«عيد» نجا من الرصاص وفقد 17 من عائلته: «مش عايز أرجع تانى»
عيد شريفات أحد الناجين من الحادث
فى الصف قبل الأخير كان يجلس بين أهله وجيرانه، يستمع للخطبة بانتباه شديد مؤمّناً على كلماتها التى تحكى عن «نبى الإنسانية»، لم يكن يعلم أن هناك بركاناً من النيران سيتدفق عليهم كالمطر لسلب أرواحهم بشكل عشوائى، بفضل رصاص طائش لم يفرق بين طفل وشيخ، ليجد نفسه منتفضاً من مكانه لا إرادياً نحو أقرب شباك للمسجد، كى ينجو من الموت المؤكد، عيد شريفات، رئيس الوحدة المحلية لقرية الروضة، لم يجد أمامه خياراً سوى الصعود لأعلى المسجد عن طريق المئذنة ومعه طفلان تتبّعا سيره ليقفز أرضاً منكسر الساق، ظناً منهم أنهم سيفجّرون المسجد ككل، لحظات عصيبة مرت أمام عينيه أنسته إصابته ليهرول نحو المصابين لمساعدتهم وإسعافهم: «ما كنتش بقدر أشيل حد يادوب أتصل على عربيات تيجى تنقلهم لأقرب مستشفى»، 17 من عائلته فقدهم دفعةً واحدةً، شقيقه وأبناء إخوته 14 ومن أولاد عمه اثنان، وأبناء أخته، بجانب عدد كبير من المصابين: «مفيش حد مات أو اتصاب ما أكلتش معاه عيش وملح حتى لو مش قرايب»، دموع مكتومة خلف جسد يتظاهر بالتماسك يخفى آهاته التى جعلته يتمنى الموت مثلهم، ظل بجوار المصابين للاطمئنان على آخر حالة تم نقلها، حتى ازداد ألمه مع غروب الشمس، وتم نقله أيضاً بعربة إسعاف إلى مستشفى جامعة قناة السويس بالإسماعيلية، جلس ينتظر دوره فى العمليات، لكن العدد كان أكبر من الإمكانيات المتاحة، ليتبرع طبيب بإجراء العملية له فى عيادته الخاصة متحمّلاً تكاليف العلاج: «لما عرف إنهم أجّلوا العملية لأسبوع كمان قال لى تعالى هعملهالك، ومخدش ولا مليم».
تعرّض لكسر فى قدمه بعد قفزه من أعلى المسجد
يسخر من اسمه الذى فقد معناه ولم يتبقّ منه سوى ثلاثة حروف ستلازمه باقى حياته، مؤكداً عدم رغبته فى العودة مرة أخرى إلى قريته وهى تفوح برائحة الدماء، متخيلاً حالها الذى تبدل ليتحول لسرادق عزاء يكسوه اللون الأسود والدموع: «متخيل شكل النساء وهى مترملة والأطفال ده لو لسّه فيها أطفال بعد اللى ماتوا وهمّا بيعيطوا على أهاليهم، مش عايز أرجع»، لم تتوقف اتصالاته للاطمئنان على أهله وأصدقائه فى كل مكان يتلقون فيه العلاج: «أنا بالنسبة لهم حالتى أفضل بكتير قادر أتحرك حتى لو على عكاز».