"التكفير" نهج يرفضه الأزهر.. وأستاذ اجتماع: مطالبات حماسية وأثرها سلبي
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
التكفير، ذلك المطلب الذي يخرج مع آلام الملايين عقب الحوادث الإرهابية التي تطال النفوس الآمنة في عقر دارها وحتى بيوت الله، نفس الشيء الذي يرفض الأزهر الشريف الانصياع لذلك الأمر الذي يتردد بين الحين والآخر ردًا على أعمال إرهابية كتلك التي يرتكبها تنظيم "داعش الإرهابي" وأخيرًا الفاجعة التي حدثت بمصر الجمعية الماضية بمقتل 305 مواطنين، بينهم 27 طفلا، وأُصيب 128 آخرين، في هجوم على مسجد الروضة بمركز بئر العبد في شمال سيناء.
مطالبات بتكفير المسؤولين عن الحادث الأخير وكل مَن يرتكب عملًا إرهابيًا بدأت تتوجه إلى مؤسسة الأزهر منذ 3 أعوام مضت، وكان رده الأول عليها في ديسمبر 2014 عبر بيان رسمي أصدره نفى خلاله تهمة تكفير "داعش" عن الشيخ إبراهيم صالح الحسيني، مفتي نيجيريا، بالقول إنه لم يلفت خلال كلمته التي ألقاها بمؤتمر الأزهر الشريف لمواجهة العنف والتطرف بتكفير "داعش" أو غيرها، وإنما أوضح أن أفعال هؤلاء ليست أفعال أهل الإسلام، بل هي أفعال لا تصدر من مسلمين، ذلك ما يتماشى مع موضوع المؤتمر حينها الذي عقد في الأساس لمواجهة فكرة تكفير الآخر وإخراجه من الملة.
"لو حكمنا بكفرهم لصرنا مثلهم ووقعنا في فتنة التكفير، وهو ما لا يمكن لمنهج الأزهر الوسطي المعتدل أن يقبله بحال"، ملخص الرد الأول من الأزهر الشريف على تلك المسألة، التي عاد وكررها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر في اليوم الأخير من العام 2014، خلال لقائه مع رؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة بقوله إن الأزهر يتبع المنهج الأشعري، وفيه مقولة (لا نكفر من يصلي للقبلة طالما نطق الشهادتين) فهذا مسلم ولا يجب تكفيره، كما أن هناك فرقًا بين الإيمان والإسلام".
التأكيد على نهج عدم التكفير، أكده وكيل الأزهر الشريف الدكتور عباس شومان، بتصريحه أمس، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "حضرة المواطن"، على قناة "الحدث اليوم" على خلفية ما حدث بمسجد الروضة، حيث قال إن الأزهر لا يمكنه أن يكفر هؤلاء الإرهابيون لكون التكفير يفتح أبواب لا يمكن إغلاقها، وإنما يمكن الحكم على الحادث فقط، بأن من قام بذلك ليسوا مسلمين، فلا يمكن أن يقوم به مسلم ولا يهودي، لكن إصدار أحكام عامة بتكفير مجموعة عامة، فالقواعد العلمية بالشريعة الإسلامية لا تمكن من ذلك.
الاتجاه والمطالبات من عدد ليس بقليل من المجتمع في الواقع أو على صفحات "السوشيال ميديا"، يراه الدكتور طه أبو حسين، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، حماسة تنم عن جهل، مضيفًا في حديثه لـ"الوطن"، أن مجتمعنا ليس من المجتمعات التي تُكفر بالمعصية، وطرق هذا الباب يفتح أبوابًا كثيرة للتكفير بالمعصية لن تُغلق وسيُكفَّر الزاني والسارق وكل من يرتكب معصية أو كبيرة ويتحول المجتمع بأكمله إلى مجتمع تكفيري، وستكون الأضرار السلبية كبيرة، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن يكون مرتكبو ذلك الحادث ليسوا مسلمين من الأساس.