بروفايل| تواضروس.. 5 سنوات من المحبة
البابا تواضروس
5 سنوات مرت على جلوسه على الكرسي البابوي، كخليفة لمارمرقس مؤسس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كانت كفيلة أن تدخل البابا تواضروس التاريخ من أوسع أبوابه، ليس لإنجازاته فقط، لكن لما قابله من صعوبات وتحديات تلاطمت مع سفينة الكنيسة التي قادها باقتدار، حتى وإن دفع ثمن ذلك من صحته أو المؤامرات والشائعات التي نسجت حوله لتعطيله عن مهمته.
"صبحي باقي" هو الاسم الحقيقي الذي اختاره له والديه، قبل أن يتخلى عن الدنيا وزخرفها وهو شاب، ليدخل دير الأنبا بيشوي باختياره، راهبا متبتلا في قلايته بصحراء وادي النطرون باسم "ثيئودور"، يبحث عن راحته في الصلاة ومناجاة الله، لكن قادته الأقدار لما لم يسعى إليه كاهنا ثم أسقفا، قبل أن يحمل عيد مولده الستين نبأ اختياره بابا للكنيسة على غير رغبته، لكنه انصاع لمشيئة الله.
وقف الجميع يشاهد طقس تجليسه على السدة المرقسية، وهو يرتدي الطيلسان والرداء البابويين، وحين تسلم "عصا الرعاية" وجلس على الكرسي البابوي، ذرفت عيونه الدمع من هول المسؤولية الملقاة على عاتقه.
5 سنوات مرت على تلك اللحظة، قابل البابا ما كان يحسبه، طالت نيران الإرهاب والتطرف الكنيسة والأقباط تدميرا وقتلا، لكن لم تهتز ثقته في وطنه، متحديا جماعات الظلام ومموليهم، رافضا التخلي عن إيمانه بالوطن حتى وأن تألم على الدماء التي سالت والجدران التي صارت ركاما، لكن عزاءه أن وطنا يُبنى، وأخذ يبشر به في الداخل والخارج، فلم تسقط مصر من قلبه ولا لسانه في كل رحلاته من المشرق إلى المغرب.
5 سنوات مرت، والبابا يكرّس طاقته لتنظيم البيت الكنسي من الداخل، ويحصد ثمرة تعبه توسعا للكرازة المرقسية في أنحاء العالم، وانفتاحا على الطوائف المسيحية الأخرى، حتى وأن لقي في سبيل ذلك سيلا من الشائعات وحربا شعواء من داخل الكنيسة قبل خارجها.
الصيدلي الذي تعلم أن يصنع من السم دواء، استطاع أن يحول مر المحن إلى عسل، فمد خط العلاقات مع الدولة على استقامته، ورفض دعوات بث الفتنة بين نسيج المجتمع، فعزز علاقته بمشيخة الأزهر، زرعوا أمامه الأشواك فحولها لزهور وبث الحب بين أركان الوطن، لينال عن استحقاق لقب "بابا المحبة".