الجمالية: منازل من الطوب الجيرى.. وأصحابها تحت رحمة تصريح «الحى» بالتنكيس
أهالى الجمالية خائفون من انهيار منازلهم
خلف مسجد الحسين تقع منطقة الجمالية التى تضم عقارات عديدة منها حديثة البناء وأخرى قديمة آيلة للسقوط فوق ساكنيها؛ ففى شارع درب المسمط الذى يقع خلف قصر «المسافرخانة» توجد تلال من القمامة تؤدى إلى حارة «قفطان أغاث» المليئة بعقارات متهالكة ذات ممرات ضيقة مر عليها أكثر من 100 عام، حيث ظهر ممر ضيق ومتعرج ذو سقف منخفض يشبه الممرات التى تقودك لسرداب سرى يسمح بمرور شخص واحد فقط خلاله ليؤدى إلى منزل الأرملة راوية عبدالرحمن، الشهيرة بأم حسين، 53 عاماً، تقطن بالعقار رقم 9 المكون من طابق واحد فقط مع أبنائها: «ده بيت حمايا واتجوزت فيه من 24 سنة وقاعدة فيه دلوقتى مع ولادى حسين 22 سنة وإسراء فى أولى ثانوى»، أرض غير مستوية من البلاط المتراص بشكل عشوائى هو ما وضعته «راوية» بعد أن لاحظت هبوطاً بأرض المطبخ، فضلاً عن بقع الأسمنت التى تغطى جميع حوائط المنزل فى محاولة منها لسد الشقوق لإطالة عمره الذى لا تعلمه بالضبط، ولكنها تعلم من زوجها الذى توفى منذ عام وشهر عن عمر يناهز 62 عاماً أنه تربى به منذ الصغر، لافتة إلى أن زلزال 1992 تسبب فى تفكك البيت وتشققه فيما بعد: «أرض البيت هبطت لتحت شوية، ساعتها وجوزى قبل ما يموت بسنتين لقينا تراب بيقع من السقف فى مدخل البيت واتخضينا، وقام سند السقف بعمود خشب هو اللى ماسك البيت لحد دلوقتى»، كما توضح «أم حسين» أنهم رمموا المنزل عدة مرات، ولكن دون جدوى لأنه مكون من حجارة جيرية صغيرة تتفتت مع الوقت، بالإضافة أن المنزل مسقوف بالخشب.
بعد عقارين من منزل «أم حسين» يقع العقار رقم 3 الذى تقطن به سماح عيسى، 37 عاماً، مع أسرة زوجها، وتروى «سماح» أن العقار يملكه والد زوجها وأنها تسكن بالطابقين الثانى والثالث مع طفليها «بسملة»، 10 أعوام، و«يوسف»، 6 سنوات، لعدم قدرتهم على تحمل نفقات الإيجار الجديد: «جوزى موظف حكومة ومرتبه 1400 جنيه وده هيكفى مصاريف دروس ولا أكل ولا ميّه ولا نور»، وتشرح «سماح» الوضع المتدهور للعقار من الداخل حيث سقطت أرض الحمام من قبل على الشقة بالطابق الأرضى التى توجد أسفلها ويسكن بها شقيق زوجها، بالإضافة إلى انهيار الحائط المجاور لباب الحمام ما كلفهم 7000 جنيه إصلاحات: «بخاف أشغل الغسالة للبيت يقع لأنه بيتهز جامد بسببها»، وتضيف أنه فى كثير من الأحيان يرفض مدرسو ابنتها القدوم للمنزل لإعطائها دروساً خصوصية خوفاً على أرواحهم: «مرة كانت بنتى بتاخد درس عربى فى الصالة لما المدرس شاف سلفتى وقعت افتكر البيت بيتهز ونزل يجرى فى الشارع ويقول البيت بيقع، وقرايبنا بيخافوا يزورونا».
«سماح»: أقاربنا يخافون زيارتنا.. و«فاطمة»: «أى بيت ينهار بيسمّع فى البيت اللى جنبه»
وتتدخل فى الحديث فاطمة سعد، 53 عاماً، سلفة «سماح»، التى تقيم بالطابق الأول من نفس العقار، لتوضح أن جميع عقارات منطقة درب المسمط يزيد عمرها على الـ100 عام، وأنهم حينما يشعرون باهتزاز العقار يهربون جميعاً بأطفالهم للشارع مبتعدين عنه، كما تعبر عن خوفها الدائم من انهيار العقار الملاصق لبيتهم: «أنا بخاف أنفض التراب من الشقة لأن الحجر بتاع البيت بايش، فما بالك بالبيت ده حالته متدهورة ولو وقع هياخد بيتنا معاه، لأن لو وقع بيت واحد بتلاقيه بيسمّع فى اللى جنبه».
