7 معوقات تواجه صناعة السينما
7 معوقات تواجه صناعة السينما
تحاول التماسك وتتشبث بالقرارات الصادرة بين الحين والآخر، ولكنها لا تعالج مرضها العضال، مجرد مسكنات تعينها على تحمل الضربات المتتالية التى تفت عضدها دون دفاع، فلا يشعر بأنينها سوى من عاشوا مجدها، عندما كانت الأولى دون منافس تحمل لقب «هوليود الشرق» بتواضع شديد منها. على مدار السنوات الماضية، عانت السينما المصرية من مجموعة كبيرة من المشكلات التى بدأت ضئيلة، ولكنها استفحلت وعلى أثرها تراجع الإنتاج السينمائى بشكل ملحوظ، فطفق صناع السينما ينظمون الاجتماعات واللجان والمؤتمرات، فى محاولة للوقوف على أسباب العوائق التى تواجههم، حتى يجدوا لها آليات لحلها، ولكن دون جدوى. ورغم ما أشرنا إليه سلفاً، تتجاهل الدولة الأزمة وتقف مكتوفة الأيدى، وعلى الجانب الآخر ينتظر صناع السينما إرادة سياسية جادة وحقيقية تشرع فى بحث مشكلاتهم، التى لا يكمن مجملها فى غياب دعم مادى فحسب، بل فى تشريعات وتسهيلات قد تسهم فى دفع عجلة إحدى أهم الصناعات، التى تعتمد عليها الدول فى فرض ثقافتها وتشكيل وصياغة وجدان شعوبها ومواجهة الأفكار المتطرفة، فمن خلالها تستطيع تصدر الريادة مرة أخرى باعتبار الفن «قوة ناعمة» قادرة على التأثير عبر محيطها، وخلال السطور التالية نرصد 7 معوقات تعتبر هى الأبرز فى عرقلة صناعة السينما.
القرصنة تضيّق الخناق على المنتجين والخسائر بالملايين
عشرات القنوات التليفزيونية مجهولة الهوية، تحمل أسماء غريبة، يتنقل بينها المشاهد بحثاً عن أفلام وضعت «أفيشاتها» على واجهات دور العرض السينمائى منذ أيام معدودة، ولا يخفى على أحد أن تلك الفضائيات تبغى من عرض الأعمال المسروقة تحقيق مكاسب كبيرة، تزيد سطوتها واستمرارها على مدار سنوات عديدة. «القرصنة» أصبحت «البعبع» والتحدى الأبرز الذى يواجه صناع السينما، ولِمَ لا فهى وراء تراجع الإيرادات والتوزيع الخارجى، الأمر الذى دفع السينمائيين للمطالبة بفرض إجراءات حازمة وتشريعات رادعة للقضاء على تلك الظاهرة، التى كادت تدمر الصناعة بأكملها ملحقة بأبنائها خسائر فادحة. وتعود جهود غرفة صناعة السينما فى التصدى لتلك الأزمة إلى رئيسها السابق المنتج الراحل محمد حسن رمزى، الذى بذل جهداً كبيراً فى سبيل تحجيمها، فحينها كانت أعمال القرصنة من الأمور المستحدثة على الساحة السينمائية، حيث سافر الرجل إلى الأردن وقابل المسئولين عن القمر الأردنى «نور سات»، وتفاوض مع قيادات شركة «يوتلسات» المسئولة عن بث الأقمار الصناعية لوقف القرصنة ولكن دون جدوى.
