التى تعمل به. وأضافت أن أهم شىء هو المعاملة الحسنة للمرضى، وأنهم يحاولون امتصاص غضب أهالى المرضى حال حدوث شىء، مشيرة إلى أن العمل بالمستشفى الجامعى يختلف تماماً عن العمل فى المستشفيات الأخرى وأنها سعيدة بتجربة عملها بالمستشفى الجامعى، إضافة إلى وجود التأمين الشامل به، وأن الأطباء والأجهزة الطبية على أعلى مستوى، مشيرة إلى وجود «قسم الجودة والكنترول وهو شىء لم أعرفه من قبل وتدربت على تطبيقه والتعقيمات ومكافحة العدوى والالتزام بها من خلال الدورات التدريبية، بالإضافة إلى تدريب طلاب كلية التمريض كجزء عملى لهم، وأن أهم ما نقوله لهم أن يهتموا بالمريض ويقدموا الخدمة التى تليق به وأن تهتموا بعملكم وتؤدوه بضمير».