بينما تقول رابحة متولى، 55 عاماً، من ساكنى درب المسمط: «مهما نصلح فى البيت يتكسر، وسلم الدور الثالث كذا مرة نصلحه ويقع والسلالم أكتر حاجة بنخاف منها»، لافتة إلى انهيار أحد حوائط الطابق الثالث على حوش منزل أحد الجيران منذ 8 أشهر، وأنهم تقدموا بطلب للحى بإعادة بناء الحائط ولكن لم يتم الرد عليهم حتى الآن: «مستنية ورقة من الحى عشان أبنى الحيطة لأنى لو بنتها من غير تصريح هيطلع عليا غرامة».
وفى حارة الشيخ إسماعيل بشارع الدنشارى المتفرع من شارع كفر الزغارى بالجمالية تقطن مها على الدين، 42 عاماً، بالدور الأرضى بعقار رقم 11 وحدها بعد وفاة السيدة التى كانت تقيم بالطابق الثانى من نفس العقار منذ نحو 6 أعوام، وتروى قصة الشقة التى تربت بها وعادت لتعيش بها مع أبنائها بعد طلاقها منذ نحو 17 عاماً وتدفع لها إيجاراً 7 جنيهات شهرياً لتجد حالتها أسوأ من الماضى: «الحيطان مملحة وبتطرد البياض مش عارفين ليه، وبصلح اللى بقدر عليه، والبيت عامل زى الجلابية القديمة مهما تخيطى فيها بالإبرة تتقطع».
«مها»: البياض بيقع من على حوائط البيت.. وابنتها: الثعابين بتطلع من بين بلاط الحوش.. و«مديحة»: السقف بيسقّط تراب علينا وإحنا نايمين
وتقطع ابنتها ميار محمد، 22 عاماً، الحديث، مشيرة إلى شرخ بسقف حمام منزلهم، وتقول إن الثعابين تنفذ من خلالها، ما دفعهم لوضع «شيح» بجميع أركان المنزل لطردها، بعد أن رفض المقاول سدها خوفاً من انهيار المنزل: «الثعابين كانت بتطلع من بين البلاط فى الحوش وإحنا سديناها، ومرة أخويا أحمد لقاه فى جزمته بس القطة أكلته وربنا سترها».
بينما تجلس مديحة إبراهيم، 52 عاماً، فى شرفة بيتها الموجود بنهاية حارة الشيخ إسماعيل تنظر لآثار الهدم الناتجة عن انهيار أحد العقارات القديمة بالحارة منذ عامين، ويفصل بينه وبين بيتها عقار واحد فقط شاردة الذهن فى مصيرها المجهول فهى الأخرى انتقلت بعد وفاة زوجها منذ 5 أعوام لعقار والدها المكون من طابقين ورثته عنه مع شقيقاتها الأربع يصل عمره لنحو 120 عاماً، وتصف وضع منزلهن وقت الحادثة: «لما البيت وقع الشارع كله تراب وشكله مخيف وبيتنا اتهز، وسبته وقعدت أنا وأخواتى البنات عند أولادنا لمدة 10 أيام»، وتتابع أنها تلجأ لإخفاء الشروخ التى ظهرت بالعديد من جدران المنزل بوضع الأثاث أمامها: «البيت مخرم كله وإحنا سادينه بحتت قماش، ومداريين شرخ كبير بالدولاب عشان شكله وحش، وإمبارح وإحنا نايمين كان السقف بيوقع علينا تراب».
وفى حارة بئر العلوة بشارع سيد الدواخلى تسكن وفاء أبوالعزم، 30 عاماً، بشقة بالدور الأرضى مكونة من 3 غرف فقط مع زوجها وابنيها اللذين لم تتعد أعمارهما الـ14 عاماً وأشقاء زوجها الخمسة بعقار رقم 20 المكون من 5 طوابق مهددة بالسقوط فى أى وقت: «الثلاثة أدوار الأخيرة جايلها قرار إزالة وما اتنفذش، وصاحب البيت مطنش عشان عاوز يطردنا لأننا الإيجار القديم الوحيد اللى فى البيت وبندفع 2 جنيه».