بروفايل| «أبوضيف».. الشهيد الحى
بروفايل| «أبوضيف»
تجده فى كل مكان، يقدم يد العون للمحتاج وإن كان لا يعرفه، لن تجد وقفة احتجاجية فى شوارع المحروسة إلا وصوته يعلو فى الأرجاء، مطالباً بالحرية للمعتقلين تارة، وبحق زملائه الصحفيين المفصولين من جرائدهم تارة أخرى، لا تستعجب إن رنّ هاتفك وتجد من يصرخ فيك قائلاً: «نتقابل النهارده على سلم النقابة.. فيه مظاهرة لنُصرة القدس»، تربّى على حب «جمال عبدالناصر»، فكان قدوته ومثله الأعلى، فالاثنان جذورهما ممتدة إلى الصعيد وملامحهما تحمل قسمات الجنوب، ورغم ارتباطه بسلم نقابة الصحفيين التى يحمل عضويتها، إلا أنه عاد إليها برسم جرافيتى لصورته كُتب أسفله: «الحسينى أبوضيف شهيد الاتحادية 12/12/2012». الدفاع عن الحقوق لم يكن جديداً بالنسبة للشاب الصعيدى، الذى وُلد وتربى فى مدينة طما بسوهاج، فعندما كان يدرس فى كلية الحقوق بجامعة سوهاج وعند تخرجه فى الجامعة، رفضت الكلية منحه شهادة التخرّج مشترطة تسديد جميع المصروفات الدراسية، وهو ما دفعه لمقاضاة الكلية، مطالباً بحقه الدستورى فى مجانية التعليم، التى نادى بها الرئيس جمال عبدالناصر، ورغم قدرته على دفع المصروفات الدراسية، إلا أنه خاض هذه المعركة، نظراً لأن عدداً كبيراً من زملائه كانوا غير قادرين على الدفع، وحتى لحظة استشهاده لم يحصل على الشهادة الجامعية، رغم أنه سبق وحصل على شهادة بكالوريوس تربية أساسية من الجامعة نفسها. بعد تخرجه فى الجامعة التحق الشاب الصعيدى بالقوات المسلحة لتأدية خدمته العسكرية، وكان فخوراً بالتحاقه بسلاح الصاعقة، وبزملائه الذين لقّبوه بـ«الفدائى». أنهى خدمته لينضم إلى صفوف الصحافة عبر جريدة «الفجر»، حاملاً على عاتقه هموم أبناء الوطن، وبعد وصول الإخوان إلى الحكم، كان «الحسينى» من أشد المناهضين لحكمهم، وكان يرى فيهم سبب ضياع أهداف ثورة 25 يناير، التى كان أحد أبطالها، وانضم «الحسينى» إلى كتيبة الصحفيين الراصدة لانتهاكات الإخوان. كان آخرها ما قام بتصويره فى أحداث الاتحادية التى وقعت فى أعقاب إصدار الرئيس المعزول محمد مرسى إعلانه الدستورى الشهير، وما استتبع ذلك من رفض للإعلان فى صورة مظاهرات وصلت حتى قصر الاتحادية، ليتصدى لها عناصر جماعة الإخوان. نجح «أبوضيف» فى تصويرهم وهم يستخدمون أسلحة نارية فى مواجهة المتظاهرين، فكان جزاؤه طلقة فى الرأس وسرقة الكاميرا التى وثّقت استخدام الإخوان للسلاح، ليسقط «الحسينى» مضرجاً فى دمائه، ويتم نقله إلى عدة مستشفيات، وينتهى به الحال شهيداً وسط بكاء محبيه، مستحقاً لقبه المفضل «الفدائى».