العطش والتلوث وانقطاع المياه بالشهور.. مآسٍ متكررة فى «القاهرة والصعيد وبحرى»
10:15 ص | الأربعاء 17 يناير 2018
مطالب بوضع ضوابط حكومية لإنقاذ المياه من التلوث
معاناة يومية يعيشها المصريون بمختلف المحافظات، سواء فى القاهرة الكبرى، أو الصعيد أو الوجه البحرى، فالأسعد حظاً هو الذى تصله المياه ولو بشكل متقطع، بينما أسوأ فصول المعاناة يعيشها أهالى القرى البعيدة الذين يشكون انقطاع المياه عن منازلهم وحقولهم بالشهور، وحال وصولها فإنها تأتيهم ملوثة وعكرة ما يؤدى للإصابة بأمراض الفشل الكلوى وفيروس سى.
فى محافظات بالوجه البحرى، تتواصل أزمة نقص مياه الشرب أو تلوثها، رغم استغاثات وشكاوى المواطنين للمسئولين، دون جدوى، ما دعا البعض للاعتماد على المحطات الأهلية المتخصصة فى تحلية المياه بعد عجز الشركة عن حل المشاكل المتراكمة منذ سنوات.
وقال الدكتور مؤنس بدير، من أهالى قرية «هيت» بمركز منوف، بالمنوفية، إن مياه المنازل تحتوى على «شوائب» تُرى بالعين، إضافة إلى تغير فى خواصها، ما دعا الأهالى إلى الاعتماد على محطتين أهليتين للتحلية دون مقابل، تعملان بدون تراخيص، والحكومة تغض الطرف عنهما لأنها تدرك أن هناك قصوراً. فيما أكد محمد نجيب، رئيس شركة مياه الشرب بالمنوفية، أن المياه تصل إلى كل شبر بالمحافظة بكفاءة وجودة عالية ما عدا بعض المنازل المخالفة، مشدداً على بحث شكاوى المواطنين دورياً بالتعاون مع مديرية الصحة.
انقطاع المياه يحاصر عدة محافظات فى الوجه البحرى.. والأهالى يلجأون لـ«المحطات الأهلية».. وقرى فى الصعيد تعيش على «الطلمبات الحبشية».. والموت بالفشل الكلوى يهدد حياة الأهالى
وعلق «نجيب» على اعتماد الأهالى على محطات التحلية الأهلية وانعدام ثقة المواطنين فى المحطات الحكومية قائلاً: «هذه المحطات تعمل بدون تراخيص، وتم إنشاؤها لأغراض انتخابية للتشكيك فى الحكومة».
أهالى محافظة السويس أيضاً يعانون من نقص حاد فى مياه الشرب، حيث وصلت نسبة العجز إلى 250 ألف متر مكعب يومياً بعد تشييد الأبراج السكنية بصورة عشوائية بأعداد تفوق المتوقع.
وقال المهندس طلعت أبوالفتوح، رئيس محطة مياه الشرب بالسويس، إن هيئة قناة السويس تقدمت بمشروع لإنشاء محطة مياه جديدة تضخ 150 ألف متر مكعب، منذ 4 سنوات، وجهزت الأرض للإنشاء وخصصت 300 مليون جنيه والعقود تم تجهيزها وكراسة الشروط جاهزة، إلا أن وزارة الرى أكدت صعوبة توفير كميات مياه إضافية فتوقف المشروع». وتعيش منطقة السبعة وأبوجوهرى، و13 عزبة فى مركز بلقاس بالدقهلية، بدون مياه للشرب، ورغم ذلك تطالبهم شركة المياه بسداد الفواتير الشهرية. وأكد مصدر بشركة مياه الدقهلية أن المنطقة تحتاج إلى محطة مياه جديدة بعد التوسعات العمرانية التى شهدها المركز.
