"عيد وآلام".. أهالي شهداء البطرسية: "ذكراهم معنا ولا مكان للحزن"
"عيد وآلام".. أهالي شهداء البطرسية: "ذكراهم معنا ولا مكان للحزن"
مجدي وزوجته الشهيدة صباح
في الوقت الذي يتم الاستعداد فيه للاحتفال بعيد الميلاد بالعديد من مظاهر البهجة، حاول البعض تنحية أحزانهم، ورسم ملامح الفرحة، وإعلاء البسمة على وجوههم بعد أن فقدوا بعض ذويهم في العمليات الإرهابية الآثمة التي نالت عدد من أبناء الوطن، وسفكت دمائهم الطاهرة بين جدران أكثر المناطق المقدسة، واستباحت حرمة الكنيسة البطرسية في العباسية العام الماضي.
رغم الآلام التي تسكن قلب مجدي رمزي، منذ أكثر من عام، لفقدانه زوجته صباح وديع وحفيدته، في حادث تفجير الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية الكبرى في العباسية في 11 ديسمبر 2016، إلا أنه قرر إزاحتها جانبا لدعم عائلته، وإضفاء أجواء من السلام والسعادة للاستمتاع بعيد الميلاد المجيد.
"أنهرت مع نفسي، وطلعتلهم بوش بيضحك".. بهذه الكلمات البسيطة التي اختزلت في ثناياها كمًا ضخما من الحزن باستشهاد شريكة عمره التي عاشت معه لأكثر من 37 عاما، بالإضافة إلى حفيدته التي وأدت يد الإرهاب طفولتها.
"مجدي" عبَّر لـ"الوطن"، عن المشاعر المتضاربة داخله، قائلا إن اليوم سيكون احتفالا فقط بميلاد السيد المسيح ولا يوجد مكان للحزن فيه، مؤكدًا "لازم أقوي عيلتي ومسبهمش للزعل وأفرحهم وأطيب بخاطرهم، علشان الحياة لازم تمشي وهما خلاص راحوا الجنة يعني أحسن من أي مكان".
وأضاف أنه حرص يوم الجمعة الماضية على زيارة قبر زوجته وحفيدته والصلاة في دير الأنبا شنودة، مؤكدا أنه سيذهب مع أسرته اليوم إلى الكنيسة البطرسية لأداء صلاة القداس، مشيدا بالإجراءات الأمنية المكثفة لتأمين الكنيسة، قائلا: "بلدنا أحسن بلد".
"هاقول لربنا انت اخدت اغلى حاجة مننا فخليك جنبنا".. بهذا الدعاء تنوي يوستينا نبيل أن تتوجه الى الله في قداس عيد الميلاد الليلة، حيث تتذكر استشهاد أبيها، وهي تحول مغالبة الدموع في عينيها، وتجبر نفسها على مواصلة الكلام، لتستبدلها بسعادة في الاحتفال بميلاد السيد المسيح، قائلة:"فرحانة انهم بنوا كنيسة جديدة هيصلي فيها البابا"، حيث ترى أن القادم أفضل آملة أن تجتمع مع أبيها في الجنة.
ورغم مرور أكثر من 365 يوما، إلا أن تفاصيل الحادثة مازالت مرسخة داخل ذهنها، والتي تتذكرها بأنها كانت تحضر إحدى دروسها لتخرج بعد انتهائه وتجد زملائها في حالة انهيار، يخبرونها أن هناك تفجيرات بالبطرسية، وكاد القلق يقتلها بشان أبيها وأمها الذين ذهبوا للصلاة هناك، حتى تلقت خبر استشهاده لتذهب إلى المشفى برفقة اقاربها وتجد أبيها أمامها جثة هامدة، لم يسعها سوى البكاء ومحاولة الصبر والاحتساب وتحمل الفاجعة رغم سنها الصغير.
تصلي يوستينا ابنة الشهيد النبيل حبيب في البطرسية حيث توفى والدها بأيدي الغدر والارهاب العام الماضي، اذ ان اعمدة المكان مزينة بدماء ابيها ورفقائه في السماء، لتؤكد ان ذكراهم باقية على مر الزمان.
الفتاة ذات الاثني عشر عاما تأمل أن تجد روح أبيها تشاركها الصلاة في المكان الذي فاضت فيه روحه الى خالقها، الفرحة ناقصة في هذا القداس بالتأكيد، حيث كانت تستيقظ كل صباح على احتضان أبيها لها ليخبرها بالاستعداد باكرا للذهاب للكنيسة.
البشاشة التي كانت تعلو وجهه كل عيد هي أكثر ما تفتقده، وتلك العبارات التي يرددها عليهم دائما "ادعوا ربنا في الصلاة يكون معانا احنا مالناش غيره"، بينما يتملكها إحساس الوحشة والشوق، لكنها تستعين بذكرياتها ومواقفها مع والدها، لتشعر أنه معها في كل لحظة، يعينها على ذلك شعور بالأمل والتفاؤل فيما تحمله الايام القادمة.
.