رئيس «مكافحة الإغراق»: لا نتعرض لضغوط سياسية فى اتخاذ القرار وعملنا بعيد عن المجاملة.. والرسوم على الحديد فى صالح المستهلكين
«السجينى» يتحدث لـ«الوطن»
أكد إبراهيم السجينى، رئيس جهاز مكافحة الإغراق التابع لوزارة الصناعة، أن عمل جهاز مكافحة الإغراق يخضع لرقابة داخلية عن طريق القضاء الإدارى، والرقابة الخارجية عن طريق منظمة التجارة العالمية التى يتم إخطارها بكل خطوة من خطوات التحقيقات والإجراءات التى يتم اتخاذها، وليس له أى أبعاد سياسية فى القرارات التى يتم اتخاذها، لأنها تهدف فى المقام الأول إلى حماية الصناعة الوطنية، ومراعاة مصالح المنتجين والمستهلكين فى نفس الوقت.
وقال «السجينى»، فى حوار لـ«الوطن»، على هامش مؤتمر «ميتال بوليتان» لصناع الحديد فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذى عقد بمدينة دبى فى دولة الإمارات العربية المتحدة، للعلم فإن رسوم الإغراق دائماً تكون فى صالح المستهلك، وإن الجهاز لا يتعرض لأى من الأجانب لتمرير أو وقف أى قرارات معينة، موضحاً أن فرض رسوم الإغراق أمر يخضع لرقابة محلية ودولية.
إبراهيم السجينى لـ«الوطن»: الصناعات الكيماوية تستحوذ على نصيب الأسد بـ53 قضية
وأضاف أن قطاع الصناعات الكيماوية يستحوذ على نصيب الأسد فى قضايا الإغراق بنحو 54 تحقيقاً منذ عام 1997 حتى الآن، وهذا يعنى أننا لا نركز على قطاع بعينه، يليه قطاع المنسوجات، فى حين يحتل قطاع الحديد المركز الثالث أو الرابع فى قائمة القطاعات التى حققنا فى قضايا الإغراق بشأنها، وبلغ عدد القضايا الخاصة بهذا القطاع على مدار هذه السنوات نحو 16 قضية.. وإلى نص الحوار:
بداية لماذا قررتم فرض رسوم إغراق على الحديد المستورد من الدول الثلاث؟
- شكاوى إغراق حديد التسليح ليست جديدة علينا، نحن كان لدينا قضية مماثلة بقطاع الحديد فى عام 1997 قبل ظهور الشركات القائمة، وهذه القضية تم رفعها من شركة الحديد والصلب المصرية الحكومية وشركة الدخيلة، ضد رومانيا ولاتفيا وأوكرانيا، وهذه القضية تم الحكم فيها لصالح الشركات المصرية بفرض رسوم لمدة خمس سنوات نتيجة وجود إغراق فى حديد التسليح، وكانت هناك قضية أخرى فى عام 1999 ضد تركيا فقط، وكان مقدم الشكوى «الحديد والصلب»، و«الدخيلة» أيضاً، ونحن عملنا نحو 8 قضايا إغراق فى هذه الفترة وتم فرض رسوم بالفعل، وبعد ذلك بدأنا نعمل على تحقيقات فى عامى 2008 و2009 على قضية إغراق ضد الحديد المستورد من تركيا، وتوصلنا فى عام 2010 إلى عدم توافر الشروط التى أقرها الاتفاق الدولى، وانتهت التحقيقات إلى عدم فرض رسوم إغراق، وتم إنهاء التحقيق، ولك أن تعلم أن هناك منتجات حصلت على حماية لمدة 15 عاماً.
وما حيثيات القرار الأخير؟
- منذ 3 سنوات وجدنا أن واردات حديد التسليح بدأت تستحوذ على حصة سوقية تراوحت بين «8-» و«1-»%، وإجمالى الكميات المستوردة ارتفع من 500 ألف طن فى عام 2014 إلى 1.8 مليون طن فى العام التالى، ومن ثم بادرنا باتخاذ إجراءات حمائية مؤقتة منذ ديسمبر الماضى، وحققنا فى الأمر ووجدنا أن هناك منتجات تورد بأسعار مغرقة بالفعل، وقامت اللجنة الاستشارية برفع تقريرها إلى وزير الصناعة وتمت التوصية بفرض رسوم إغراق نهائية.