وقال المنتج فاروق صبرى، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة السينما، رئيس لجنة القرصنة بالغرفة، إن جهود اللجنة فى مواجهة هذه الأزمة بدأت منذ عام 2013، متابعاً: «الأمر يحتاج إلى تدخل من الرئيس عبدالفتاح السيسى، لأن السينما تتعرض للسرقة منذ سنوات دون رادع لمن يقترف تلك الجرائم». وأضاف، فى تصريحات لـ«الوطن»: «الأفلام الجديدة تعرض على القنوات التليفزيونية ومواقع الإنترنت، بعد أيام من طرحها فى دور العرض السينمائى، السؤال هنا هل الأسرة سوف تفضل الذهاب إلى السينما لمشاهدة الفيلم ودفع مقابل 4 تذاكر، أم ستشاهد الفيلم عبر التليفزيون، (النايل سات) هو المسئول عن الأزمة الراهنة، لأنه وقع اتفاقية مع القمر الصناعى الفرنسى تنص على أن يسير معه فى نفس مجاله، ولم يأخذ ضمانات تمنع بث أعمال مسروقة أو غيرها، ضمن المواد التى تبث من خلاله، والنتيجة كانت المعاناة التى نواجهها حالياً».
وأكمل: «اتخذنا كل الإجراءات القانونية المتاحة أمامنا، بدءاً من الحديث مع المسئولين فى (نايل سات)، وأقمنا دعوى قضائية فى المحكمة ضد تلك القنوات، وتدخلت الحكومة فى الأمر، منذ حازم الببلاوى، مروراً بالمهندس إبراهيم محلب، وصولاً إلى المهندس شريف إسماعيل، الذى بذل جهداً واضحاً فى هذا الصدد، ولكن هناك سراً ما لا نستطيع فهمه أو التعرف عليه، فهناك من يتعرضون لخسائر بالملايين جراء السطو على أفلامهم، فقيمة الأفلام المصرية فى الخارج لا تساوى أى شىء، والقرصنة ضربت صناعة السينما فى السوق الداخلية والخارجية، وبالتالى ليس أمامنا حل سوى تدخل الرئيس».
عندما نجحت وزارة الثقافة، فى عهد الفنان فاروق حسنى، فى اقتناص 20 مليون جنيه من ميزانية الدولة لدعم صناعة الأفلام، لم يكن يعلم صناع السينما أنهم لن يجنوا ثماره سوى مرة واحدة. وفى عام 2012، تم الإعلان عن نتائج القرار المشار إليه، بدعم 12 فيلماً من بينها «رسائل البحر» للمخرج داود عبدالسيد، و«فتاة المصنع» للمخرج محمد خان، و«لا مؤاخذة» للمخرج عمرو سلامة، و«على معزة وإبراهيم» للمخرج شريف البندارى.
قرار دعم الدولة للأفلام المصرية اشترط ألا يجدد صرف مبلغ الـ20 مليون جنيه سنوياً، مرة أخرى، إلا بعد انتهاء المركز القومى للسينما، ومن قبله صندوق التنمية الثقافية، من صرف كامل المبلغ الذى قد خصص لهما، وهو ما يتنافى مع طبيعة صناعة السينما التى تحتاج إلى وقت فى تحضير الأعمال قد يتجاوز العام، ونتيجة لذلك أصبح مبلغ الدعم السنوى لا يصرف إلا كل ثلاثة أعوام.
وحينما تم صرف مبلغ الدعم للمرة الثانية، ظهرت مشكلة جديدة، حيث تبقى 8 ملايين جنيه من أصل قيمة الدعم الأول، الأمر الذى دعا المركز القومى للسينما إلى تنظيم مسابقة دعم تكميلى لصرف المبلغ المتبقى على الأعمال المستحقة له. وتم إعادة المسابقة أكثر من مرة، ولكن لم يتم الإعلان عن نتائجها، بسبب تجميد نحو نصف مبلغ الدعم التكميلى، وظلت الأمور ساكنة، حتى أعلن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، فى العام الماضى، رفع قيمة الدعم الموجه لصناعة السينما إلى 50 مليون جنيه سنوياً، ولكن بعد مرور أكثر من عام على القرار ما زال حبراً على ورق، ولم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن.
وقال المخرج مجدى أحمد على إن السينمائيين الشباب يعانون بشدة من أزمة الصناعة، والدولة لا تقدم لهم يد العون، موضحاً: «آخر دعم قُدم للسينما، شهد إنتاج 16 فيلماً روائياً طويلاً، مثلت مصر فى المهرجانات الدولية، إلا أن الدعم توقف منذ فترة طويلة، حيث يرفض وزير المالية منحه للسينما، فالدولة تتعامل مع السينمائيين بطريقة غريبة جداً».
