بولاق أبوالعلا: مبانٍ عمرها 100 عام وأصحابها يرفضون تركها رغم خطورة البقاء
منازل فى بولاق أبوالعلا آيلة للسقوط
على الجهة الأخرى لمثلث ماسبيرو بمنطقة بولاق أبوالعلا الجارى إخلاؤه حالياً وتعويض أسره من أجل تطوير المنطقة على المدى البعيد، تجد العديد من العقارات القديمة التى تعدى عمر بعضها الـ100 عام، يسكنها أناس لا يعلمون موقفهم بالنسبة للتطوير الذى يتم على الجهة المقابلة لهم من شارع الصحافة، فى حارة درب البسايطة المتفرعة من شارع بولاق أبوالعلا الجديد يوجد عقار من 5 طوابق ذو بوابة خشبية ضخمة تؤدى لغرفة بالدور الأرضى تجلس بها سيدة سبعينية على أريكة بالية تشاهد التلفاز بصوت مرتفع لا تبالى بما يحيطها من جدران تقشرت مع مرور الزمن لتظهر الأحجار المكونة للمنزل الذى فضلت المكوث فيه على البقاء مع أحد أبنائها الأربعة بالرغم من كونه مهدداً بالسقوط فى أى لحظة، هى صفية على، الشهيرة بـ«أم مجدى»، التى تروى حكاية منزلها الذى لا تتذكر عمره بالضبط ولكنها تتذكر أنها ورثت نصفه هى وأشقاؤها الأربعة بعد وفاة والدهم: «البيت ده من سنين وربى أجيال من زمان، وأبويا بيملك نصه، ولما اتطلقت واتطمنت إن عيالى اتجوزوا جيت قعدت فيه تانى»، وتوضح أن أشقاءها باعوا نصيبهم لمالك النصف الآخر من البيت الذى أزال الطوابق الأربعة الأخيرة تمهيداً لهدمه، وحاول إقناعها بشراء نصيبها من العقار ولكنها رفضت: «الراجل اللى اشترى منهم كان عاوز يطردنى برة البيت بأى طريقة عشان ياخده كله بس ماعرفش، وفضلت فى ملكى هو الدور الأرضى»، لافتة إلى أن حالة العقار كانت جيدة حتى تم بناء عقار مكون من 8 طوابق خلف منزلها: «البيت ما اتشققش إلا لما اتبنت العمارة اللى ورايا دى، ومش هينفع أسيب البيت لأنى مش هقدر على الخلو والإيجارات وأنا يا دوبك بكفى المصاريف بـ620 جنيه معاش الشئون»، وتعبر «أم مجدى» عن إصرارها على عدم ترك منزلها الذى تربطها به العديد من الذكريات: «عيالى قالوا لى كتير تعالى عندنا للبيت يقع عليكى وأنا أقولهم لا أنا هقعد هنا فى وسط أهلى وعزوتى ومش عند حد».
وفى شارع «على يونس»، الذى يقع خلف مستشفى الجلاء للولادة، تقيم دعاء محمد، 27 عاماً، ربة منزل، فى العقار رقم 18 المكون من طابقين وبه 6 غرف تؤويها هى وطفلها «سليمان»، 8 سنوات وأشقاءها الخمسة بأسرهم، موضحة أن عمر البيت يتجاوز الـ100 عام: «البيت ده ملك أبويا ومن أيام الجدود، ورجعت أعيش فيه تانى من 9 سنين بعد ما اتوفى زوجى، لأن مش هقدر على إيجار الشقة اللى كنت عايشة فيها»، 3 هو عدد طوابق العقار قبل زلزال 1992 الذى تسبب فى شروخ بجدرانه، خاصة بالطابق الثالث، ما أدى لإزالته من قبَل الحى وتعويض أعمامها القاطنين به بشقق فى مساكن الزلزال بالمقطم: «البيت كان فيه 10 أسر وبعد الإزالة أصبحنا 6 أسر بس، أنا وأخواتى الخمسة وعيالنا»، كما تضيف أنها تمنع ابنها من اللعب على السطح بكرة القدم خوفاً من انهيار السقف الذى تشعر باهتزازه، لافتة إلى أن والدها قبل وفاته منذ 4 سنوات رمم العقار، حيث بلط مدخل العقار ووضع بوابات حديد، وتصمت «دعاء» لوهلة، ثم تقول وهى تبتسم: «إحنا مش خايفين من البيت، ومن 10 سنين لجنة من الحى قالت لنا إنهم هيشدوا بيوت بولاق ولحد النهارده ماعملوش أى حاجة»، معبرة عن خوفها من إجبارها هى وأقاربها على إخلاء بيتهم كما يحدث فى منطقة مثلث ماسبيرو، وتفسر ذلك بأن المنزل يضم العديد من ذكريات طفولتها، فضلاً عن موقعه القريب من منطقة وسط البلد: «مش عاوزين نمشى من منطقتنا لأن أخويا الكبير شغال سايس فى جراج هنا وأختى موظفة فى إدارة الكهرباء اللى ورانا فلو طلعنا برة عيشنا هيتقطع».
«دعاء»: «الحى» قال لنا هيرمم بيوتنا وما عملش حاجة.. و«صفية»: ورثت نص البيت وصاحب النص التانى عاوز يطردنى
أمام العقار الملاصق لعقار «دعاء» تجلس سناء حسين، 55 عاماً، تفكر فى مصيرها هى وأولادها الأربعة بعد أن فرغت من ملء أحد شقوق الغرفة التى تقيم بها فى الدور الأرضى بالأسمنت من العقار الذى لا تعلم عمره بالتحديد ولكنها تزوجت به منذ 35 عاماً، وتقول: «جوزى عنده 59 سنة وصنايعى فى ورشة وبندفع إيجار 40 جنيه للشقة، ونفسنا ننكس البيت لكن الظروف مش سامحة»، وتتابع أن المنطقة شهدت انهيار العديد من العقارات القديمة: «من 5 سنين بيتين وقعوا فى الشارع اللى قصادنا وأصحابهم خدوا شقق ومشيوا».