الدرب الأحمر: عقارات تحتاج إعادة البناء.. والأهالى: البديل قبل الإخلاء
تهالك الحوائط يهدد أهالى الدرب الأحمر
خلف مسجد الأزهر تستقر منطقة الدرب الأحمر، التى تعد جزءاً من حى وسط حيث تتوسط محافظة القاهرة، وهى أقدم أحيائها على الإطلاق، تحتوى على شوارع طويلة بها بيوت عتيقة، حاول أهلها إصلاحها مرات عديدة دون جدوى، يعيشون فى انتظار الموت فى أى لحظة، ويشاهدون تساقط أجزاء من بيوتهم فى كل يوم.
يقول محمد عبدالله: «اتولدت فى بيت رقم 2 حارة الأربعين بالكحكيين بمنطقة الدرب الأحمر، البيت مر عليه أكتر من 100 عام أبويا كان وارثه من جدى، عشت فيه 25 سنة مع أبويا، البيت مشرخ من كل ناحية رممناه كتير بس خلاص هو محتاج إعادة هيكلة، الحى مش بييجى إلا لما البيت يقع على السكان، من نحو 10 سنين واحد جه من الحى وسجل بياناتنا وقال إن البيت اتحط فى خطة الترميم ومن وقتها محدش جه تانى، فيه بيت وقع قبلنا بشارع والحى سكّن الناس فى خيام، وأنا بقول للحى اهتموا بالبيوت القديمة، وفروا لنا شقق من غير ما نخرج من مكانا».
وبداخل درب شغلان بالدرب الأحمر يوجد عقار رقم 93 الذى مر عليه أكثر من مائة عام فقرر صاحبه هدمه نظراً لتعدد الشروخ به، وقد اعترض السكان وكان من بينهم علية عبدالمعطى، 70 عاماً، قائلة: «أبويا وأمى كانوا ساكنين فى الدور التانى من البيت وأنا كبرت واتجوزت فيه، رممت أجزاء منه قدر استطاعتى لأن معاشى 2000 جنيه، وأنا مريضة رجلى بها شريحة ومسامير وأنفق على علاجى، صاحب البيت طلب مننا إخلاءه ورفض ياخد إيجار والبيت بنرممه على طول، الشروخ موجودة من البيت من برة والمدخل، بس شقتى بحالتها حلوة، نفسى الحى يرممه من غير ما أخرج من هنا».
«محمد»: البيت فى خطة الترميم منذ 10 سنوات.. و«علية»: صاحب البيت يريد هدمه لكن الشروخ من الخارج فقط.. و«حسين»: لو اشتكينا بيطلبوا مننا الإخلاء بدون توفير حل
كما يوجد بدرب شغلان عقار 82 الذى يشبه مدخله المقابر، فهو عبارة عن ممر رفيع لا يوجد به مصدر للإضاءة وبصعود السلم المنكسرة درجاته تجد حجرة تسكنها فاطمة شكرى، 23 سنة، التى تحكى عن قصتها قائلة: «جوزى محبوس عليه حكم بسنتين، وأنا سكنت مع حماتى قبل ما تموت، عندى 3 أطفال مفيش دخل ثابت لنا، أهل جوزى بيدونى 50 جنيه أسبوعياً، بحس بخوف شديد على أولادى وأنا ساكنة هنا وبيزداد أكتر لما يكون فيه مطر، من كتر خوفى وإحساسى إن البيت هيقع بخرج بأولادى فى الشارع، نستحمل البرد والمطر أحسن من موتنا تحت البيت، عشان ماعنديش مصدر للدخل ومش هعرف أشتغل لأن ولادى صغيرين بضطر أستحمل، نفسى فى شقة فى أى مكان المهم أخرج من هنا أنا وأولادى بخير».