وأضاف «على»، لـ«الوطن»: «شباب السينمائيين يقومون بإنتاج أفلامهم على نفقتهم الخاصة، دون أن يقدم لهم تسهيلات، وهو ما يعد مشكلة بكل المقاييس، فالدولة حتى الآن لا تتعامل مع السينما باعتبارها قوى ناعمة أو صناعة يجب تشجيعها، وهو ما تسبب فى انهيارها، بعدما كانت تحتكر السوق العربية فى وقت من الأوقات، فنحن لا نستطيع توفير 20 مليون جنيه لمساندة السينما الشابة».
تراجع الإنتاج يخرج الفيلم المصرى من المعادلة
ليست وليدة اليوم أو الأمس، ولكنها من أبرز الأزمات التى تواجه صناعة السينما، فلا نستطيع التحديد هل هى سبب ما يحدث على الساحة، أم نتيجة له؟ خصوصاً عقب إعلان مهرجان القاهرة السينمائى، غياب الأعمال المصرية عن فعالياته للمرة الأولى منذ 39 عاماً، الأمر نفسه ينطبق على المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة فى مهرجان دبى، التى لم تشمل قائمتها سوى فيلم مصرى واحد وهو «زهرة الصبار» للمخرجة هالة القوصى، وذلك بعدما شاركت مصر فى المسابقة نفسها بـ5 أفلام العام الماضى.
قال المنتج هشام عبدالخالق، عضو غرفة صناعة السينما: «تكلفة الإنتاج فى زيادة مستمرة، كما هو الحال بالنسبة لأجر النجوم بسبب التنافس عليهم، خصوصاً مع اتجاههم حالياً إلى الدراما التليفزيونية، فهو يريد مبلغاً قريباً من الأرقام التى يتقاضاها فى المسلسلات، أو يسمح للمنتج بـ3 أشهر فقط لتصوير الفيلم السينمائى، فى الفترة من سبتمبر وحتى ديسمبر، حتى يستطيع بعد ذلك التفرغ لتحضيرات موسم الدراما الرمضانية، وهو ما يؤثر على جودة العمل، وعدد الأفلام المنتجة فى العام نفسه».
وتابع: «فى الوقت الحالى المنتج يضطر إلى تصوير فيلم، وتخزينه من 6 إلى 7 أشهر، ليقوم بطرحه فى موسم العيد على سبيل المثال، وإذا لم يبدأ فى الوقت الحالى لن يستطيع جلب ممثلين أو فنيين أو عمال، ولا نستطيع الاعتماد على جيل الشباب فى كل شىء، والسينما أصبح الإقدام عليها مخاطرة فى الفترة الأخيرة، فالمنتجون ليسوا كسولين، ولكن كلها عناصر مرتبطة ببعضها، فى العصر الذهبى للسينما من 2000 إلى 2010، كان لدينا ما يقرب من 10 نجوم فى الكوميديا فقط، ومثلهم فى الأكشن، ولكن الدراما جذبتهم جميعاً الآن، ولكن نجوم جيل الوسط، لن يضاهوا حجم الإيرادات التى حققتها الأسماء الكبيرة».
وأضاف: «يجب أن يضمن المنتج وجود قنوات توزيعية تضمن عودة التكاليف الخاصة بالفيلم، فى هيئة إيرادات قد تكون مرتفعة أو منخفضة، الأفلام المصرية التى تحقق أرباحاً جيدة فى الداخل لا تتجاوز فيلماً أو اثنين، سواء الأعمال المتوسطة أو الصغيرة التى يستطيع منتجون كثر العمل فيها، ولكنهم لا يجدون منافذ لتوزيع منتجاتهم فى الخارج، وبالتالى يجب أن تكون هناك لجنة تضم موزعين يتفقون من خلالها على توزيع الأفلام مع بعضهم».
