«الإحصاء القضائى».. مرآة للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية فى المجتمع
ساحات المحاكم شاهدة على عشرات القضايا البطل فيها التلاعب فى المعلومات
يُعد «الإحصاء القضائى» إحدى أدوات وزارة العدل، التى من خلالها تضع خطتها لتوزيع العمل القضائى، ولمعرفة احتياجات المحاكم، كما يسهم فى تحقيق أهداف الدولة لمعاجلة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، لما يتضمّنه هذا الإحصاء من أرقام وبيانات دقيقة خاصة بعدد القضايا، على اختلاف أنواعها، سواء كانت جنائية أو مدنية أو «أحوال شخصية» أو اقتصادية، إضافة إلى نسب الفصل فى تلك القضايا بكل محكمة، وعدد الأحكام الصادرة فيها.
ووفقاً لمصادر قضائية، كان يتم طبع هذا الإحصاء فى كتاب يتم إرساله إلى جميع الوزارات والسفارات والبعثات الدبلوماسية، ومجلس الوزراء، للاستفادة مما يحتويه من بيانات وأرقام تساعد فى وضع رؤية وحلول للتغلب على تلك المشكلات، موضحة أن الإحصاء لم يكن تستفيد منه الوزارات فقط، بل كان بمثابة عامل رئيسى فى وضع وزارة العدل خطتها لتوزيع العمل بالمحاكم على القضاة.
وتشير المصادر فى هذا السياق إلى أنه كان يتم الاستفادة من «الإحصاء القضائى» فى وضع الحركة القضائية، فعلى سبيل المثال كان يتم من خلاله معرفة القضايا بكل محكمة، ونسبة الفصل فيها، وبناءً عليه يتم توزيع القضاة، فمثلاً لو أن محكمة الفيوم بها 100 قضية، ومحكمة كفر الشيخ بها 10 آلاف قضية، كان يراعى ذلك فى توزيع القضاة، من خلال زيادة عدد القضاة بالمحكمة المكدّسة بالقضايا، وتقليل عدد القضاة فى المحاكم الأخرى التى بها عدد قضايا ضئيل.
«عبدالرحمن»: يعطى دلالات موثّقة بالأرقام على حجم وأنواع الجرائم فى مصر من خلال عدد القضايا الجنائية وتصنيفها
وأضافت المصادر أن أكثر الفترات التى كان يصدر فيها «الإحصاء القضائى» هى فترة تولى الوزيرين فاروق سيف النصر، وممدوح مرعى، مقاليد وزارة العدل، وكان يتم إعداد الإحصاء سنوياً، ويتم توزيعه على الجهات السالف الإشارة إليها، مشيرة إلى أنه خلال فترة تولى «مرعى» كان يتم الاستفادة من الإحصاء فى تخصّص القضاة، بحيث يظل القاضى الذى يعمل فى قضايا الأحوال الشخصية، متفرغاً لها، على عكس ما هو موجود حالياً من قيام بعض القضاة بالعمل يومين فى محاكم الجنح، ويوماً فى المحاكم المدنية.
وتوضح المصادر أنه كان يتم الاستفادة أيضاً من الإحصاء القضائى فى معرفة عدد المحاكم الموجودة، واحتياجات كل محكمة، وإنجاز كل محكمة لتحفيز الذى ينجز فى الفصل فى القضايا، ومعرفة أسباب البطء فى المحاكم التى بها بطء فى الفصل، للعمل على إزالة تلك الأسباب، واصفة «الإحصاء» بأنه كان «مراية» للدولة تعرف من خلالها نسب الطلاق والزواج، ونسبة إنجاز القضايا فى جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية.
وانتقد قضاة، رفضوا ذكر أسمائهم، تجاهل وزارة العدل لإصدار هذا الإحصاء السنوى، وكشفوا لـ«الوطن»، أن الموقع الإلكترونى للوزارة على بوابة الحكومة، يحتوى على مشروعات مركز المعلومات القضائى التى ما زالت تحت التطوير، ومنها مشروع الإحصاء القضائى.
من جانبه، قال المستشار أحمد عبدالرحمن، النائب الأول لرئيس محكمة النقض، وعضو مجلس القضاء الأعلى الأسبق، إن أهمية الإحصاء القضائى أنه يعطى دلالات موثّقة بالأرقام على زيادة أو انخفاض معدلات الجريمة فى مصر، وذلك من خلال عدد القضايا الجنائية وتصنيفها، سواء كانت جرائم سرقة أو قتل أو نصب أو تزوير أو اختلاس للمال العام، ونسبة الفصل فى تلك القضايا من خلال الأحكام الصادرة فيها.