الشرقية: أقسام بلا خامات ومدارس بلا طلاب أو تدريب
إحدى المدارس الصناعية فى محافظة الشرقية
«نقص حاد فى الخامات، معدات وماكينات متهالكة، وطلاب ومدرسون غائبون»، كلها عوامل حولت المدارس الصناعية الفنية بمحافظة الشرقية إلى مجرد أماكن يرتادها الطلاب للحصول على شهادة متوسطة دون تخريج عمالة ماهرة قادرة على الانخراط فى سوق العمل. «الوطن» حاولت إلقاء الضوء على المشكلة من خلال لقاء مع طلاب ومعلمين خارج أسوار المدارس الصناعية لأننا لم نتمكن من الدخول لمطالبة القائمين على المدارس بالحصول على إذن كتابى من مديرية التربية والتعليم واقتصار التصريحات الإعلامية على العلاقات العامة بالوزارة.
فى البداية، قال «كريم م»، الطالب بالصف الثانى بمدرسة الزقازيق الصناعية المعمارية: «إن التعليم فى المدرسة ليس جيداً بالقدر الكافى لأن الفترة الزمنية المخصصة لكل حصة قليلة خاصة المواد العملية».
وأضاف «ع.م.م»، طالب بالمدرسة نفسها، أنه وزملاءه لا يحضرون إلى المدرسة طوال الأسبوع ويكتفون بالحضور خلال الأيام التى تتضمن حصص العملى ليتم منحهم درجات على الحضور. وقال «التدريب زى عدمه، واحنا عارفين إننا هنتخرج مش هنلاقى شغل وكل واحد هيجيب شغل بمعرفته، وبعدين كل التعليم بايظ فى البلد هى هتيجى على المدارس الصناعية؟ دا حتى الجامعات المناهج فيها زى عدمها، أخويا اتخرج من كلية الآداب وشغال مندوب مبيعات».
وقالت «نورا أ»، طالبة بالمدرسة الصناعية الفنية 1 بنات، إنها لا تهتم سوى بحضور حصص الخامات والعملى، مضيفة أنها تحاول إتقان الزخرفة والرسم والتلوين على الزجاج حتى تستطيع إقامة مشروع صغير خاص بها بعد تخرجها فى حال توافرت لديها الأموال اللازمة.
«طالب»: «التعليم بايظ فى البلد كلها هى جات علينا؟!».. و«نورا»: «نفسى أعمل مشروع خاص بعد التخرج».. و«إسلام»: «دخلت صنايع عشان الخطوبة والتجنيد»
وأرجع إسلام عبدالسميع، طالب بمدرسة الزقازيق الفنية المتقدمة الصناعية، التحاقه بالمدرسة للحصول فقط على شهادة تضيف له ميزة إيجابية حال تقدمه لخطبة أى فتاة وتقليل سنوات خدمته بالقوات المسلحة عند التحاقه بالتجنيد حيث يقضى الشخص الأمى 3 سنوات أما الحاصل على شهادة متوسطة فيقضى عامين فقط. وتابع: «أنا بشتغل فى ورشة سيارات بعد مواعيد المدرسة وخلال الأيام التى أتغيب فيها عن الدراسة وتعلمت فى الورشة الكثير من الأشياء التى لم أتعلم 1% منها بالمدرسة»، مشيراً إلى أن السيارات المتاحة لتدريبهم فى المدرسة سيارات قديمة ولا توجد سيارات جديدة. ومضى قائلاً «غالبية السيارات الآن حديثة هستفيد إيه لما أتدرب على سيارة قديمة؟!».
وفى السياق ذاته قال أحد المعلمين بالمدرسة الفنية المتقدمة الصناعية بالزقازيق (رفض ذكر اسمه) إن نسبة حضور الطلاب للمدرسة تتراوح بين 60 لـ70% ويقتصر حضور معظم الطلاب على الأيام التى يوجد بها حصص عملى، مشيراً إلى أن المدرسة لم تتسلم حتى الآن المبالغ المخصصة لها لشراء الخامات اللازمة للورش مثل النجارة والبياض وغيرها، والمعلمون كانوا يتبرعون بشراء خامات على نفقتهم الخاصة ومع ارتفاع سعر الدولار وغلاء الأسعار بشكل كبير وتدنى رواتب المعلمين لم يعد أى منهم قادراً على التبرع لشراء الخامات. وكشف أنه يتم تسوية مشكلة نقص الخامات على الورق فقط، ومضى قائلاً: «يتم كتابة مذكرات بتبرعات لشراء المواد الخام للتدريب دون الشراء فعلياً لتسوية الأمور إدارياً فحسب»، مشيراً إلى أن عدداً من عمال مغسلة بجوار المدرسة يستغلون سور المدرسة فى نشر بعض المفروشات الخاصة بالأهالى مثل البطاطين والسجاد.
