رؤوف بن عمر: «يوسف» يعبر عن جيلى.. ويكشف معاناة المثقفين من الديكتاتورية
رؤوف بن عمر
حصل الممثل التونسى رؤوف بن عمر، على جائزة أفضل ممثل من مهرجان القاهرة السينمائى عن دوره فى فيلم «تونس بالليل»، الذى يمثل المشاركة العربية الوحيدة فى المسابقة الدولية، التى يترأس لجنة تحكيمها الفنان حسين فهمى.
وتدور أحداث الفيلم فى الآونة التى سبقت الثورة التونسية، ويجسّد رؤوف بن عامر شخصية «يوسف»، إعلامى فى طريقه للتقاعد بعد عقدين من العمل فى إذاعة تونس، حيث يتم منعه من تقديم حلقة من برنامجه «تونس بالليل»، بسبب تطرّقه للحديث عن الشاب الذى أشعل النيران فى نفسه، وعلى الجانب الآخر تعيش عائلته حالة من الانقسام، ويظل متأثراً بما يشاهده من حوله، إذ يتّخذ من بار «القديس جورج» ملجأً له لإدمان الخمور، فى الليلة ذاتها، تقطع ابنته شريانها عقب سلسلة من المشكلات والاضطرابات، فيهرب من عائلته ليختفى فى مدينة تغيّرت ملامحها، فى أعقاب التحولات السياسية التى شهدتها البلاد آنذاك.
تفاعل المصريين مع «تونس بالليل» أبهرنى.. ورغبتى فى التنوّع وراء ابتعادى عن أدوار «البطل الحنون»
يرى الفنان التونسى رؤوف بن عمر، أن نجاح فيلم «تونس بالليل» فى لفت الانتباه، وتمثيله للوجود العربى فى المسابقة الدولية للمهرجان أمر إيجابى فى حد ذاته، متابعاً: «كنت سعيداً بالوجود فى المهرجان لأول مرة، ومنبهراً بالنقاش الذى أعقب عرض الفيلم، فلم يكن يشغلنى حصول العمل على جائزة أم لا، الجمهور المصرى لديه تكوين سينمائى يجعله يتساءل عن الصورة وفترات الصمت ودلالتها، فلديه تاريخ سينمائى عريق».
وحول ابتعاده عن السينما وعودته بفيلم «تونس بالليل»، قال «بن عمر» لـ«الوطن»: «عدت من قبله بفيلمين، أحدهما (أوغسطينوس ابن دموعها) مع المخرج المصرى سمير سيف، وجسّدت خلاله شخصية أستاذ أوغسطينوس، أنا ممثل مسرحى وتليفزيونى فى الأساس، ولم أكن مطلوباً فى السينما بشكل كبير، فأعمالى الأجنبية والأوروبية طوال مسيرتى الممتدة لأكثر من 40 عاماً، أكثر من الأفلام التونسية التى قدّمتها».
وتابع: «يسكن المخرج إلياس بكار معى فى البناية ذاتها، وتلقيت مكالمة من مساعده الأول يعرض علىّ المشاركة فى الفيلم، وبكار من النوع الذى يعمل على كتابة مشروعاته طوال فترات قد تمتد إلى عامين، وقرأت السيناريو ووافقت عليه، وبعد الانتهاء من العمل، قال لى بكار إنه لم يرَ أحداً يناسب الدور سوى شخصى، لكنه لم يُفصح عن رأيه فى بادئ الأمر، حتى لا يؤثر على قرارى».
وأضاف: «مع مرور الوقت وتقدّمى فى العمر، أصبحت أبحث عن التجارب الجريئة والبعيدة عن الأعمال التى قدّمتها فى حياتى، فأنا أعتبر نفسى أمثل بروح الهواة، لا أريد وضع حدود لنفسى، ولا أبغى سوى تقديم العمل الذى يمسّنى ويحرّك مشاعرى، فجودة العمل هى العامل الوحيد الذى يُحدّد موقفى من أى مشروع، ولو أعجبنى أوافق عليه فوراً دون شروط».
وتحدث «بن عمر» عن دوره كبطل للفيلم، قائلاً: يمثل جيلاً كاملاً من المثقفين الذين عاشوا فترات صعبة من الرقابة والديكتاتورية، وظلوا يعملون ويحلمون بغد أفضل، فالمسرحى الألمانى برتولت بريشت، يقول إن الممثل قد يكون عبقرياً ويقضى حياته دون أن يحصل على دور واحد يظهره، وبالتالى الأمر متعلق بالفرصة والدور».
وأكمل: «أعتبر الدور الذى قدمته فى (تونس بالليل)، الأهم بالنسبة لى خلال 40 عاماً، فالعمل والشخصية يحملان قدراً من العمق، فأنا أقرأ الدور أكثر من مرة، ثم أناقشه مع صناعه قبل أن أبدى موافقتى، لكن هذا الفيلم قرأته مرة واحدة ووافقت عليه بعد ساعتين، فالكاتب الذى يكتب عملاً خلال عامين، يبذل جهوداً فى تحقيق عمق الشخصيات، حتى الشخصيات الثانوية مهمة، واختيار الممثلين كان موفّقاً بدرجة كبيرة».
الفيلم تمت كتابته فى عامين ووافقت على الدور بعد قراءة السيناريو بساعتين
واستطردت: «شخصية (يوسف) تشبهنى فى التزامها ومبادئها وجديتها فى العمل، وتعبّر عن جيل أنتمى إليه، لذا لم أبذل جهداً كبيراً فى الأداء، لأننى مندمج معها، وأعتقد أن الفيلم وجّه التحية إلى جيلى بأكمله، فالبعض واجه مشكلات مع الرقابة والديكتاتورية وتم تحطيمهم، وهناك شاعر عظيم تم إيداعه فى مستشفى المجانين، وأناس ذوو قيمة كبيرة تمت إهانتهم، وهذا ما جعلنى أتفاعل مع العمل، أنا محبوب من الجمهور التونسى».
وأردف: «خلال 30 عاماً من العمل فى الدراما التليفزيونية، وأنا أقدم دور البطل الإيجابى الحنون الطيب، أنا فى حاجة إلى التنوع، ورفضت هذا النوع من الأدوار خلال الفترة الأخيرة، وأطالب المخرجين بأدوار الشر أو القتلة، كأحد أنماط الخروج عن المألوف».
مشهد من فيلم «تونس بالليل»