مدير "العربي لاستقلال القضاء" يحلل التعديلات الدستورية: باب الحقوق والحريات "كارثة"
قدم الدكتور ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء، تحليلاً نقديًا للنصوص التي قدمتها لجنة الخبراء، "لجنة العشرة"، التي قامت بتعديل مواد دستور 2012 المُعطل، حيث أشار إلى بعض المواد "فضفاضة المعنى وغير المُحببة"، كما وصفها، دخل فصلي "المقومات الاجتماعية والأخلاقية" و"المقومات الاقتصادية"، بالباب الثاني للدستور، باب "المقومات الأساسية للمجتمع"، والتي حددها في المواد 17، 18، 19، 20، 21،23، من هذا الباب.
انتقد "ناصر" خلال تصريحاته لـ "الوطن"، وضع اللجنة المادة "17"، في نص "تلتزم الدولة بتوفير الرعاية الصحية لكل مواطن"، موضحًا أن الرعاية الصحية "حق" لكل مواطن، مما يجعله مخالفًا للعهد الدولي الخاص بالرعاية الصحية والاجتماعية والثقافية التي صادقت عليه مصر، والذي ينص على أن الرعاية الصحية "حق" وليست خدمة تُقدم للمواطنين.[FirstQuote]
أما فيما يتعلق بالمادة "18"، الخاصة بـ "التعليم"، يرى ناصر أن المادة بها إشهاد لغوي كبير، وتحدد خلالها أشياء ننتج حاجتها إلى القانون، ليست في حاجة إلى وضعها مادة في الدستور، أما المادة "19" المختصة بـ "البحث العلمي"، يوضح ناصر أن، بداخلها إبداعات إنشائية ولغوية كان يجب أن تختصر، ليصبح نصها: "البحث العلمي ضروري وتلتزم الدولة بتنظيمه، ودعمه".
كذلك تناول ناصر المادة "20" من الدستور المُعدل، والتي تنص: "اللغة العربية، والتربية الدينية، والتاريخ الوطني مواد أساسية في التعليم ما قبل الجامعي"، بأنها مثل المادة "18"، موضحًا أن الحديث عنهم كمواد أساسية في التعليم ليست في حاجة إلى نص دستوري، حيث كان من الممكن أن تكون وفقًا للقانون، كذلك تأتي المادة "20" الخاصة بالقضاء على الأمية، الذي أوضح ناصر أن الأمية مشكلة من مشاكل المواطنين، ليست قيمة يجب وضعها في الدستور، مؤكدًا أنها ترتقي للقيمة الإنسانية يجب وضعها في وثيقة إنسانية.
وفي سياقه، أشار "ناصر" خلال حديثه إلى المادة "23" من الدستور الخاصة بـ"اقتصاد الوطن"، المادة الأولى لفصل "المقاومات الاقتصادية"، حيث وصفها بأنها من المواد الإنشائية من الدرجة الأولى، هذا إلى جانب أنها لم تحدد طبيعة الاقتصاد الوطني المصري، لكنها تتحدث عن تشجيع الاستثمار والخطط التنموية، كما أنها لم تحدد هل هو اقتصاد عاجل أم اقتصاد حُر، وبالتالي لا ترتقي إلى مستوى النصوص التي تحدد طبيعة الاقتصاد الوطني.
كما وصف "ناصر" في حديثه لـ "الوطن"، "باب الحقوق والحريات" بـ"الكارثة"، حيث إن "لجنة الخبراء العشرة" لم تُعدل في سياقه سوى مادة واحدة، هي المادة "37" والتي تنص على أن: "الكرامة حق لكل مواطن، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها"، لم تخلو هذه المادة أيضًا من نقد "أمين"، حيث أكد أن الكرامة "متأصلة" وليست حق، والأمر البالغ الخطورة، على حد تعبيره، فيجب أن تنص المادة على أن الكرامة حق متأصل ليس حق مكتسب للإنسان.[SecondQuote]
تابع "ناصر"، أن تجاهل الخبراء لباقي مواد "الحقوق والحريات" لدستور 2012، وعدم تعديل صياغتها، يعني أن العوار الذي أصاب دستور 2012 فيما يتعلق بهذا الباب قائمًا كما هو، موضحًا أن باب الحقوق والحريات لم يراع ثلاث حقوق أساسية أصيلة مقدسة وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، فدستور 2012 المُعطل، "لم يحم الحق في الحياة"، لم يحم الحق في "السلامة الجسدية"، ولم يحم الحق في "عدم التعرض للعبودية"، واصفًا تجاهلها بـ "الجريمة".
أما فيما يتعلق بمواد "مجلس الشعب" السلطة التشريعية للبلاد، اعتبر "أمين" أن تحويل الانتخابات إلى النظام الفردي، الأمر الذي وصفه غير مراعي للمرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد، وغير مراعي أيضًا للثورة المصرية التي رفعت من شأن المواطن المصري بدرجة كبيرة، لذلك كان يجب أن يرتفع مستوى نظام الانتخاب إلى الانتخابات بالقائمة الحزبية، أو بالنوعين الفردي والقائمة، قائلا "اللجنة بهذا النص أعادت الشعب مرة أخرى إلى الانتخاب الفردي، كما كان يحدث قبل الثورة، وبالتالي فهو لم يُلبي مطالب الثورة المصرية".
وأشاد "ناصر" في ختام تحليله النقدي، بالنصوص المتعلقة بالمجالس العليا بالدولة، سواء الخاصة بالقضاء أو القوات المُسلحة، كسياسة ووزراء، حيث إن جميعها تقضي بأن يتم الاختيار لرؤسائها من قبل أعضائها، وليس من قبل رئيس الجمهورية، وتقتصر مهمة رئيس الجمهورية على التوقيع على القرار فقط بعد موافقة المجالس العليا، واصفه بأن "هذا أمر جيد جدًا ديمقراطيًا".