وأضاف أن المدرسة تضم ورشاً بها ماكينات نجارة ولحام تكلفتها مئات الآلاف غير مستغلة، ومنذ نحو 10 سنوات كان هناك تعاون بين المدرسة وعدد من الجهات التى كانت تطلب من المدرسة منتجات مثل الأبواب ومنتجات الأخشاب وكان ذلك يتيح التدريب للطلاب بشكل عملى بقدر كبير ويصقل خبراتهم إلا أن هذا توقف وظلت المعدات كما هى دون استخدام.
60 مدرسة فنية بالمحافظة بينها 2 فقط نظام 5 سنوات والكثافة بين 40 و60 طالباً فى الفصل.. وتسوية مشاكل نقص الخامات تتم على الورق فقط
وقال «كمال س»، أحد المعلمين بمدرسة تعليم صناعى بالزقازيق: «إن المحافظة تضم نحو 60 مدرسة للتعليم الصناعى جميعها نظام الـ3 سنوات عدا مدرستين «فنية متقدمة» نظام 5 سنوات إحداهما بمدينة الزقازيق والثانية مدرسة السلطان عويس بمدينة العاشر من رمضان، وتتراوح كثافة الطلاب فى مدارس الـ3 سنوات بين 46 لـ60 طالباً فى الفصل الواحد ومنها مدارس للبنين ومدارس للبنات وأخرى مشتركة فى حين لا تزيد كثافة الطلاب فى المدرستين نظام 5 سنوات على 30 طالباً فى الفصل الواحد».
وأوضح أن المدارس تضم عدداً من الورش لتدريب الطلاب حسب الشعب المختلفة ومنها «شعبة الكهرباء» وتضم تخصصات «كهرباء، توليد قوى، تبريد وتكييف، كهرباء مصاعد»، والشعب المعمارية تنقسم إلى «بناء، تشطيبات، فرم خرسانية، نجارة عمارة، أعمال النحت، الترميم المعمارى، والشعب النسيجية تضم تخصصات «تريكو، ملابس، تفصيل، نسيج، سجاد وكليم»، والشعبة الخشبية وتضم «نجارة أساس، نجارة عمارة، تطعيم خشب»، والشعبة الميكانيكية «تركيبات ميكانيكية، حدادة ولحام، أجهزة دقيقة، تشغيل معادن».
وأشار إلى هناك 3 مصادر لتوريد العدد اليدوية والمعدات للمدارس وهى قسم التجهيزات والمعدات بالوزارة والتوريدات العامة للوزارة والتوريدات داخل المحافظة، مؤكداً أن السلفة التى تقدر لبند الخامات فى الوزارة لا تكفى، بالإضافة إلى أن المعدات والخامات الموجودة بالورش قديمة ولم يتم تغييرها منذ عدة سنوات.
وقال إنه لا يمكن تطوير المناهج وتحديثها باستمرار وفقاً لمتطلبات احتياجات سوق العمل وإنما يتم تطويرها بنسبة 25% حيث يحتاج التطوير إلى منح المعلمين العديد من الدورات وصقل خبراتهم كما يحتاج إلى تحديث المعدات والخامات ولذلك فإن عملية التغيير والتطوير بشكل جذرى تمثل غاية فى الصعوبة بسبب المعوقات المادية، موضحاً أن التنسيق بين المدارس الصناعية الفنية والمصانع للمشاركة فى تدريب الطلاب ومن ثم توفير فرص عمل لهم أمر لا يتحقق بمحافظة الشرقية سوى بنسبة ضئيلة جداً. من جانبه، قال السيد بسيونى، القائم بأعمال وكيل وزارة التربية والتعليم بالشرقية، لـ«الوطن»: «إن عدد المدارس الفنية الصناعية على مستوى المحافظة يبلغ نحو 60 مدرسة». وأضاف أن المخصصات المالية المتاحة لهذه المدارس من الوزارة لشراء الخامات اللازمة للورش الموجودة بها أقل من الاحتياجات التى تقدمت بها المدارس وذلك يرجع لخفض الاعتمادات المالية بشكل عام، مشيراً إلى أنه تم العمل على صرف جميع السلف والمبالغ اللازمة للمدارس وجارٍ الانتهاء منها بشكل كامل، مضيفاً أن المديرية تسعى للنهوض بالتعليم الفنى بمختلف مجالاته سواء كان زراعياً أوتجارياً أو صناعياً وذلك تنفيذاً لتعليمات الوزارة وأن هناك خطة تقضى بتطوير التعليم خلال السنوات المقبلة.