تقرير لـ«البيئة»: 18.9 مليار متر «صرف مباشر» على النيل سنوياً
الصرف الصناعى أحد العوامل الرئيسية فى تلويث مياه الشرب
أكد تقرير رسمى صادر عن وزارة البيئة، بالتعاون مع عدد من الوزارات والجهات المعنية، أن إجمالى كمية «الصرف المباشر» على مياه نهر النيل يبلغ 18.922 مليار متر مكعب تقريباً فى العام، على جسم مياه النهر، بخلاف «الترع والرياحات»، موضحاً أن مصادر تلك التلوث هو «الصرف الزراعى»، و«الصحى»، و«الصناعى».
وتصدر الصرف الصحى والزراعى العشوائى قائمة «الصرف على النيل»، بواقع 72% من كمية الصرف، حسب تقرير «حالة البيئة فى مصر 2016» الصادر أواخر ديسمبر 2017، ثم 22% من مياه «صرف التبريد»، ثم 5% «صرف صحى»، و1% «صرف صناعى». وأشار «التقرير» إلى أن عدد المصارف الزراعية الرئيسية التى تصب على النيل يبلغ نحو 72 مصرفاً من أسوان إلى القاهرة، وفرعى النيل بـ«دمياط»، و«رشيد»، التى تحتوى على مياه الصرف الزراعى المحمّلة بالمبيدات والكيماويات، بالإضافة إلى الصرف المباشر العشوائى من القرى المحرومة من خدمة الصرف الصحى.
وتابع التقرير: «يوجد بالوجه القبلى من أسوان حتى القاهرة 9 محافظات يسكنها نحو 30 مليون نسمة، تشمل 66 مصرفاً تخدم زماماً قدره 2.5 مليون فدان، وجميع تلك المصارف تعود مرة أخرى لتصب فى مجرى نهر النيل، ويختلط بها صرف صناعى فى كل من البربا، ومحيط إطسا». واستطرد: «تعانى بعض هذه المصارف من زيادة عالية فى الأحمال العضوية الناتجة عن الصرف المباشر لمياه الصرف الصحى غير المعالج للقرى التى لا تتمتع بخدمات صرف صحى أو نتيجة صرف مياه محطات المعالجة الابتدائية»، مضيفة: «من أشد هذه المصارف تلوثاً مصارف خور السيل، والبربا، وكوم أمبو، والريمون بمحافظة أسوان، ومصرف أتليدم بمحافظة المنيا».
72 مصرفاً زراعياً تصب فى النهر.. ومليار متر مكعب «صرف معالج».. و4.2 مليار متر «مياه تبريد».. وفحوصات «البيئة» تكشف: استخدام جائر للأسمدة والمبيدات
أما الصرف الصحى، فأوضح التقرير أن كمية مياه الصرف المعالج التى يتم صرفها على النيل وفرعيه نحو 1.06 مليار متر مكعب فى العام، وتقدّر بنسبة 5% من إجمالى الصرف المباشر على النهر، وذلك عبر محطات معالجة صرف بالوجه القبلى، بالإضافة إلى 4 مصارف. ويشير التقرير إلى أن مياه الصرف الصناعى للمنشآت الصناعية، تأتى فى المرتبة الأخيرة من حيث كمية المخلفات السائلة، حيث تبلغ 1% من إجمالى الصرف المباشر على نهر النيل من 9 منشآت، حيث تم وقف كمية صرف صناعى تقدّر بنحو 547 مليون متر مكعب بالعام، وذلك عبر تحويل صرف المنشآت الصناعية من نهر النيل والمجارى المائية العذبة إلى المصارف الزراعية أو الشبكة العمومية للصرف الصحى.
وأوضح التقرير أن هناك 687 مليون متر مكعب فى العام صرف صناعى على النيل، منها 145.5 مليون متر مكعب فى العام صرف مخالف، ويجرى اتخاذ الإجراءات القانونية والفنية لتوفيق أوضاعها البيئية. وعن عدد محطات الكهرباء التى تلقى بمياه التبريد على نهر النيل مباشرة، أوضح التقرير أنها 14 محطة، تلقى نحو 4.2 مليار متر مكعب فى العام، بما يُقدّر بـ22% من إجمالى الصرف على النيل.
وتابع التقرير: «تعتبر مياه التبريد أقل تأثيراً على نوعية مياه النهر بالمقارنة بالصرف الصناعى، حيث تمثل فى الغالب تأثيراً حرارياً على الأحياء المائية بنهر النيل، ولا تمثل ملوثاً عضوياً أو غير عضوى، لذلك تعتبر هذه المياه مطابقة كيميائياً، ومخالفة فقط فى ارتفاع درجات الحرارة عن الحدود المسموح بها قانوناً». واستطرد: «نظراً لتزايد الأنشطة التنموية فى مصر؛ فإنه كان من الضرورى متابعة ورصد التغيّرات الطارئة على نوعية مياه نهر النيل من جراء تلك الأنشطة، وتأتى أهمية شبكات الرصد البيئى فى إدارة موارد المياه فى تحديد مصادر التلوث الرئيسية للمياه العذبة، التى من أهمها الاستخدام الجائر لكل من الأسمدة، والمبيدات الحشرية فى العمليات الزراعية، والتخلص من مياه الصرف الصحى والصناعى فى الأنهار والبحيرات، ووجود النفايات الصلبة على ضفاف المجارى المائية، مما يُسبّب تسريبات غير صحية إلى المياه السطحية والجوفية، وما قد ينتج عن تلك من مخاطر صحية».
