متطوعو الهلال الأحمر يروون لـ"الوطن" ذكرياتهم مع "تفجير البطرسية"
أثار حادث البطرسية
أشخاص يصطفون في الشوارع الجانبية وعلى أبواب المستشفيات وفي طرقاتها الداخلية، ينتظرون مصير ذويهم، أحدهم ارتفع صوته بالبكاء، وآخرون يجولون بين الأبواب والشبابيك سعيا وراء معلومة تدلهم على مكان ذويهم، ملخص مشهد حزين، عاشته مصر في 11 ديسمبر 2016، بعد أن ضرب الإرهاب الكنيسة البطرسية في العباسية، وأوقع 29 شهيدا وعشرات من المصابين، عاشت بعده منطقة الظاهر بوسط القاهرة ليلة حزينة، انتشرت فيها سرادقات العزاء وارتفعت أصوات البكاء حزنا على الضحايا من أبناء هذه المنطقة من مرتادي الكنيسة.
فور إعلان الأخبار عن الحادث الإرهابي، اتجهت فرق الهلال الأحمر وطواقمها إلى موقع الكارثة، ومستشفى دار الشفاء والدمرداش، حيث المصابين وأسر الضحايا، لتقديم الدعم النفسي والطبي لهم، يقول وليد عرابي أحد المسؤولين في المكتب الإعلامي بالهلال الأحمر المصري، لـ"الوطن": "بمجرد وصول الخبر كانت فرق الطوارئ والدعم النفسي موجودة على أرض الواقع في الكنيسة، والشوارع الداخلية والجانبية من أول اليوم لآخره، وبعد الحادث بيوم".
فرق الهلال الأحمر: كنا في مكان الحادث فور وقوعه
اتخذت فرق الطوارئ والإسعافات الأولية من موقع الحادث والشوارع الجانبية وجهة لها، هدفهم تأمين الأماكن الجانبية وإسعاف المصابين، وإنقاذ أي فرد من الجمهور نتيجة التدافع، بينما ارتكزت فرق الدعم النفسي في مستشفى دار الشفاء والدمرداش: "وقفنا مع الأهالي من أول لحظة ندعمهم نفسيا، وجزء تاني كان واقف مع المصابين لتخفيف حدة الكارثة عليهم بقوة، 4 فرق طوارئ وفريقين دعم نفسي اجتماعي"، وفقا لأحد المسؤولين والمشاركين في تقديم الدعم النفسي لأهالي الضحايا والمصابين.
عام مضى على الكارثة، إلا أن ذكرياته لا تزال محفورة داخل طواقم الهلال الأحمر، الجنود المجهولة التي سرعان ما باشرت عملها بتفقد المصابين داخل المستشفيات، والحصول على كشوفات خاصة بأسمائهم للتواصل مع ذويهم، يروي المسؤول في الهلال الأحمر- طلب عدم ذكر اسمه- تفاصيل اليوم العصيب لـ"الوطن": "الأهالي كانت في حالة صعبة جدا، كلهم محتاجين يطمنوا على ولادهم، كنا بنقف معاهم نوجههم للمكان الصح ونوفرلهم المعلومات اللي عاوزينها عشان يطمنوا ونخفف رهبتهم من الموقف".
"الإسعاف النفسي الأولي".. شكل آخر من الدعم الذي قدمته طواقهم الهلال الأحمر المصري، لأهالي الضحايا والمصابين، تمت بشكل فردي بين الأهالي، بخاصة من السيدات والرجال المسنين وبعض الشباب: "الناس جالها صدمات بعد ما عرفت بوقوع الحادث، عملنا مقابلات بشكل فردي مع الأهالي عشان نمتص الصدمة ويفرغوا طاقتهم، عشان يقدروا يقفوا على رجلهم من تاني"، وفقا للمسؤول.
لم تنته محاولات الدعم النفسي لأسر الضحايا والمصابين على يوم الحادث فحسب، بل استمرار العمل بعد الكارثة كان الهدف الآخر الذي عكف على تحقيقه متطوعو الهلال الأحمر: "تابعنا المصابين والأهالي، حاولنا نخليهم يتكلموا عن الكارثة عشان ميكونش في أثار للحادث تاني جواهم على مدار الأيام اللاحقة للكارثة"، حسب قول محمد، أحد الشباب المتطوعين في الهلال الأحمر المصري، والمشارك في دعم أسر ضحايا ومصابي البطرسية.
محمد: بعض الأهالي رفضوا الدعم النفسي.. لكن لما اتكلمنا معاهم ارتاحوا
بعد كل كارثة، يعقد متطوعو الهلال الأحمر، جلسات دعم نفسي للمصابين، وأسر الضحايا، بحسب حديث محمد لـ"الوطن": "بنتابع معاهم بعد الحادثة عشان ندعمهم لحد ما يكونوا أفضل".
"بطاطين وملايات وزجاجات مياه".. نماذج لأشكال المساعدات التي اصطحبها متطوعو الهلال الأحمر المصري، لمساعدة ضحايا البطرسية، إلى جانب الأدوية وعدة الإسعافات الأولية المنوط بها فرق الطوارئ والإنقاذ للتعامل مع حالات الإصابة كافة.
"كنا بنروح المستشفيات نعدي على الناس في الغرف بتاعتهم، كل الناس كانت حزينة وإحنا نفسنا كنا متأثرين".. هكذا وصف المتطوع المشهد داخل المستشفيات، وأكد أنهم في البداية كانوا يواجهون رفضا تاما من أسر الضحايا للحديث أو التعامل وفي هذه الحالة: "كانوا بيفهموهم إنهم عاوزين يساعدوهم ويكونوا جنبهم، وسرعان ما كان يشعرون بالطمأنينة ويتجاوبون معهم"، حسب قول المتطوع.
جلسات تفريغ نفسي للمتطوعين بعد كل حادث لضمان عدم تأثرهم
ترك الحادث أثرا في نفوس المتطوعين، فهذه أم تودع بناتها يرتفع صوت بكائها، ورجل فقد زوجته، وبينما حاول شباب الهلال الأحمر مساعدة أسر الضحايا والمصابين، كانوا بحاجة إلى تلقي دعما نفسيا لإزالة أثار الموقف من نفوسهم: "كان في ناس مننا مبتقدرش تفصل مشاعرها، وعشان ميتأثروش كان بيحصل لهم جلسات تفريغ نفسي يحكوا فيها مشاعرهم ويفرغوا طاقتهم السلبية عشان ميكتأبوش"، حسب قول محمد المتطوع في الهلال الأحمر.