الخزانات الجوفية أمل مصر فى مواجهة «محاولات التعطيش»
الآبار الجوفية مصدر مائى يجب حمايته
كشف عدد من خبراء المياه أن الخزانات الجوفية فى مصر هى «الأمل» فى مواجهة محاولات «التعطيش» التى نتعرّض لها خلال الفترة الأخيرة، مؤكدين أن المخزون الجوفى غير تقليدى وآمن للأجيال المقبلة، و«غير متجدّد». وأشار البعض إلى أن خزان «الحجر الرملى» يمثل بحراً كاملاً تحت الأرض فى الصحراء الغربية.
ويرى الخبراء أن مصر تقع على 5 أحواض مائية جوفية رئيسية أهمها الحجر الرملى النوبى، الذى يمتد فى 4 دول ويعد الأكبر على مستوى العالم وتقديراته من 20 إلى 70 ألف مليار متر مكعب نصيب مصر منها 500 مليار متر ويمتد فى الصحراء الغربية، فى الوقت الذى يؤكد فيه خبراء الرى أن الخزانات غير متجدّدة، ويجب التعامل معها على هذا الأساس.
«الرى»: «الرملى النوبى» الأكبر ويمتد فى 4 دول وحصتنا تُقدّر بنحو 500 مليار متر مكعب
وكشف تقرير صادر عن وزارة الموارد المائية والرى أن أهم هذه الأحواض وأغناها ما يُطلق عليه حوض نهر النيل ويقع أسفل الوادى والدلتا، وهو خزان جوفى من الرمل والزلط ويعتبر من أغنى الخزانات وأعلاها من حيث الإمكانيات، لأنه خزان متجدّد ويتغذّى أساساً من مياه النيل، من خلال الرى والترع والقنوات المائية، ونوعية مياهه جيدة إلا أنها فى الآونة الأخيرة تعرّضت للتلوث بسبب عدم وجود شبكات للصرف الصحى، وعدم وجود منظومة بيئية للتخلص من النفايات الصلبة والسائلة للسكان والمصانع فى معظم محافظات الدلتا والصعيد، ثم حوض الحجر الجيرى ويظهر فى نحو 50% من مساحة مصر فى الصحراء الشرقية والغربية وشبه جزيرة سيناء ونوعية المياه به ليست كالموجودة بخزان الحجر الرملى النوبى، ولا يمكن تقدير الكميات المخزّنة به بصورة دقيقة، نظراً لوجودها فى التشقّقات التى يصعب علمياً تقديرها بصورة دقيقة.
وأوضح التقرير أن الخزان الثالث هو حوض الحجر الرملى النوبى العميق، الذى يغطى الصحراء الغربية، وهو أكبر حوض مياه جوفية على مستوى العالم، ويوجد فى مصر وليبيا والسودان وتشاد، ويمثل مخزوناً عظيماً تختلف قيمته من دراسة إلى أخرى، حيث تتراوح بين 20 إلى 70 ألف مليار متر مكعب، ومساحته نحو مليونى كيلومتر مربع، ويبلغ نصيب مصر ربع كمية المياه على مساحة 730 ألف كيلومتر مربعة، ويظهر غرب مصر، وفى سيناء، وتقدّر بعض الدراسات المتخصّصة كمية المخزون المتاحة لمصر بهذا الحوض بنحو 500 مليار متر مكعب من المياه القديمة (الأحفورية) غير المتجدّدة التى تمتاز بجودة عالية وخالية من الملوثات، فيما تشير تقديرات أخرى إلى أن حجم المخزون يزيد على هذا الرقم، لكنه غير متاح، ولا يمكن استخدامه اقتصادياً، والحوض الرابع فى منطقة المغرة وحوض الأحجار المتشقّقة، وهى أحواض فقيرة بالمياه من حيث الكمية والنوعية، لكن يمكن استخدامها فى بعض الزراعات التى تتحمّل ملوحة المياه، والأخير هو الأحواض الساحلية التى تشمل الشريط الساحلى للبحر الأحمر والبحر المتوسط وتعتمد أساساً فى تغذيتها على الأمطار وبعض الخزانات الجوفية العميقة، وهذه الخزانات تتعرّض لظاهرة تداخل مياه البحر، مما يعرّضها لتدهور نوعيتها عند السحب غير المحسوب.
«صقر»: المخزون الجوفى غير تقليدى وآمن للأجيال المقبلة.. و«أبوزيد»: «غير متجدد»
وقال الدكتور سامح صقر، رئيس قطاع المياه الجوفية بوزارة الرى: إن مصر بها مخزون جوفى غير تقليدى وآمن للأجيال المقبلة، مضيفاً أن الاحتياطى الاستراتيجى من المياه الجوفية لدى مصر لا يمكن التعامل معه مثل المياه الموجودة فوق السطح، لأنه من الممكن استخدام المياه فوق السطح بالكامل، لكن المياه الجوفية لا يمكن استخراج أكثر مما هو مسموح به فى حدود إمكانيات الخزان الجوفى، ولا يمكن سحب أكثر من إمكانيات الضخ ومستوى الهبوط والطاقة المتاحة. وأشار إلى أنه من الممكن أن يكون لدينا خزان جوفى كبير، ويتم الاعتماد على المياه الجوفية كمخزون مستدام، لكن هذا يتوقف على طريقة استخدام هذه المياه، بعيداً عن سياسة الإهدار، وبضوابط علمية وقانونية وأخلاقية.
وقال الدكتور خالد أبوزيد، الخبير الدولى فى المياه: إنه تم دراسة خزان الحجر الرملى النوبى لمدة 5 سنوات مع الدول الأربع المتشاركة فيه، وهى مصر والسودان وليبيا وتشاد، وتأكد عدم تجدّده، لذا يجب التعامل مع الخزان على هذا اﻷساس.
وأضاف الدكتور عباس شراقى، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية المساعد بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، أن المياه الجوفية فى مصر نوعان: الأول فى الصحراء الغربية ومعظم الأجزاء فى سيناء، خصوصاً الجنوبية، حيث يوجد بها خزانات على أعماق كبيرة جداً تصل إلى أكثر من 1000 متر، مثلما هو موجود فى الواحات الخارجة والداخلة والفرافرة وسيوة، وهذا الخزان العملاق الموجود فى الصحراء الغربية مياهه تكونت من قديم الزمن عن طريق الأمطار الغزيرة ويعتبر بحراً تحت الأرض، لكنه غير متجدد وكل متر مياه يستخرج منه لا يأتى غيره.