نائب رئيس «الاتحاد» اللبنانى: تعليق استقالة «الحريرى» تم ضمن تسوية «فرنسية - مصرية» مع السعودية وليس «عودة كاملة»
نائب رئيس حزب «الاتحاد» اللبنانى أحمد مرعى
شكل إعلان رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى «التريث» فى استقالته، التى أعلنها فى الرابع من نوفمبر الجارى، فرصة أراحت الجو السياسى اللبنانى، وتفسح المجال أمام المشاورات السياسية، وفق نائب رئيس حزب «الاتحاد» اللبنانى أحمد مرعى، الذى قال، فى حوار لـ«الوطن»، إن تعليق «الحريرى» استقالته والعودة إلى لبنان من السعودية قرار اتُخذ ضمن تسوية تم الاتفاق على عنوانها عبر اتصالات فرنسية - مصرية جرت مع «الرياض». وأضاف السياسى اللبنانى أن الأمين العام لـ«حزب الله» اللبنانى حسن نصرالله مهَّد لتلك التسوية فى خطابه الأخير.. وإلى نص الحوار:
بداية، ما رأيك بقرار «الحريرى» التراجع أو «التريث» عن استقالته الذى أعلنه بعد عودته إلى لبنان؟
- القرار الذى أعلنه رئيس الوزراء سعد الحريرى بعد لقاء الرئيس ميشال عون من القصر الجمهورى بالتريث، أمس الأول، فيما يتعلق باستقالته التى تقدم بها فى 4 نوفمبر، جاء ليفسح المجال أمام سلة من المشاورات بين العديد من القوى الإقليمية والمحلية، للخروج بصيغة ترضى جميع الأطراف فيما يتعلق بسقف الاستقالة التى أعلنها «الحريرى» من العاصمة السعودية «الرياض».
أحمد مرعى لـ«الوطن»: الأمور كانت تذهب إلى اعتزال رئيس وزراء لبنان الحياة السياسية نهائياً واللجوء إلى فرنسا
وما انعكاس القرار إذن على المشهد السياسى اللبنانى إلى الآن؟
- هذا الإعلان وهذا «التريث» أراح الجو السياسى اللبنانى وفتح المجال لمزيد من المشاورات لإخراج الصيغة النهائية والتى على أساسها سيستمر العمل الحكومى فى لبنان.
وأين «حزب الله» من هذه الصيغة المحتملة، خاصة أن الحزب كان من العوامل الأساسية فى بيان استقالة «الحريرى»؟
- رأينا بشكل أساسى أن التسوية قد تمت منذ خروج الرئيس سعد الحريرى من المملكة العربية السعودية وذهابه إلى كل من فرنسا ثم مصر، اللتين ساهمتا بشكل أساسى لإخراج هذه التسوية وما وصلت إليه، أى إن الصيغة التى أعلنها الرئيس «الحريرى» من القصر الجمهورى هى صيغة تم الاتفاق عليها قبل مجيئه إلى لبنان، ولكن تم الإعلان عنها بشكل رسمى بعد اجتماعه مع رئيس الجمهورية ميشال عون ومع رئيس مجلس النواب نبيه برى.
وماذا عن «حزب الله»؟
- فى رأيى، الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، مهَّد لهذه التسوية فى خطابه الأخير، عندما أشار إلى أن الأحداث فى مواجهة الإرهاب فى العراق وسوريا قد انتهت عملياتها العسكرية، و«حزب الله» ليس موجوداً بشكل أساسى ولا يدعم أى فصيل على الساحة اليمنية، فهذه كانت من المقدمات الأساسية للإعلان عن موضوع التريث، لإيجاد صيغة سياسية ما يستمر على ضوئها العمل الحكومى بتركيبته القائمة.
هناك صيغة إقليمية دولية لإعادة تنظيم التوازنات الداخلية فى لبنان والاتفاق على التسوية تم قبل عودة «الحريرى» إلى «بيروت».. و«نصر الله» مهَّد للاتفاق بإعلانه انتهاء العمليات العسكرية بالعراق وسوريا.. و«الرياض» استغلت الموقف لتحقيق أهدافها فى اليمن ولبنان
البعض يرى أن خروج «الحريرى» من السعودية تم تحت ضغوط دولية، ولا يروق لـ«الرياض» هذا الأمر، ما تعقيبك؟
- لا، أولاً سعد الحريرى لا يمكن أن يخرج عن العباءة السعودية، الأمر الآخر أن السعودية تريد قبل كل شىء أن يكون هناك حل فى لبنان واليمن. السعودية تمارس ضغوطاً لإيجاد صيغة ما حول المشاركة فى لبنان، وحول العمليات العسكرية فى اليمن وإعادة اليمن إلى وضعه السابق، هى لا تريد اليمن أن يتحول إلى بؤرة توتر دائمة تصيب أمن المملكة بأضرار كثيرة وهو الحديقة الخلفية للسعودية. «الرياض» تمارس أقصى الضغوط لتحقيق تلك الأغراض، واستخدمت ورقة الرئيس سعد الحريرى لهذا الغرض.
