أستاذ بـ «السوربون»: «واشنطن» لم تكن لتتخذ القرار لو كانت تعلم أن مصالحها ستتهدد
الدكتور خلدون نبوانى
قال الدكتور خلدون نبوانى، الأستاذ والمحاضر بجامعة السوربون فى باريس، إن رد الفعل العربى والأوروبى لم يكن على مستوى الحدث فيما يتعلق بمسألة إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، مشيراً، فى حواره لـ«الوطن»، إلى أن الولايات المتحدة تدرك جيداً أن العرب لن يفعلوا أى شىء، ولو كان لديها أى شك فى أن العرب سيتخذون أى قرار لمواجهة القرار الأمريكى، لكانت فكرت أكثر من مرة فى القرار قبل اتخاذه.. وإلى نص الحوار:
فى ضوء المواجهات الدامية والأحداث الأخيرة فى فلسطين بعد قرار «الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل».. هل ترى أن ردود الأفعال الدولية كانت على مستوى الحدث؟
- أتصور أن ردود الفعل الأوروبية والغربية، فضلاً عن العربية، لم تكن على مستوى الحدث، وكانت فى أغلبها عبارة عن بيانات شجب واستنكار بلهجة ضعيفة، ومجرد إيضاح مواقف دون أن يكون هناك نقد حقيقى لمحتوى القرار، وذلك حتى فى بيان مجلس الأمن الخاص بالرد على القرار الأمريكى، ورغم ذلك كانت هناك مواقف جيدة من دول مثل فرنسا والسويد، ودول أخرى، لكن كل ذلك يبقى أقل من مستوى حدث تاريخى كهذا، فقد شهدنا معارضة دولية قوية لقرار الحرب على العراق خلال حكم الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش، ولكن لم نشهد موقفاً مثل هذا أو حتى أقل من أوروبا عند اتخاذ «ترامب» لهذا القرار، ربما لأن المصالح الأوروبية الأمريكية كبيرة، ولذا تكون المشكلات الخاصة بالعرب لا تهمهم كثيراً بقدر مصالحهم، لذا لا أرى موقفاً أوروبياً قوياً بشكل فعلى، ولم يتخذ قرار من الاتحاد الأوروبى فى هذا الصدد.
«نبوانى»: رد الفعل العربى والدولى لم يكن على مستوى الحدث
وهل تستطيع بعض الدول العربية التى لها استثمارات ضخمة فى أوروبا مثلاً الضغط على الاتحاد الأوروبى لاتخاذ موقف أكثر حدة، بهدف الضغط على الإدارة الأمريكية لتأجيل القرار أو مناقشتة وربما سحبه؟
- الدول العربية تعانى الآن من خلافات وصراعات داخلية، بالإضافة إلى التاريخ العربى فى عدم اتخاذ أى قرار قد ينقذ الوضع فى القدس، ولو كان الأمر غير ذلك لفكرت الولايات المتحدة أكثر من مرة فى هذا القرار، لكنها متأكدة من أن العرب لن يفعلوا ذلك، وبالطبع هناك مصالح اقتصادية، وقوة يمكن أن تفرضها بعض الدول مثل استخدام البترول وسحب السفراء واستدعاء السفير الأمريكى، وهذا أضعف الإيمان. أضف إلى ذلك المصالح الاقتصادية، فالكثير من الدول لها استثمارات ضخمة فى الولايات المتحدة، التى لم تكن لتتخذ مثل تلك الخطوة لو شعرت أن مصالحها ستتهدد، لكنها أدركت أنه فى تلك اللحظة يعانى العرب من الانقسام والصراع فيما بينهم، ويلجأون للولايات المتحدة لمناصرة كل منهم على حدة، وللأسف لا أظن أن هناك أى موقف عربى سوف يتخذ على الرغم من أن العرب بإمكانهم فعل الكثير، وتستطيع دول قوية وثرية التأثير على الولايات المتحدة، كما حدث خلال توحد العرب أثناء حرب أكتوبر وقطعوا البترول وقاموا باتخاذ إجراءات واتخذوا إجراءات أخافت الغرب وتسببت بأزمة اقتصادية له.
وهل ترى أن الولايات المتحدة اطمأنت لعدم وجود أى رد فعل عربى ولذا اتخذت القرار باطمئنان إلى أنها لن تخسر أى شىء؟
- بالطبع، هذا هو أحد الأسباب الرئيسية، وعلاوة على ذلك فالرئيس الأمريكى لا أشعر أنه شخص متوازن سياسياً، فهو يقوم بأفعال غريبة، فالرئيس السابق باراك أوباما وصف الوضع فى الولايات المتحدة منذ أيام بأنه يشبه الوضع فى ألمانيا قبل وصول النازيين للحكم، وهو يتخذ قرارات غريبة على العالم بما فيه أمريكا.
الدول العربية تعانى خلافات وصراعات داخلية وواشنطن تعلم أن العرب لن يتحركوا لإنقاذ القدس
ما البديل أمام الفلسطينيين فى مسار التفاوض؟
- لو أدرك العرب ذلك لفعلوا، فمثلاً التحالفات السياسية فى سوريا نجحت، وهو ما شهدناه فى تحالف روسيا وإيران مع الحكومة السورية، وهنا نجحت روسيا رغم كون الولايات المتحدة أقوى من الناحية العسكرية. وبالتالى يمكن استثمار ذلك، ونحن نشهد عودة للحرب الباردة، والآن روسيا يمكن أن تكون بديلاً للولايات المتحدة على الرغم من أنها ربما لن تكون «نزيهة»، ولكن يمكنها القيام بذلك الدور بدلاً من سياسة القطب الواحد.