عالم اجتماع مغربي يدعو إلى ثورة تربوية: نريد أن نكسب الرهان
صورة أرشيفية
قال عالم الاجتماع المغربي مصطفى محسن، إن المنطقة العربية في حاجة إلى ثورة تربوية موازية، من أجل الخروج من النفق الذي دخلته ما بعد الربيع العربي، وجاء ذلك خلال لقاء في العاصمة الرباط، لتقديم كتاب "في البدء كان الانتفاض.. الحراك الثوري العربي بين خيارات الشعوب وحساسبات النخب" لمصطفى محسن، بتنظيم من مركز مغارب للبحوث (غير حكومي)، وفقا لما ذكرته وكالة "الاناضول" التركية للأنباء.
وأوضح محسن، أن "المجتمعات التي اتخذت من المشروع التربوي أفقا لها هي التي كسبت الرهان مثل إندونسيا وسنغافورة وغيرها". وأضاف أن مشهد الصراع المذهبي والطائفي في المنطقة، سيجر مجتمعاتنا إلى الجحيم إن بقي الحال على ما هو عليه"، متسائلا: "ألم نستطع على الأقل منذ استقلال المجتمعات العربية أن نبني سوى هذا النمط من المجتمعات وهذا النمط من الوعي ومن المواطنة المفرغة من القيم".
ولفت عالم الاجتماع المغربي، إلى أنّ هذا "يعود إلى أن انظمتنا الثقافية والإعلامية والاجتماعية عامة، لم تساهم في بناء ذلك المواطن الذي نريده أن يكون دعامة مفصلية للتربية"، متابعا: "هذه الثورة التربوية والتي غالبا ما تسمى الثورة الهادئة لأنها تبني الإنسان في صمت، لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت لنا رؤية بدورها وبقدرتها على الابداع وبناء هذا الانسان الذي هو في الأخير فاعل التنمية والحداثة.
وفي قراءته للأوضاع، اعتبر أن "المنطقة العربية انتقلت من استبداد الدولة إلى استبداد الفوضى والاحترابات الداخلية"، وأضاف أن "النخب في العالم العربي لم تستوعب أي درس تاريخي من الدروس التي مرت علينا في تاريخنا الطويل، ولم تستطع أن تنتج أي نظرية سياسية في الحكم أو تدبير الشأن العام بل ظلت تدور حول مصالحها وتعيد إنتاج ذاتها".
ورأى محسن، أن تجربة حكم أحزاب الإسلام السياسي بعد الثورات التي وصلت الحكم دون تجارب مسبقة، وبإرث طويل من ثقافة الدعوة، كان أحد أهم التحديات التي ميّزت مرحلة ما بعد الربيع، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنها تعرضت لضغط كبير من طرف النخب. وأوضح ذلك بالقول: "كان على الحركات الإسلامية أن لا تذهب بعيدا في الحكم، لكن بالمقابل مورس عليها الكثير من الضغوط من النخب السياسية التي كانت تدعي الحداثة".
وتابع عالم الاجتماع المغربي: "وبدل أن تدعم النخب هذه القوة الفاعلة وتدعها تمارس السلطة في جو ديموقراطي سليم حاربتها وحدت من فاعليتها"، مشيرا إلى أن هناك قوى في مصر وتونس وحتى المغرب كانت تريد أن يذهب الإسلاميون إلى الجحيم بأي وسيلة".
وتحدث محسن، عن تحديات مرحلة ما بعد الربيع العربي، والتي على رأسها "تحدي الحفاظ على الدولة واستقرارها ومؤسساتها ومجابهة ما سمي بالثورة المضادة والمتعلقة أساسا بالدولة العميقة التي أسقط الربيع رأسها لكن لم يسقطها".
وذكر الكاتب أن مؤلفه جاء في سياق المساهمة في تفكيك خطاب وقضايا ما بعد الربيع العربي، التي تبقى مرحلة نسبية لأنها لم تتضح بعد، كما أن "الغاية منه هو إحداث مراجعة نقدية للأوضاع ومحاولة فهمها سوسيولوجيا وتوظيف مجموعة من النظريات ونماذج التحليل التي وظفت لمقاربة حالات مماثلة عبر العالم".