عندما تريد أن توصِل نصيحة للغير بشكل مباشر حتى لا تحرجه فإنه من المعتاد أن تنصح ثم تعقب النصح بجملة "الكلام ليكي ياجارة"، فهي مقولة دارجة على ألسنة الكثيرين وجزء من المثل الشعبي القديم "إياك أعني وأسمعي يا جارة"، الذي تم تحريفه، أو تداوله بشكل سهل يتناسب مع العامية المصرية.
وأول من قال هذا المثل هو سهل بن مالك الفرازي عندما خرج يريد النعمان فمر ببعض أحياء طي فسأل عن سيد الحي فقيل له حارثة بن لام، فذهب ولم يراه أحد فقالت له أخت سيد الحي انزل فى الرحب والسعة فأكرمته ولاطفته ثم خرجت من فناء المنزل فرأى فيها جمالاً وكمالاً لم يراه في أحد من بنات جيلها فضلاً عن أنها عقيلة قومها وسيدة نسائها، حسبما ذكر كتاب "المنتقى من أمثال العرب"، فوقع في نفسه شيئاً منها، وفكر أن يرسل إليها ولكنه خاف ألا يوفق في ذلك فجلس في فناء المنزل وهي تسمع كلامه، فأنشد قائلاً: "يا أخت خير البدو والحضارة.. كيف ترين في فتى فزارة.. أصبح يهوى حرة معطارة.. إياك أعني واسمعي يا جارة" فلما سمعت قوله عرفت أنها يقصدها بكلامه.
فقالت ماذا يقول ذي عقل أريب، ولا رأي مصيب، ولا أنف نجيب، فأقم ما أقمت مكرماً، ثم ارتحل متى شئت مسلماً، وأنشدت "إنى أقول يا فتى فزارة.. لا أبتغي الزواج ولا الدعارة.. ولا فراق أهل هذي الحارة.. فارحل إلى أهلك باستخارة"، فاستحى الفتى وقال وأسوتاه ما أردت منكراً، فقالت له صدقت واستحت من تسرعها بتهمته.
رحل الرجل وأتى النعمان فحباه وأكرمه، ولما رجع نزل على أخيها فبينما هو مقيم عندهم، تطلعت إليه نفسها حيث كان فتى جميلاً، وأرسلت إليه أن اخطبنى إن كان لك إلى حاجة يوماً فأنى سأجيبك إلى ماتريد، فخطبها وتزوجها وسار بها إلى أهله، فأصبح هذا المثل يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد غيره.
تعليقات الفيسبوك