منازل بلا مياه فى «خور عواضة» بقنا.. و«ههيا» بالمنيا تعيش على «بئر ارتوازية».. و«عرب الشريفة» بأسيوط تعانى العطش على مدار عامين.. و250 ألف متر مكعب نسبة العجز اليومى بالسويس.. انعدام الثقة فى «محطات المياه» الحكومية فى المنوفية بعد تسمم 4 آلاف شخص.. وقرى «بلقاس» تلجأ للترع والمصارف
وفى الغربية، يعانى أهالى قرى ومراكز المحافظة من أزمة نقص مياه الشرب بسبب ضعف إنتاج المحطات الكائنة على ضفاف ترع «ميت يزيد وبحر شبين».
وكشفت مصادر داخل شركة المياه، أن «الشركة تسحب عينات دورية من المياه داخل منازل القرى، وأكدت التحاليل أن نسبة الشوائب العالقة والملوثات أكثر من 35% وهو ما قد يتسبب فى إصابة المواطنين بالأمراض. وتابعت المصادر أن هناك عوائق تواجه مسئولى شركة المياه جراء تنفيذ 6 محطات معالجة بسبب تقاعس المقاولين عن تنفيذ وإتمام المشروعات فى موعدها.
وأصدر اللواء أحمد ضيف صقر، محافظ الغربية، قراراً بتشكيل لجنة للتنسيق مع مدير الهيئة القومية لمياه الشرب لوضع خطة عاجلة لتسليم 7 محطات مياه بمراكز بسيون وقطور والسنطة وسمنود والمحلة وطنطا.
وفى الصعيد تعد المياه أزمة كبرى تضرب العديد من القرى، ما دعا أهلها للعودة لعصر الطلمبات الحبشية بحثاً عن قطرة ماء، حتى لو كانت مخلوطة بالصرف الصحى، فالموت بأمراض الفشل الكلوى أو الالتهاب الكبدى الوبائى أهون بالنسبة لهم من الموت عطشاً.
فى قنا، تعانى قرى ونجوع واقعة فى حضن الجبل من العطش، وأصبح بيع العربات الكارو لجراكن المياه مشهداً معتاداً، وقال على نصر، رئيس شركة مياه دشنا: «لحل مشكلة المياه بقرى الجبل بدشنا، تم إنشاء مرشح بقرية أبومناع بحر على 10 أفدنة»، بينما كشف اللواء عبدالحميد الهجان، محافظ قنا، حصول المحافظة على 216 مليوناً و375 ألف دولار من قرض من البنك الدولى لتوصيل المياه للمناطق المحرومة.
لم يختلف الوضع كثيراً فى أسوان، فمئات الأسر تعيش أعلى خور عواضة بمنطقة جبلية مرتفعة، دون قطرة مياه واحدة، وأصبح نزول وصعود الجبل للحصول على جركن مياه رحلة عذاب يومية لأطفال وشباب الخور، فرغم توصيل المواسير لمنازلهم البسيطة فإن المياه لا تصل.
«عدم وجود ميّه أصبح شىء طبيعى، إحنا عايشين كدا مع الأزمة على أمل يصدق المسئولين، مش فاهمة إزاى بلد السد العالى تموت من العطش، رغم إن الميّه بتطلع لسكان المقطم فى القاهرة».. هكذا قالت «أم الهانم»، إحدى سكان خور عواضة.
الرد على أحلام سكان خور عواضة، جاء على لسان مسئول بالوحدة المحلية لمركز ومدينة أسوان، الذى قال لـ«الوطن» بعدما طلب عدم نشر اسمه: «يعيشون فى منازل عشوائية على منطقة جبلية وعرة، ما يجعل توصيل المياه إليهم شديد الصعوبة، لكننا ندرس مع شركة المياه إمكانية ضخ المياه بقوة أكبر لهذه المناطق المرتفعة».
وفى أسيوط، تعانى قرية عرب الشريفة بمركز منفلوط، العطش على مدار عامين كاملين، فالمياه لا تصل القرية إلا ساعة واحدة يومياً وقت الفجر، ما يضطر الأهالى لحمل الجراكن والسير 3 كم للحصول على المياه من شركة البترول أو إحدى القرى المجاورة.
