«ورش الكتابة» تواصل تهديدها لعرش «الكاتب الأوحد».. ومؤلفون: العبرة بجودة العمل
الديك وحبيب
ما بين مؤيد ومعارض لها، أفرزت ورش الكتابة حالة من الجدل على الساحة الدرامية، لا سيما بعد ظهورها بشكل خاص فى الموسم الرمضانى، فالبعض يتعامل معها باعتبارها خطراً يُهدّد فن السيناريو، والآخر يؤكد أن الكتابة فعل ذاتى مرتبط بحالة إبداعية فردية نابعة من أعماق الكاتب. الورش تسبّبت فى اندلاع خلافات حول حقوق الملكية الفكرية لكتابها، إلا أن مؤيديها يعتبرونها ظاهرة ليست جديدة على الساحة الفنية، مستشهدين بأعمال من كلاسيكيات السينما المصرية كانت نتاج إبداعاتها، ومؤكدين أن العبرة فى النهاية تكون بمدى جودة العمل المقدم.
يرى السيناريست محمد رجاء، أن رفض فكرة ورش الكتابة فى المطلق أمر غير منطقى وتفكير غير علمى، مؤكداً: «أعتقد أن الحكم على الورش كلها باعتبارها تجربة سيئة أمر مُجحف، فهناك أكثر من شكل لها، وبالتالى يكون الرفض ذا صلة بطريقة الكتابة وأسلوبها، أو الورش التى لا تتبع نظاماً محدداً، مثل سائر الورش فى مصر».
وقال «رجاء» فى تصريحات لـ«الوطن»: «قدّمت أعمالاً مثل (فوق مستوى الشبهات)، و(الحساب يجمع) و(الطوفان)، وكانت بمثابة كتابة مشتركة مع شخص واحد فقط، يجمعنا نوع من التفاهم، وليست ورشة كتابة، فهناك أكثر من شكل لورش الكتابة، والشكل الصحى لها أن تُقسّم المهام على الأفراد، فهناك شخص متخصّص فى القصة، وآخر للمعالجة، وهناك من يعمل على الحوار وآخر للسيناريو، وكل ذلك يكون تحت إشراف الكاتب».
«حبيب»: بعضها يتمتع بمستوى عالٍ وقدم أعمالاً مميّزة.. و«رجاء»: الحكم على تجاربها بالفشل غير منطقى.. و«الديك»: البيزنس يحكم كتّابها وشركات الإنتاج تلجأ إليها لتخفيض النفقات
وتابع: «أغلب الأفلام القديمة، سواء لنجيب محفوظ وعلى الزرقانى تعاون فى كتابتها أكثر من شخص، وهناك نوع آخر، لكن أنا لا أفضله، وهو الذى لا يتم تحديد المهام فيه، فيعمل 3 أشخاص على كتابة الحوار، و2 يعملان على السيناريو، وغيرهم مسئولون عن تطوير الأحداث، وبالتالى يكون الأمر أشبه بحالة من (العك)، ويخرج العمل بشكل غير متماسك، سواء فى السيناريو أو الحوار، وتلك النتيجة تكرّر عندما يكتب أحد 13 حلقة من المسلسل، ثم يأتى آخر ليُكمل الحلقات المتبقية».
الأمر نفسه يؤكده الكاتب تامر حبيب، الذى وصف مبدأ تعميم الأحكام على ورش الكتابة بالأمر غير المنطقى، مؤكداً: «قد يكون هناك بعض الورش تعمل بمبدأ السبوبة، والنقطة الأساسية التى نحتكم إليها هى آلية العمل، التى تعتمدها الورشة ونتاج أعمالها، مريم نعوم قادت ورشت عمل فى مسلسل مهم (موجة حارة)، وهذا يعنى أن هناك ورشاً جيدة وعلى مستوى عالٍ، وقدّمت كتاباً جدداً، من بينهم هالة الزغندى التى أصبحت لها أعمالها الخاصة».
وأضاف: «سماء عبدالخالق وإنجى القاسم تعاونتا معى فى ورش كتابة، وقدمتا معاً فى رمضان الماضى مسلسل (حلاوة الدنيا)، وحقق نجاحاً على المستوى الجماهيرى والنقدى، بالإضافة إلى مسلسل (هذا المساء) للمخرج تامر محسن، الذى عمل على قصة المسلسل، وتابعت الورشة العمل على السيناريو والحوار، وكان عملاً رائعاً، وهناك أعمال أخرى تم تنفيذها بنظام الورشة، لكنها لم تكن جيّدة، وبالنسبة لى عندما أشارك فى كتابة أعمال من خلال ورشة، لا تخرج منها كلمة واحدة، إلا وأكون راضياً عنها بنسبة 100%، وقد أعيد كتابة حلقة بنفسى، وهذا لا يعنى أن الورشة لم تقم بعملها، أو أننا تعاملنا مع الأمر باعتباره سبوبة».
من جانبه، قال الكاتب بشير الديك، إن السيناريو لا يحتاج إلى عدد كبير من الأفراد للعمل عليه، موضحاً: «العبرة بجودة العمل الفنى المقدم، تلك الطريقة متبعة فى الولايات المتحدة الأمريكية لدى الشركات التى تقوم بإنتاج مسلسلات طويلة، أو فى نوعية أفلام مثل سلسلة جيمس بوند، وهناك بعض التجارب نُفذت من خلال الكتابة المشتركة فى الماضى، لكن الورش شكل جديد ومختلف تماماً، عما كان يقدم من قبل».
واستطرد: «كل كاتب مشارك فى الورشة يكون مسئولاً عن عنصر معين، ففى بعض الأوقات يتم تقسيم الشخصيات على أعضاء الورشة ليقوموا بكتابتها، وكل ذلك تحت إشراف كاتب، وإذا كان قوياً يستطيع السيطرة على الأمور، وأن يجمع تلك العناصر كافة تحت رؤية موحّدة، قد لا يكون ذلك بعيداً عن منهج التليفزيون المتسق مع تكوين الأسرة وشكل الشارع، لكن هناك عدداً من التغييرات التى طرأت على المجتمع، من بينها مسألة الكتابة، باعتبارها (بيزنس) مربحاً، مما يضطر شركات الإنتاج إلى تخفيض النفقات».
وأشار إلى أن نظام الإنتاج أصبح معتمداً على ورش الكتابة، خصوصاً الشركات الجديدة التى تعمل فى ظل مناخ الرأسمالية الجديدة، ولا يعنيها جودة المنتج، بقدر قدرته على جذب الجمهور ليحصل على نسبة من الإعلانات بأقل تكلفة ممكنة، وهو هدف ما يقرب من 90% من شركات الإنتاج الخاص، على حد قوله، مردفاً: «هذا الطريق يختلف عن السبل التى سلكها أسامة أنور عكاشة، ومحفوظ عبدالرحمن، وجلال عبدالقوى».