فرض الرسوم على السلع المستوردة يحافظ على الصناعة المحلية ويوفر بيئة مناسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية
هل صناعة الحديد هى الصناعة الوحيدة التى تحظى بالحماية؟
- غير صحيح على الإطلاق، نحن لدينا قطاع الصناعات الكيماوية يستحوذ على نصيب الأسد فى قضايا الإغراق بنحو 54 تحقيقاً منذ عام 1997 حتى الآن، أى فى 20 عاماً، بما يعنى أننا لا نركز على قطاع بعينه، يأتى بعدها قطاع المنسوجات الذى تم فرض رسوم إغراق على الغزول والمنسوجات، فى حين يحتل قطاع الحديد المركز الثالث أو الرابع فى قائمة القطاعات التى حققنا فى قضايا الإغراق بشأنها، وبلغ عدد القضايا الخاصة بهذا لقطاع على مدار هذه السنوات نحو 16 قضية.
هل فرض رسم الإغراق يتعلق بأبعاد سياسية؟
- عمل جهاز مكافحة الإغراق يخضع لرقابة داخلية عن طريق القضاء الإدارى، والرقابة الخارجية عن طريق منظمة التجارة العالمية التى يتم إخطارها بكل خطوة من خطوات التحقيقات والإجراءات التى يتم اتخاذها، وإذا خالفت مصر أى إجراء يتم لجوء الدول المشكو فى حقها إلى جهاز تسوية المنازعات، الذى يحكم على إجراءات الدولة صاحبة القرار، ومدى مطابقته للاشتراطات الدولية، وحدث أن قامت دول مثل تركيا فى عام 2000 بالشكوى ضدنا فى جهاز تسوية المنازعات بسبب رسوم الإغراق على الحديد، وادعت أن مصر خالفت الإجراءات والاشتراطات الدولية، لكن لم يثبت أى مخالفة ضد مصر بعد نزاع استغرق عامين، وعلى المستوى الداخلى هناك قضايا فى القضاء الإدارى بالطعن على بعض قرارات الإغراق التى نتخذها، وهناك نحو 200 قضية ضد قرارات الإغراق.
ويجب أن يعلم الجميع أن الهدف الأساسى من أى قرار بفرض رسوم إغراق على أى سلعة مستوردة، هو إعطاء الفرصة للصناعة المحلية للحفاظ على استثماراتها، والرسوم توفر بيئة مناسبة لجذب استثمارات جديدة، سواء محلية أو أجنبية، ولدينا أمثلة عديدة فى قطاع الحديد، حيث اتجه عدد من المستوردين إلى صنّاع، وتحول بعضهم للإنتاج بدلاً من الاستيراد، وهذا يضيف قيمة للاقتصاد، الدولة لو أرادت النهوض تعتمد على الصناعة وليست التجارة، أنا كدولة عندما أعتمد على التجارة فهذا يعنى أننى أدعم اقتصاد دولة أخرى، وهنا أنا لا أتحدث عن منع استيراد سلعة تحتاجها السوق والمستهلك، لكن طالما لها بديل محلى لماذا لا ندعم صناعتنا الوطنية؟
لكن هناك مَن يرى أن رسوم الإغراق تمنع المستهلك من حقه فى الحصول على سلعة بسعر منخفض؟
- بالعكس رسوم الإغراق فى صالح المستهلكين تماماً، لأن المصدّر فى الدول الخارجية هدفه بالأساس إغراق السوق ببضاعته ومنتجاته، للدرجة التى معها تتضرر الصناعة المحلية، ويتحول الصانع المحلى إلى تاجر، وبالتالى يتمكن هو بعد ذلك من السوق، وعندها لن تكون الأسعار منخفضة، بل العكس، لأن الصناعة المحلية فى هذا الوقت لن تكون موجودة فى مواجهة المستورد الذى سينفرد بالسوق.
كيف يتأكد الجهاز من وجود ضرر بالفعل على الصناعة المحلية؟
- نحن مهمتنا فى الجهاز التأكد من إيجاد علاقة سببية بين وجود ضرر على الصناعة المحلية بسبب زيادة الواردات، فأنا أولاً أدرس العناصر التى لها علاقة بالخسائر الواقعة على المصانع المحلية، والتأكد من معرفة ارتباط ذلك بالاستيراد، فمثلاً أحياناً نجد أن خسائر الصناعة المحلية قد تكون نتيجة ارتفاع التكاليف أو المنافسة الداخلية أو انكماش الطلب فى السوق المحلية، هذه عناصر لا علاقة للواردات بها، وعندئذ لا يمكننى التحرك فى القضية، لأن مهمتى كما قلت هى إيجاد علاقة بين الخسائر والاستيراد.