وتابع: «على سبيل المثال تمثل الكويت والخليج 90% من إيراد الفيلم، وبالتالى عندما يُطلب فيلمان لأسماء كبيرة، يجب أن يحصل معهما الموزع على فيلم متوسط أو صغير، مثل ما يحدث فى التوزيع الخارجى للأفلام الأمريكية، وكانت هناك قنوات متخصصة فى عرض الأعمال، ولكن هذا لا يحدث فى الوقت الحالى إلا على استحياء، ولكن القرصنة قضت على تلك القنوات وأدت إلى خسارة المنتجين».
دور العرض بالمحافظات محاصرة بالضرائب وأبوابها مغلقة
تُعد دور العرض المحطة الرئيسية فى العلاقة بين الفيلم السينمائى والجمهور، ويعتمد عليها المنتج فى تحقيق إيرادات تغطى نفقاته، وكذا الحال بالنسبة لملاك السينمات، ولكن هناك عدداً من العوامل تتحكم فى أطراف تلك المعادلة، منها «قانون القيمة المضافة»، «زيادة ضرائب 5% على تذاكر السينما».. «رفع سعر متر الأفيش فى الشارع». كل ما سبق مشكلات تواجه دور العرض السينمائى، التى غاب الكثير منها فى الكثير من المحافظات، فالكثير من المدن محرومة من السينما، ولا يوجد بها قاعة عرض واحدة، منها المنوفية، الأقصر، البحيرة، بنى سويف، دمياط، الفيوم وكفر الشيخ.
ومن جانبه، قال المنتج جابى خورى، عضو غرفة صناعة السينما، إن مصر تفتقر إلى وجود رؤية أو خطة سينمائية واضحة للصناعة سواء طويلة أو قصيرة الأمد، تتنبأ بالشكل المتوقع لها بعد 5 سنوات، حتى يمكن التعامل مع المشكلات التى تواجه السينما مثل تزايد الضرائب على الأفلام المعروضة. وأضاف: «السينما حالتها (تعبانة)، وبالطبع من غير المنطقى رفع الضرائب المقررة عليها، فهذا جزء من الأزمة وحلها لن يسهم فى ازدهار حال السينما، إلا إذا توافرت عوامل أخرى مهمة، خاصة بمعالجة مشكلات الإنتاج السينمائى».
وأضاف «خورى» لـ«الوطن»: «الإيرادات التى تحققها الأفلام، تذهب مناصفة بين ملاك دور العرض والمنتجين، كما يتقاسمان أيضاً الضرائب المفروضة على التذاكر، ولكن مالك دور العرض لديه عدد من المصروفات الأخرى المتعلقة بأجور العاملين وأسعار الكهرباء والصيانة وغيرها من التكاليف.
ضعف الميزانيات يهدد استمرار المهرجانات المحلية
«القاهرة، الإسكندرية لسينما البحر المتوسط، الإسماعيلية للأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية، الأقصر للسينما الأفريقية، شرم الشيخ للأفلام العربية والأوروبية، القومى للسينما».. فعاليات فنية تحمل على عاتقها مسئولية نشر الثقافة السينمائية فى جميع أنحاء الجمهورية، باعتبارها الواجهة الأولى لمصر أمام صناع السينما فى العالم.
المهرجانات السينمائية المصرية تواجه مجموعة كبيرة من المشاكل، لعل أبرزها قلة ميزانياتها.
وقال المنتج محمد العدل، عضو اللجنة العليا للمهرجانات: «إن المشكلة تكمن فى أن هناك من يتعامل مع المهرجانات باعتبارها سبوبة للرزق، نحن فى حاجة إلى أن يكون لدينا مهرجان فى كل محافظة، لنشر الثقافة السينمائية والتنويرية بين أبنائها، فالجمهور هو المستهدف من تلك الأنشطة، فينبغى ألا يقتصر الحضور على الضيوف المقبلين من القاهرة فقط».
