دراسة| "الأسرى المقدسيين".. يعاملون كسجناء يهود ويُرفضون في التفاوض
صورة أرشيفية
يعاني الأسير المقدسي آلام الأسر مرتين، مرة بسبب اعتبار سلطات الاحتلال أن قوانينها تنطبق عليه مثله مثل السجناء اليهود، وبالتالي لايمكن أن يدخل ضمن أي صفقة لتبادل الأسرى بينها وبين أي جهة فلسطينية كانت أو عربية، كما لا يجوز أن يكون الأسرى المقدسيون موضوعا للنقاش في عمليات التفاوض التي تتم بينها وبين السلطة الوطنية الفلسطينية، ومرة أخرى بسبب معاملتها له كباقي الأسرى الفلسطينيين من ناحية سوء ظروف الاعتقال وقساوتها ووحشية المعاملة والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية الخاصة بالأسرى والتي تنص عليها الأعراف والاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية جنيف والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من الاتفاقات والمواثيق، فسلطات الاحتلال لا تراعي الظروف والحالات الإنسانية لأسرى القدس، فهي لا تسمح لهم بزيارة أو رؤية آبائهم وأمهاتهم المرضى حتى من هم على فراش الموت، فمثلاً لم يُسمح للأسير فؤاد الرازم المعتقل منذ 31/1/1981 بزيارة والدته وهي في العناية المركزة، ولكن بعد تدخل من الدكتور سفيان أبو زايدة وزير الأسرى آنذاك سُمح بإحضار والدة الأسير الرازم من غرفة العناية المركزة في سيارة إسعاف وتمكّن من رؤيتها قبل أسبوعين من وفاتها، حيث تُوفيت بتاريخ 13/9/2005، ولم يسمح له بالمشاركة في تشييعها، وكانت والدة الرازم قد تعرضت لجلطة أقعدتها لمدة 6 سنوات ولم تتمكن من رؤية ابنها خلال تلك السنوات، وقد باءت كل محاولات الأسير فؤاد لرؤيتها وزيارتها في المستشفى بالفشل، حيث رفضت مصلحة السجون ومحكمة "العدل العليا" في دولة الاحتلال طلباته، بل تعمّدت مصلحة السجون آنذاك نقله من سجن إلى آخر بشكل متواصل حتى لا يتم اللقاء.
وفي دراسة لوزارة الأسرى والمحررين الفلسطينية، أوضحت أنه منذ بداية الانتفاضة ودولة الاحتلال تنتهج سياسة منظمة تجاه التعامل مع الأطفال الأسرى مثل إجراءات المحاكمة الطّويلة والمعقّدة، والتعذيب أثناء التحقيق، وعدم وجود رعاية صحية، والحرمان من الحق في التعليم. كما تنتهج حكومة الاحتلال سياسة عنصريّةً ضد الأطفال الفلسطينيين فهي تعتبر أنّ الطفل الإسرائيلي هو كل شخص لم يتجاوز سن 18عاماً، بينما تعتبر الطفل الفلسطيني بأنه كل شخص لم يتجاوز سن 16 عاماً.
وخلافاً لالتزاماتها بتوفير ضمانات قضائية مناسبة لاعتقال الأطفال ومحاكمتهم بموجب اتفاقية حقوق الطفل والقانون الدولي الإنساني، فهي تتعامل مع الأطفال الفلسطينيين بشكل مختلف عن تعاملها مع الأطفال الإسرائيليين الذين يحاكمون وُيعاملون وفق نظام قضائي خاص بالأحداث، تتوافر فيه ضمانات المحاكمة العادلة، بينما تتعامل مع الأطفال الفلسطينيين من خلال محاكم عسكرية تفتقر للحد الأدنى من معايير المحاكمات العادلة، خصوصاً الأمر العسكري 132 الذي يسمح لسلطات الاحتلال باعتقال الأطفال في سن 12عاماً، وهناك العديد من الأسرى الأطفال الذين صدرت بحقهم أحكام عالية تصل للمؤبد.
وفقا لقانون الأسرى والمحررين واللوائح الخاصة به تَصْرِفُ السّلطةُ الوطنيّة الفلسطينيّة للأسرى عموماً ومن دون استثناء رواتب شهرية من خلال وزارة الأسرى والمحررين، وإلى جانب ذلك تقدّم الوزارة للأسرى خدمات عدّة، كالدّعم القانوني ورعاية ذويهم وتوفير التعليم المجّاني لهم، والتكفّل برسوم التعليم للأسرى الذين يلتحقون بالجامعات العبرية.
وللأسرى المقدسيين حصتهم من شهداء الحركة الأسيرة الذين قضوا في سجون الاحتلال تحت التّعذيب، أو برصاص حرس الاحتلال، أو بسبب الإهمال الطبّي، حيث قضى ما يقارب من 12 أسيراً مقدسياً بسبب الاهمال الطبي والتعذيب والتصفية الجسدية المباشرة.
وبين الاتهام بالانضمام للفصائل الفلسطينية، أو المشاركة في الأعمال "التخريبية"، أو مخالفة قوانين المنع والحظر المفروضة على السكّان المقدسيين، يقبع اليوم في سجون الاحتلال 300 أسيراً مقدسياً.
الأسرى الأطفال من القدس:
إجمالي عدد الأطفال الأسرى 277 عدد الأطفال المقدسيين الأسرى 12، معظم الأسرى المقدسيين اعتقلوا خلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت في الـ28 من سبتمبر عام 2001، بينما اعتقل 51 منهم قبل اتفاقيات "أوسلو" التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع الاحتلال عام 1993، وقد حصلت عدّة صفقات لتبادل الأسرى أثناء فترة أسرهم، لكن سلطات الاحتلال رفضت شملهم في الصفقات المختلفة لتبادل الأسرى بحجة أنها تعاملهم كمواطنين لديها. تترواح فترات سجن الأسرى المقدسيين المحكومين بين أقل من 5 سنوات وأكثر من 20 سنة، لكن بشكل عام، فإن معظم الأحكام التي صدرت بحق الأسرى المقدسيين كانت عالية، حيث حُكم نصفهم تقريبا لمدة تتجاوز العشر سنوات، بينما قضى 31 منهم أكثر من 15 عاماً في سجون الاحتلال حتى الآن.