وواصل: «وبالتالى فقد تم وضع عدد من برامج الرصد الدورى، التى تهدف إلى قياس المؤشرات التى تعبّر عن نوعية المياه، التى تشمل المؤشرات الطبيعية، والكيميائية، والميكروبيولوجية، ويتم فى إطار تلك البرامج رصد نوعية المياه السطحية والجوفية من خلال شبكات للرصد على مستوى الجمهورية، والتى تتبع عدداً من الوزارات المعنية بنوعية المياه». وأوضح أن هناك شبكة لوزارة الموارد المائية والرى، تشمل 232 موقع رصد على نهر النيل والترع والمصارف، بالإضافة إلى 203 نقاط مراقبة لرصد نوعية المياه الجوفية، وشبكة وزارة الصحة والسكان وتشمل 154 موقعاً لرصد مياه نهر النيل وفرعيه وبعض الترع الرئيسية مثل المحمودية والإسماعيلية والإبراهيمية، وكذلك بعض الترع الكبيرة التى تخرج من النيل لدى القناطر الخيرية، و20 نقطة فى المسافة بين محافظتى الفيوم وبنى سويف.
نفايات صلبة فى المجارى المائية.. ووقف 547 مليون متر مكعب صرف صناعى من أصل 687 مليوناً.. و145.5 مليون «صرف مخالف»
وتضم شبكات متابعة مياه النهر شبكة وزارة البيئة، التى تشمل 69 موقع رصد على نهر النيل، بالإضافة إلى 3 نقاط من بحيرة السد العالى، حيث يتم الرصد من خلال المعمل المركزى، ومعامل الفروع الإقليمية لجهاز شئون البيئة، التى تجرى الرصد فى 16 محافظة، هى أسوان، والأقصر، وقنا، وسوهاج، وأسيوط، والمنيا، وبنى سويف، والقاهرة، والجيزة، والقليوبية، والمنوفية، والغربية، والدقهلية، ودمياط، والبحيرة، وكفر الشيخ.
ورصدت شبكات وزارتى الصحة والسكان والبيئة مؤشرات نوعية المياه فى نهر النيل وفرعيه عبر 223 موقعاً، وذلك عبر مركز الرصد البيئى ودراسات بيئة العمل، التابع لوزارة الصحة، ومعامل جهاز شئون البيئة فى 16 محافظة من محافظات الجمهورية، التى يمر بها «النهر»، حسب تقرير «حالة البيئة فى مصر 2016»، الذى انتهت منه الوزارتان أواخر شهر ديسمبر 2017.
أول القطاعات التى رصدتها الوزارتان، كان نوعية المياه ببحيرة ناصر، التى تعتبر ثانى أكبر بحيرة صناعية فى العالم، وخزان المياه الرئيسى لمصر، التى يمتد طولها إلى 500 كيلومتر، منها 350 كيلومتراً داخل حدود مصر، والتى يتفرّع منها 85 خوراً رئيسياً.
وبلغ متوسط نتائج الرصد لبحيرة ناصر أن مياهها فى الحدود المسموح بها لجودة المياه، التى نصت عليها المادة 49 من اللائحة التنفيذية للقانون 48 لسنة 1982 المعدلة بالقرار الوزارى رقم 92 لسنة 2013، والخاصة بنوعية مياه نهر النيل، والتى توضح أن بحيرة ناصر ما زالت مستقرة، ولم تحدث تغييرات طارئة عليها، مقارنة بنتائج رصد الأعوام السابقة، حسب «التقرير».
وعن نوعية مياه نهر النيل من أسوان إلى القاهرة الكبرى، تم رصد نوعية المياه فى 9 محافظات مطلة على النهر، الذى أظهر أن متوسط التركيز السنوى للأكسجين الذائب فى المياه حتى «القناطر الخيرية»، كان أعلى من الحد الأدنى المسموح به قانوناً، مردفة: «هذا دليل على جودة نوعية المياه بنهر النيل»، مشيرة إلى أن متوسط التركيز السنوى كان 7 مللى جرام لكل لتر، فى حين أن الحد الأدنى هو 6 مللى جرام لكل لتر.
أما فرع المياه فى «دمياط»، الذى يمر بين 5 محافظات هى المنوفية، والغربية، والدقهلية، ودمياط، والبحيرة؛ فتستقبل تصرّفات مباشرة لمصارف زراعية هى مصرف عمر بك وما يحمله من مخلفات للصرف الصحى المعالج، وغير المعالج، بالإضافة إلى الصرف العشوائى للقرى والصرف الصناعى لمعاطن الكتان، ومصرف السرو الأعلى عند مدينة الزرقا بدمياط على البر الشرقى.
وقال التقرير: «أوضحت نتائج الرصد لنوعية المياه بالفرع، أن متوسط تركيز المواد العضوية ممثلة فى الأكسجين الحيوى الممتص بالمحافظات المطلة بفرع النيل بدمياط أقل من الحد المسموح به، بينما وجد أن متوسط التركيز السنوى للأكسجين الذائب خلال السنوات الأربع السابقة أعلى من الحد الأدنى المسموح به، فيما عدا محافظة المنوفية، حيث جاء تركيزها 4 ملى جرام لكل لتر».
وعن نوعية مياه نهر النيل لفرع رشيد، أوضح التقرير أنه يمتد من القناطر الخيرية إلى شواطئ البحر المتوسط شمالاً بطول 210 كيلومترات، ومتوسط تصريف المياه على فرع رشيد من القناطر الخيرية 10 ملايين متر مكعب يومياً، ويمر فى 5 محافظات هى الجيزة، والمنوفية، والغربية، والبحيرة، وكفر الشيخ. ويصرف على فرع رشيد 5 مصارف رئيسية، هى الرهاوى، وسبل، وجنوب التحرير الرئيسى، وتلا، وزاوية البحر، وهى مصارف زراعية منها 3 مصارف هى الرهاوى، وسبل، وتلا، يختلط فيها الصرف الصحى مع الصرف الزراعى.