وبنهاية حارة شغلان توجد حارة أصلان بالدرب الأحمر التى تسكن بها ناهد منصور، 49 سنة، مع زوجها فى شقة مكونة من حجرتين داخل عقار رقم 35 الذى مر عليه 50 عاماً: «سكنت هنا من 30 سنة لما اتجوزت، جوزى كان شغال فى صناعة الأحذية ودلوقتى عدّا 60 سنة ده غير إنه مريض، مبقاش يقدر يشتغل، بياخد 360 جنيه معاش اجتماعى بندفع منه كل حاجة، البيت فيه شقوق والمطر بينزل علينا، ومش قادرين نتحمل فلوس الإيجار، الرطوبة تعبت جسمنا ده غير الخوف اللى بنعيشه كل لحظة، نفسنا نعيش زى أى حد فى بيت كويس بس مش هنخرج من هنا، مش هنقدر نعيش فى الأماكن الجديدة لأن كل حاجة فيها غالية».
ولم يقتصر الأمر على عقار 35 فقط؛ حيث يمتلئ شارع أصلان الواقع خلف حديقة الأزهر فى نهايته بالمنازل المهددة بالسقوط، فتقول منيرة مصطفى، طالبة بالصف الثالث الثانوى: «إحنا ساكنين 5 أفراد فى شقة فى بيت رقم 42 بحارة أصلان، عبارة عن أوضة وحمام ومطبخ، أجزاء كتيرة وقعت من السلم والحمام، رممنا كتير أول بأول بس دلوقتى مبقاش له لازمة، البيت عمره يتعدى 70 سنة، وأبويا شغال فى بيع مستلزمات التنجيد وبيصرف على علاج ستى ده غير تعليمى أنا وأخويا، نفسنا فى شقة تحمينا من المطر، عشان لما بينزل بيسبب ماس كهربى فى الشقة كلها».
«فاطمة»: أخرج بأولادى من البيت عند سقوط المطر.. و«أحمد»: البيت فيه 4 أسر وحمام مشترك.. و«بهية»: الحى لما بيعرف إننا بنرمم بيعمل لنا محضر
وبعقار 54 بحارة أصلان يسكن محمود حسين، 64 سنة، مع زوجته وابنه داخل حجرة فى منزل ممتلئ بالشروخ قائلاً: «البيت كان ملك حمايا وأنا سكنت فيه، حصل فيه شروخ كتير عشان هو قديم عمره أكتر من 70 سنة، الحى بييجى لما البيت يقع خالص، ولو قدمنا شكوى يقولوا لنا اخلوا البيت من غير ما يوفروا لنا حل بديل، وأنا دلوقتى معاشى 750 جنيه باصرف منه على الأكل والشرب وعلاج مراتى، كنت شغال منجد بس بعد ما جالى جلطة فى المخ مابقتش قادر أشتغل».
ويقول أحمد محمود، 28 سنة: «أنا ساكن فى بيت رقم 50 بحارة أصلان الذى يتكون من 4 أوض وحمام مشترك للجميع، وفى كل أوضة أسرة يتراوح عدد الأفراد بها من 2: 6 أفراد، عمر البيت يزيد على مائة عام مبنى من القصرومل، ودا بيتحول لتراب بمرور الزمن، بنحاول ترميمه بجهود ذاتية، أنا عايش مع مراتى وعندى بنتين فى أوضة واحدة إيجارها 200 جنيه، شغال منجد أفرنجى، مفيش دخل ثابت، ومش قادر على إيجار شقة، اللحمة مش بتدخل بيتنا إلا فى عيد الأضحى، ودلوقتى أنا محتاج عملية تركيب مفصل هتتكلف 20 ألف بعد تحمل الدولة جزء منها وإلا هفضل طول حياتى على عكاز».
كما تسكن بهية عبدالونيس، 72 سنة، فى عقار رقم 51 بحارة أصلان، الذى ورثته مناصفة مع قريبتها: «نصيبى من البيت عبارة عن أوضة وحمام، رممت كتير بس مفيش فايدة، البيت بقاله أكتر من 80 سنة، معاشى 800 جنيه باصرف منه على علاجى، نفسى أسكن فى مكان نضيف، مابقتش قادرة أتحمل ريحة التراب اللى بيقع من البيت كل، والحى لما بيعرف إننا بنرمم بييجى يسجل محضر، قدمت على شقق تبع الحى من 2008 ومحدش اهتم».