الاستحواذات في مصر "همج على الأبواب".. وخبير: السيسي سيحمي المواطن
د. منى الجرف رئيس جهاز حماية المسنتهلك
4 سنوات مضت من عمر جهاز جماية المنافسة، ومنع الممارسات الاحتكارية، ولم يستطع الجهاز انتزاع حق المتابعة والمراقبة القوية للاندماجات والاستحواذات التي تحدث في السوق المصرية، وعلى مدار السنوات الأخيرة كانت صفقات استحواذ مجموعة "أبراج كابيتال" الشركة متعددة الجنسيات ومقرها الإمارات، هي الأشهر في تاريخ مصر، دون رقيب إذ دخلت السوق المصرية في فترة أشبه ما تكون بعدم الاتزان حسب وصف مراقبون لصفقات استحواذها وخصوصًا بالقطاع الطبي.
- "أبراج كابيتال".. البداية كانت السكر
دخلت أبراج كابيتال السوق المصرية في 24 يونيو من العام 2007 إذ استحوذت الشركة المتخصصة في استثمارات الملكية الخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، ومصر على حصة استراتيجية في شركة النوران القابضة لصناعة السكر.
وقالت الشركة، إن الاستحواذ سيساهم في دعم مشروع إنشاء وحدة إنتاجية مملوكة بالكامل للنوران، حيث أعلنت الشركة أنها ستقوم بدمج هذه الوحدة مع نشاطها التجاري الحالي، بهدف خلق شركة متكاملة لصناعة السكر.
يشار إلى أنه سيتم البدء بتشييد مرفق متكامل هو الأكبر من نوعه في منطقة الشرق الأوسط في بداية الصيف، ما سيجعل من النوران أول شركة مملوكة بالكامل للقطاع الخاص في مصر تضم مصنعا ومصفاة للسكر، ومنذ ذلك اليوم ومؤشر أسعار السكر لا يعرف التراجع أبدا.
وتقع الوحدة المتخصصة بطحن الشمندر السكري وتكرير السكر الخام على مقربة من مزارع الشمندر الرئيسية وميناء دمياط، وستبلغ طاقتها الإنتاجية 514.000 طن سنويا، ما يساعد على تلبية النقص الحالي السنوي بإنتاج السكر في مصر والبالغ 926.000 طن.
وجاء الاستحواذ من قبل شركة "أبراج كابيتال"، التي تتخذ من دبي مقرا لها، على حصة استراتيجية في شركة النوران القابضة ومن خلال صندوق الاستثمار في مشروعات التنمية والبنية التحتية، الذي يسعى بشكل أساسي إلى تلبية متطلبات تطوير البنية التحتية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، من خلال الاستثمار في قطاعات النقل، والرعاية الصحية، والمياه، والبتروكيماويات، والطاقة، والمرافق العامة، والتعليم.
- صحة المصريين.. صفقة كبيرة
بعد ثورة يناير استحوذت على سلسلة معامل البرج في عام 2008 بقيمة تبلغ 773.3 مليون جنيه، واستحوذت على سلسلة معامل المختبر في أغسطس 2012 في صفقة بلغت قيمتها 1.27 مليار جنيه.
وفي شهر مايو 2012 دمجت سلسلة البرج في سلسلة المختبر في كيان جديد باسم شركة التشخيص المتكاملة القابضة، وكانت معامل البرج المملوكة لشركة أبراج استحوذت في منتصف عام 2011 على حصة حاكمة في مختبرات بيولاب الأردنية وألترالاب السودانية، وهذا يشير إلى أن مجال التحاليل الطبية الخاصة أصبح بالفعل تحت سيطرة شركة "أبراج كابيتال".
وفي يوليو 2014، اشترت شركة أبراج 52.7% من أسهم مستشفى القاهرة التخصصي مقابل 106 ملايين جنيه بواقع 75.7 جنيه للسهم، وفي آخر عام 2014 استحوذت شركة أبراج كابيتال على مستشفى كليوباترا في صفقة بلغت 770 مليون جنيه، ومنذ منتصف 2014 تتفاوض شركة أبراج كابيتال لشراء شركة آمون للأدوية.
- "كابو".. آخر الصفقات
رفع رجل الأعمال السوري باسل سماقية رئيس شركة قطونيل حصته داخل شركة النصر من 19.96% إلى 23.91%، وفقا لبيان أرسلته الشركة للبورصة المصرية، في يناير 2017، لتوضيح قيامه بشراء 13.37 مليون سهم، بقيمة 14.5 مليون جنيه، بواقع 1.09 جنيه للسهم.