العودة للطلمبات الحبشية كان الحل، حسبما يقول عبودة مصطفى، مشيراً إلى أن «مياه الطلمبات تخرج مختلطة بمياه الصرف»، ويقول مسئول بمجلس مدينة منفلوط: «طلبنا استقدام خط آخر من قرية مجاورة أو تركيب طلمبات جديدة».
ويعيش سكان قرية ههيا بالمنيا، وعددهم 15 ألف نسمة، على بئر مياه ارتوازية، ويقول عامر محمد، أحد الأهالى: «ههيا من القرى الأكثر احتياجاً لإحلال وتجديد خطوط المياه المتهالكة، عمرها يتجاوز 30 سنة، ما يؤدى لتكرار الانفجارات وضعف الضخ، وفى النهاية لجأنا للطلمبات للحصول على المياه، بينما تذهب ربات البيوت للترع لغسل الأوانى والملابس».
وقالت الدكتورة أمل عليوة، المنسق الفنى لمبادرة «توصيل مياه شرب نظيفة للقرى»، التى تنفذ بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية والاتحاد الأوروبى: «توجد فى قرية ههيا مواسير مياه مصنوعة من مادة ضارة، لذلك تم حفر بئر ارتوازية لزيادة معدل ضخ المياه».
ويعانى أكثر من 2000 شخص يعيشون غرب خط السكة الحديد بقرية شطورة، شمال سوهاج، من عدم وجود مياه نظيفة، بعدما رفض المسئولون مدها إليهم لأن منازلهم المبنية منذ 10 سنوات غير مرخصة.
أما الحل الوحيد لأزمة ضعف مياه الشرب بمركزى الواسطى وناصر، شمال بنى سويف، بنظر الأهالى كان مواتير رفع المياه، التى لا يخلو منها منزل واحد، فيما يشكو أهالى مركز طامية بالفيوم من الانقطاع المتكرر للمياه، وقال ضاحى العبيدى، من عزبة الحنبلى، التابعة لقرية المظاطلى: «المياه مقطوعة عن القرية من 20 يوماً».
وفى سيناء التى يعانى شمالها من الإرهاب، يعيش الأهالى معاناة نقص المياه، ويقول تامر رشدى، مسئول المتابعة فى شركة مياه الشرب بالعريش، إن «المدينة مخصص لها قرابة 28 ألف متر مكعب من المياه يومياً، تقسم على الأحياء بالتناوب».
وأوضح أن «بعض المناطق تصل لها المياه يومياً، مثل المساعيد وشارع البحر، بينما تصل إلى مناطق أخرى كل 5 أيام، مثل شارعى القاهرة وأسيوط»، مضيفاً «بعض المناطق الواقعة شرق العريش تصلها المياه كل أسبوعين، لكن فى المتوسط تصل المياه لأغلب الأحياء مرة أسبوعياً».
الوضع فى الشيخ زويد ورفح يختلف كثيراً عنه فى العريش، بعدما أغلقت شركة المياه والصرف الصحى خط المياه المتجه إلى المدينتين منذ 5 سنوات، حسب مصادر فى شركة المياه أشارت إلى أن «المدينتين كانتا تحصلان على 10 آلاف متر مكعب يومياً».
ويشترى سكان القرى فى الشيخ زويد ورفح المياه بأسعار مرتفعة، نظراً لإغلاق الطرق الرئيسية وصعوبة نقل المياه إليها لأسباب أمنية.
من جهته، أعلن محافظ شمال سيناء، اللواء عبدالفتاح حرحور، عن جاهزية 4 محطات تحلية للعمل فى الشيخ زويد، وتم افتتاح محطتى الشلاق والخروبة، غرب المدينة، ومحطتى أبوطويلة والعكور، جنوب المدينة، وجميعها تعتمد على الآبار الجوفية.