الخبير السياسى: التنظيمات الإرهابية تتبنى استراتيجية جديدة لإشعال «فتيل» الاقتتال الداخلى
لدكتور عمرو الشوبكى
أكد الدكتور عمرو الشوبكى، خبير العلوم السياسية والاستراتيجية والمتخصص فى شئون الجماعات الإسلامية، أن مجزرة مسجد الروضة أسقطت الإطار العقائدى عن «داعش» بعد استهداف المصلين داخل المسجد، واعتبر أن الدعوة إلى تسليح القبائل «فخ» يستهدف تفجير الوضع فى سيناء وعلى الجميع الانتباه إليه.
وقال «الشوبكى» فى حوار لـ«الوطن» أن استهداف المصلين يعتبر أول مسمار فى نعش البيئة الحاضنة للإرهاب.. وإلى نص الحوار:
كيف ترى الحادث الإرهابى الذى ضرب مسجد الروضة فى بئر العبد؟
- هذا الحادث هو الأبشع فى تاريخ مصر المعاصر، وسوف نُؤرخ كثيراً لما قبله وما بعده، لأنها أول مرة يتم فيها استهداف أحد المساجد، وسوف يظل هذا الحادث فى ذاكرة مصر وتاريخها المعاصر لفترة طويلة، لأنه وسط العمليات الإرهابية يعد الأبشع.
من المسئول عن هذا الفعل الإجرامى من وجهة نظرك؟
- تنظيم داعش الإرهابى لم يعلن بشكل واضح، لكن كل المؤشرات تقول إن «داعش» هو الذى يقف وراء هذا الحادث الإجرامى.
«الشوبكى»: تسليح القبائل «فخ» يستهدف تفجير سينا
فى رأيك، ما تداعيات هذا الحادث؟
- قد يتسبب فى تداعيات سلبية تتمثل فى اقتتال قبائل سيناء إذا لم يتم تحكيم العقل، لأن الحادث مشكلته الكبرى أنه استهدف بالكامل عناصر مدنية، فالمسجد يخص «آل جرير»، وهو رجل صوفى يعتقد أهالى سيناء أنه من أصحاب الكرامات، أما قرية الروضة فهى معقل تمركز لقبيلة السواركة، وقريبة من منطقة بئر العبد ذات الأغلبية من قبيلتى الترابين والبياضية.
وماذا يعنى ذلك؟
- الإجابة عن هذا السؤال تتطلب النظر بتمعن إلى القبائل الثلاث، فقبيلة السواركة، يوجد بها انقسام ما بين من يتعاون مع الدولة والجيش والشرطة، ومن ينتمى إلى الجماعات الإرهابية، وكذلك الحال بالنسبة لقبيلة البياضية، أما قبيلة الترابين فلا يوجد بها انقسام وتتعاون بالكامل مع الدولة، لذا فالحذر مطلوب حتى لا نقع فى فخ الاقتتال القبلى.
وكيف يبدأ الصراع أو الاقتتال؟
- لا أحد يتصور ما قد يحدث، لكن كل ما نخشاه أن هذا الحادث قد يفتح باب الانتقام، وهذا الموضوع زاد احتمال حدوثه فى أعقاب صدور بيان اتحاد القبائل العربية فى سيناء، الذى قال «إنه يدعو إلى تصفية الإرهابيين خارج المحاكم، وأنهم لن يقبلوا العزاء إلا بعد الثأر، وبالتالى الدعوات التى كانت تصدر وتدعو إلى تسليح قبائل سيناء لمواجهة الإرهاب، هى أمر فى منتهى الخطورة.
لماذا هذا التخوف؟
- الإجابة ببساطة تتمثل فى أن كل الدول التى اعتمدت على هذا الأمر فى مواجهة التنظيمات الإرهابية مثل العراق مثلاً، كانت النتائج كارثية، لذلك أُحذّر من تسليح القبائل، لأن القضاء على «داعش» يجب أن يكون من خلال الدولة بقوتها عن طريق عمليات خاصة ونظامية، ومواجهة البيئة الحاضنة للإرهاب بشكل أساسى، وتجفيف منابع الإرهاب المجتمعية.
ألا ترى أن استهداف مصلين قد يكون بداية النهاية لهذه الجماعات نظراً لبشاعة الحادث؟
- هذا تصور وارد جداً، لأن «داعش» طوال الفترة الماضية كان حريصاً على أن ينال تعاطف البيئة الحاضنة والترويج لأنهم يدافعون عن مظالم أهالى سيناء، وحاول «التنظيم» ومؤيدوه التسويق والترويج لأنهم حماة الشعب السيناوى من ظلم الدولة، وكان الإرهابى حريصاً على دعم قطاع من الأهالى له وحمايته، لذا المشكلة الأساسية كانت فى أن البيئة هناك كانت حاضنة للإرهاب، وما حدث قد يتسبّب فى تغيير النظرة إلى «التنظيم»، حتى من جانب المتعاطفين معه.
ألا ترى أن استهداف المدنيين ينتفى معه وجود البيئة الحاضنة؟
- نعم هذا صحيح.. يبدو أن «داعش» بدأ فى تغيير استراتيجيته وتبنى استراتيجية جديدة، لا تقوم على الحفاظ على البيئة الحاضنة، وإنما تقوم على تفجير الوضع الداخلى بالاقتتال، لكن يجب أن يتم تفويت هذه الفرصة، وألا ننجر لتسليح القبائل مثلما يطالب البعض اندفاعاً من بشاعة الفاجعة.
وما النصيحة التى توجهها إلى الدولة لتجاوز ذلك؟
- يجب أن يتم التنسيق بين القبائل، وأن يتم تذليل كل العقبات المعيشية هناك، وأن يتم تعويض كل المتضررين من غلق الأنفاق، وكل المصابين من أى اشتباكات، وأعتقد أن الدولة فطنت لذلك، وهذا جزء أحييها عليه.