«الحريرى» ومن خلفه السعودية تيار.. هل يكون أقوى بعودته فى مواجهة التيار المقرب من إيران فى لبنان؟
- مما لا شك فيه أن «الحريرى» استعاد جزءًا من شعبيته المفقودة، لأن شعبيته وصلت إلى مستوى متدنٍّ قبيل تقديم الاستقالة، الآن هناك صيغة ما إقليمية دولية لإعادة تنظيم التوازنات الداخلية فى لبنان، وهذه الصيغة ستكون الإطار الحامى للمرحلة السياسية المقبلة فى لبنان. الحريرى كان أمام عدة خيارات، إما أن يخرج عن إطار المنظومة الإقليمية التى ترعى الشأن اللبنانى، أو أن يخرج من الحياة السياسية بصورة تامة، وهو أعاد تغليب العودة إلى المنظومة الإقليمية التى ترعى المسألة اللبنانية، أو الفريق السياسى الذى يبنى علاقات مع قوى إقليمية موحدة.
وبالتالى، هل من الممكن أن يعيد «الحريرى» التقدم باستقالته؟ أم أن الأمور انتهت وهو باقٍ؟
- برأيى، تعليق الاستقالة ليس عودة فيها بالكامل، والصيغة التى تم الاتفاق على عنوانها «النأى بالنفس» بعد انتهاء المعارك التى كانت دائرة فى العراق وسوريا. بقى موضوع اليمن، وهنا أعلن الأمين العام لـ«حزب الله» أنه لم يكن يشارك بأى عمليات فى اليمن ولا يرسل سلاحاً إلى اليمن، هذا الإعلان الذى عبر عنه خطاب السيد حسن نصر الله الأخير، كان تمهيداً وإفساحاً للمجال أمام الرئيس «الحريرى»، كى يعلن عن الصيغة التى تم التوافق عليها عبر الاتصالات التى قامت بها كل من فرنسا والقاهرة مع المملكة العربية السعودية.
نعود قليلاً إلى الفترة الأولى لتقديم «الحريرى» استقالته، ما رأيك فى الجدل الذى أثير حول إعلان استقالته من «الرياض»؟
- كل المعطيات المتوفرة أن «الحريرى» أخذ هذه الخطوة بالاستقالة من الحكومة اللبنانية، اعتراضاً على بعض الأمور التى كان متوافقاً مع المملكة العربية السعودية عليها، والتى لم يستطع أن يحقق إنجازاً فيها، وبالتالى تقدم باستقالته احتجاجاً على عدم قدرته على الوفاء بتلك الأمور. وهذه الخطوة كانت تعبيراً عن عدم قدرته على إدارة الأمور السياسية وفق استراتيجية كان قد حددها مع المملكة العربية السعودية، لكن لم يستطع إنجازها، وبالتالى كان أمام خيار الاستقالة.
وماذا بشأن ما أثير عن احتجازه؟
- أعتقد أنه زار الإمارات واستقبل سفراء واستقبل البطريرك المارونى بشارة الراعى فى المملكة العربية السعودية، وكل هذه دلائل تشير إلى أنه كان غير معتقل أو محتجز، ولكن يمكن أن يكون خياره نتيجة عدم قدرته على إدارة العمل السياسى بعمق ارتباطاته السابقة. وعجزه عن تنفيذ هذا الأمر كان يجعله لا يأخذ قرار الاستقالة فقط، وإنما اعتزال العمل السياسى، وفرنسا كانت ستصبح ملجأه الأخير فى إطار تسوية سياسية لاعتكافه عن العمل السياسى بصورة نهائية.
نعود إلى موقف الرئيس «عون» وإصراره على أن «الحريرى» كان محتجزاً فى السعودية..
- بالنسبة للرئيس ميشال عون، فهو محرج، محرج أن رئيس حكومته يقدم استقالته من خارج البلاد، كانت الأصول تقتضى أن يأتى إلى القصر الجمهورى ويقدم استقالته إلى الرئيس، هذا أوجد نوعاً من اللبس فى موضوع الاستقالة، والرئيس كان يريد أن تكون الصورة أوضح بالنسبة له فى هذا الموضوع.
هل ما ذكرته كان كافياً للرئيس «عون» للجزم بأن «الحريرى» كان محتجزاً هو وأسرته فى «الرياض»؟
- هو كان يستنتج ذلك، بأن ليس لديه الحرية الكاملة، تحدث معه دقيقة أو دقيقتين، وأبلغه أنه سيقدم استقالته، وانتظره كى يعود إلى لبنان لينظر طبيعة هذه الاستقالة وأبعادها، ولينظر الرئيس يقبلها أو لا يقبلها، فلم يأتِ الرئيس سعد الحريرى وقتها.
وهل أراد «حزب الله» أن يعطى بعداً سياسياً دولياً أكبر للمسألة فى إطار التصعيد الإيرانى السعودى هذه الأيام؟
- بالتأكيد «حزب الله» بهذا الاتجاه، وهو يريد إعطاء المسألة بعداً فى إطار المحاور التى تتصارع فى المنطقة على ملء الفراغ نتيجة غياب القيادة الفاعلة عن ساحة الفعل العربى.
لماذا اختار «الحريرى» القاهرة ولقاء الرئيس «السيسى»؟
- اختياره «القاهرة»، لأنها تمثل للوضع العربى ثقلاً سياسياً لا بد من الولوج إليه، ولأنه كان يريد معرفة رأى القيادة السياسية المصرية بكل ما أحيط بقرار الاستقالة والعودة إلى لبنان.