مدير معهد المخطوطات العربية: نعاني مأساة "ازدواجية التعليم"
فيصل الحفيان
قال الدكتور فيصل الحفيان، مدير معهد المخطوطات العربية، التابع لجامعة الدول العربية، عضو مجمع اللغة العربية بدمشق، إننا حالياً نعانى مأساة اسمها ازدواجية التعليم، والتعليم بأكثر من لغة، هناك فصام وشرخ بين اللغة والتفكير، إذ ينطق الطالب العربية لكنك لا تدع له من المساحة ما يكفى للتفكير بها، لذا أرى أن من أخطر الكوارث التى تعرضت لها الأجيال الجديدة هى المدارس الأجنبية، لأن هذه المدارس جعلتنا مثل الديك الذى أراد أن يُقلد الطاووس، فلم يصبح طاووساً ولم يعد ديكاً كما كان، وهو ما أدى إلى ضعف قدرة الأجيال الجديدة على الإبداع، فالطلاب فى مراحل التعليم المختلفة ليست لديهم القدرة على الإبانة عما فى أنفسهم، كلامهم مقطوع غير مستقيم، فاللغة انعكاس للفكر. أنا أفرق بين أمرين، بين أن نتعلم اللغات وهو أمر مهم، وبين أن نتعلم باللغات، لا توجد مشكلة فى تعلم الشىء، المشكلة فى التعلم بالشىء.
أضاف "الحفيان" لـ"الوطن": "التحدى الآخر الذى يواجه العربية، هو تحدى (العاميات)، على الرغم من أننى أراها فى تقديرى الخاص ظاهرة طبيعية، فالعامية ليست مبتورة الصلة عن الفصحى، وهى ظاهرة تاريخية أيضاً، فلا توجد لغة بدون عامية، ففى الجاهلية وصدر الإسلام، كانت هناك لغة قُريش لغة الأدب والمجالس والشعر، وكانت هناك لغات للقبائل، وهناك اليوم اللهجات السورية والمصرية والعراقية والسعودية وغيرها الكثير، بل وتتعدد اللهجات داخل البلد الواحد أيضاً، وهذا كله لا مشكلة فيه بشرط أن يكون هناك وعى عام بلغة واحدة جامعة للتفكير، فهناك ما يسمى بحرم اللغة، وحرم العربية يتمثل فى ألا أكتب إلا بها، ولا أتحدث فى مكان عام عن فكرة ذات قيمة إلا بها، وكذلك فى الإعلام والتعليم. ونحن كعرب نمتلك كل مقومات الوحدة، وأهمها وحدة اللغة، لكننا مُصرون على أن ننخلع من هذه اللغة، فمن المفارقات المبكية أن أحمد لطفى السيد، الذى كان يشغل منصب رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة، كان من الداعين للكتابة بالعامية والحرف اللاتينى، هذه مصيبة الانبهار بالآخر، اللغة لها مظهران، النطق والكتابة، والحرب على العربية اشتمل على الجانبين".