وللمرة الأولى تدخل جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكاية بعد شكوى من جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، بشأن صفقة الاستحواذ التي تسعى شركة قطونيل لإبرامها على شركة النصر لصناعة الملابس والمنسوجات "كابو جيل".
وأكدت مصادر، لـ"الوطن"، أن الجهاز درس الشكوى للإعلان عن توصياته ورأيه كاستشاري فقط، وخصوصًا أن الصياغة الحالية لقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لا تتضمن أي مواد تتيح للجهاز الحق في التحكم بصفقات الاستحواذ والاندماجات.
وتضمنت الشكوى التي قدمها محمود العسقلاني رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، لجهاز حماية المنافسة، ضد رجل الأعمال السوري باسل سماقية، أنه يسعى للاستحواذ على شركة "كابو جيل"، ما قد يترتب عليه حدوث ممارسات احتكارية داخل سوق الملابس القطنية.
- "الهمج على الأبواب"
ويعود بنا مناخ اللارقابة على الاستحواذات في مصر الى كتاب "الهمج على الأبواب" المنشور في عام 1990، حيث تناول صحفيان من "وول ستريت جورنال" صفقة الاستحواذ التي ظلت الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة حتى عام 2005، إذ نجحت خلالها شركة الأسهم الخاصة "كوهلبرج كرافيس روبرتس" في السيطرة في عام 1988 على شركة التبغ والأغذية الأمريكية "آر جيه آر نابيسكو" مقابل 25 مليار دولار.
ويرويان خلاله كيف سيطر الجشع في هذه الصفقة على المصرفيين الاستثماريين ومديري الشركات ومستثمري الأسهم الخاصة والمساهمين والمحامين ومستشاري العلاقات العامة ومجموعة متنوعة من اللاعبين.
وتصدر هذا الكتاب قائمة "نيويورك تايمز" لقائمة الكتب الأكثر مبيعا، وطرحت قصته كفيلم درامي في عام 1993، وفي عام 2002 تم تصويره كفيلم وثائقي. ولا يزال يستشهد بهذا الكتاب في كبرى كليات إدارة الأعمال، للاستفادة من الدروس التي يقدمها حول الأخلاقيات وأصول الاستثمار المصرفي.
- الاستحواذ بأموال لا تملكها
يحكي الكتاب قصة فترة عمرها 6 أسابيع وقعت أحداثها في عام 1988، أسهمت في جعل الثمانينيات تستحق لقب "عقد الجشع" عن جدارة، بعد أن دارت خلالها معركة للسيطرة على شركة المواد الغذائية والتبغ "آر جيه آر نابيسكو"، شملت إدارة الشركة نفسها، وتقريبا كل البنوك الاستثمارية ومؤسسات التمويل الموجودة في نيويورك في هذه الفترة.
- في الثمانينيات، انتشر استخدام آلية Leveraged buyout LBO التي تمكن إدارة الشركة أو مؤسسة التمويل من الاستحواذ على حصة مسيطرة في الشركة باستخدام أموال مقترضة.
الجزء الأهم والأخطر في هذه الآلية هو الرافعة المالية، والتي تسمح للمستثمرين بالاستحواذ على عدد من الشركات بقدر ضئيل من رأس المال اللازم لعملية الشراء. ومن أجل الالتفاف على هذا، يقترض هؤلاء المال من خلال إصدار سندات "الخردة" ذات العائد المرتفع، وشراء الشركة بالديون.
وبمجرد أن يستحوذ المستثمر على الشركة بالأموال المقترضة، يقوم على الفور بخفض التكاليف "تقليل نفقات البحث والتطوير والاستغناء عن عدد من الموظفين"، وبيع جزء من أصول الشركة، من أجل سداد الديون مرتفعة العائد في أسرع وقت ممكن.
- الرئيس يحمى المواطن والمستثمر
أكد الدكتور إيهاب الدسوقي أستاذ الاقتصاد بأكاديمية ناصر، أن قانون حماية المنافسة دون رقابة على الاندماجات والاستحواذات ينقصه الكثير، إذ إن النموذج الشهير المعروف بالهمج يتكرر كثيرا في أسواق الدول النامية من كيانات ذات ملاءة مالية كبيرة، إلا أن قطاع الخدمات الصحية أو التعليم أو الأغذية يجب أن يتم مراقبته جيدا لأنه أمن قومي.
وأضاف "الدسوقى"، لـ"الوطن"، أن هناك إصرارا من الرئيس على مراقبة الأسواق سواء لحماية المستهلك أو لحماية المستثمر إلا أن هناك بيروقراطية رهيبة تشد جهود الرئيس للخلف، متوقعا إصدار تعديلات تحكم عملية الاستحواذ والاندماج لحماية المواطن والأمن القومي المصري.