وأضاف: «الأزمة الثانية التى تواجه المهرجانات هى قلة الميزانيات والدعم المادى، ولذلك تم مطالبة المهرجانات التى يتولى أمورها جمعيات أهلية، بتوفير 50% من ميزانياتها، عن طريق رعاة أو غيرها من الوسائل، على أن تتكفل وزارة الثقافة بالجزء المتبقى».
وتحدث عن مهرجان القاهرة السينمائى، قائلاً: «لا بد أن تعى الدولة أهميته وتوفر له الدعم المادى بشكل كامل بعيداً عن الأطر التقليدية، إلى جانب الإشراف عليه وليس إدارته، حيث يتحمل المهرجان تكاليف شحن نسخ الأفلام المقبلة من الخارج وإقامة الضيوف، لا سيما أن البعض يقارنه بمهرجانات مبتدئة».
زيادة نسخ الأفلام الأجنبية: «الحرب مستمرة»
تزايد نسخ الأفلام الأجنبية من الأزمات التى تهدد صناعة السينما المصرية، وتم طرحها للنقاش أكثر من مرة داخل غرفة صناعة السينما، حيث انقسم أعضاؤها بين مؤيدين لفكرة طرح المزيد من تلك الأفلام، خصوصاً أن الموزعين يرون أن الأمر طبيعى لمواكبة تضاعف دور العرض السينمائية، بالتزامن مع قلة الأفلام المصرية المنتجة خلال العام الواحد، وارتباطها بمواسم سينمائية محددة، بالإضافة إلى ارتفاع النفقات الخاصة بالسينمات، والضرائب الملزمة بتسديدها، إلى جانب أجور العاملين بها، بينما يرى المعارضون وأغلبهم من المنتجين، أن زيادة المعروض من الفيلم الأجنبى ستدفع السينمات للاهتمام بعرضها على حساب المنتج المحلى.
وكان وزير الثقافة أصدر قراراً، عام 2015، يقضى بزيادة عدد المعروض من الأفلام الأجنبية إلى 15 نسخة، لمدة 6 أشهر بشكل تجريبى، حتى يتسنى للقائمين على الأمر متابعة تأثير ذلك على سوق صناعة الفيلم والتوزيع فى مصر، إلى أن تم اتخاذ قرار نهائى بشأن عدد النسخ، ولكن لم يتم تنفيذه حتى الآن، وما زال عدد نسخ الأفلام الأجنبية لا يتعدى الـ10 للفيلم الواحد.
من جانبه، قال الموزع السينمائى أنطوان زند إن أزمة نسخ الفيلم الأجنبى أزلية ومستمرة على مدار سنوات طويلة، متابعاً: «فى الوقت الحالى هناك زيادة ملحوظة فى المجمعات السينمائية، وبالتبعية يجب زيادة عدد المعروض، وهناك أضرار تترتب على ذلك، وهى عدم حصول بعض دور العرض على أفلام أجنبية، وفى ظل قلة الُمتاح من الأفلام المصرية، سوف تضطر تلك السينمات إلى إغلاق أبوابها مثل ما حدث فى بعضها بمدن القناة والأقاليم، أو سيحصل آخرون على الفيلم بعد انتهاء عرضه فى القاهرة والإسكندرية وسيصبح قديماً بالنسبة للجمهور، خصوصاً بعد طرحه على مواقع الإنترنت، ولن يحقق المكاسب المرجوة». وتابع «زند»، لـ«الوطن»: «لا أرى أضراراً من زيادة نسخ الفيلم الأجنبى، فهناك البعض يحمل قناعات خاطئة بأن هناك ضرراً سيقع على الفيلم المصرى، وفى الحقيقة لا يوجد أى علاقة بينهما، فبعض المجمعات تحتوى على 21 شاشة عرض سينمائى، وليس لدى البديل من المنتج المحلى الذى أستطيع أن أعرضه على تلك الشاشات، لا سيما أن الأعمال المحلية لا تتجاوز الـ40 فيلماً على مدار العام، فهل تستطيع شغل 52 أسبوعاً فى جميع دور العرض السينمائى».
وأكمل: «ما يثار حول تأثير زيادة النسخ الأجنبية على الفيلم المصرى، مجرد ادعاءات، الفيلم الجيد يفرض نفسه فى النهاية، والجميع يفضل الفيلم المصرى لأن الضريبة المفروضة عليه 5%، على عكس نظيره الأجنبى الذى يفرض عليه 20%، فمن مصلحتى عرض فيلم المحلى الجيد، لأنه سيحقق لى ربحاً أعلى مع زيادة مشاهدته».
ارتفاع تكاليف التصوير فى الأماكن الأثرية والمرافق
تخفيض قيمة الرسوم الخاصة بالتصوير فى حرم الأماكن الأثرية بنسبة 50%، كان ضمن حزمة القرارات التى اعتمدتها الحكومة كمساهمة منها فى النهوض بصناعة السينما المصرية، ومنذ تاريخ هذا القرار الصادر فى يوليو 2016، لم تحرك الدولة ساكناً فيما يتعلق بدعمها للأفلام، لا سيما بعد ارتفاع أسعار التصوير فى الأماكن السياحية والأثرية وغيرها من المرافق العامة، ما دفع المنتجين للهروب من الأعمال التى تتضمن قدراً كبيراً من المشاهد فى تلك المناطق.
كما زاد من صعوبة الأمر استخراج تصاريح التصوير، ما يحمل المنتج أعباء إضافية، بالإضافة إلى هروب صناع السينما الأجانب من مصر، إلى دول أخرى تقدم لهم تسهيلات وخدمات أكثر تميزاً.
قال المنتج صفى الدين محمود إن «ارتفاع أسعار التصوير الخارجى فى الأماكن الأثرية والسياحية، أو الأماكن العامة مثل السكك الحديدية والمطارات بصورة مبالغ فيها، يعد من أهم المشكلات التى تواجه صناع السينما». وتابع: «مشهد لا يتجاوز دقائق فى إحدى محطات القطارات قد يتكلف مبلغاً ضخماً، على الرغم من أن التصوير فى تلك الأماكن يفيد الدولة فى جذب السياحة والاستثمار، ويجب عليها إزالة المعوقات التى تواجه صناع السينما، مثل الروتين المتبع فى الحصول على تصاريح التصوير، التى أحياناً تعانى من التداخل بين عدد من الجهات».
وأضاف «صفى الدين»، فى تصريحات لـ«الوطن»: «نحن فى حاجة إلى أن يدرك المسئولون أهمية تسهيل التصوير من خلال شباك واحد، يتولى عملية إصدار التصاريح، وما يتعلق بها من إجراءات روتينية، على سبيل المثال المخرج الفلسطينى رشيد مشهراوى، اختار تونس لتصوير مشاهد فيلمه (كتابة على الثلج) المستوحى أحداثه من فلسطين، وكان من السهل تصويره فى مصر لكننا لدينا الكثير من التعقيدات، وافتتح الفيلم فعاليات الدورة الـ28 من مهرجان أيام قرطاج السينمائى، ولو كان نُفذ فى بلادنا، لاستفدنا منه للغاية فى ما يخص الدعاية».
وتابع: «كنت أعمل من قبل فى مجال الإعلانات، التى تنتجها الدولة لتشجيع السياحة وأعلم تكلفتها، فالدولة تستطيع أن تحقق نتيجة أعلى من خلال وضع تسهيلات وتخفيض أسعار التصوير، مما سيحقق لها دعاية كبيرة جراء عرض تلك الأفلام فى المهرجانات العالمية، فدبى عندما يتم تصوير فيلم على أرضها، تقدم لصناعه مجموعة كبيرة من التسهيلات، وأحياناً تشاركه فى العمل، ودول مثل المغرب وتركيا ارتفعت نسبة الإشغال السياحى بها، بسبب الأعمال الفنية المصورة لديها».